الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خُرُوجُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الطَّائِفِ
لَمَّا ازْدَادَتْ وَطْأَةُ قُرَيْشٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، واشْتَدَّ أذَاهَا لَهُ بَعْدَ أَنْ صَارَ وَحِيدًا بِلَا نَصِيرٍ يَحْمِيهِ ويُؤْوِيهِ مِنَ النَّاسِ، ولَمَّا زَهِدَتْ قُرَيْشٌ في الإِسْلَامِ، وانْصَرَفَتْ عَنْهُ، رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّ الدَّعْوَةَ في قُرَيْشٍ لَمْ تَعُدْ مُجْدِيَةً، وبَدَأَ يُفَكِّرُ بِالخُرُوجِ مِنْ مَكَّةَ إِلَى بَلَدٍ آخَرَ لَعَلَّهُ يَجِدُ فِيهِ نَصِيرًا، وقَبُولًا، واسْتِجَابَةً لِمَا جَاءَ بِهِ مِنَ اللَّهِ عز وجل.
فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ إِلَى الطَّائِفِ حَيْثُ تَقْطُنُ (1) ثَقِيفٌ (2)، يَلْتَمِسُ نُصْرَتَهُمْ، والمَنَعَةَ بِهِمْ مِنْ قَوْمِهِ.
وَقَصَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الطَّائِفَ، إمَّا لِأَنَّهُ المَرْكَزُ الثَّانِي لِلْقُوَّةِ والسِّيَادَةِ في الحِجَازِ بَعْدَ مَكَّةَ، أَوْ لِأَنَّ أخْوَالَهُ مِنْ بَنِي ثَقِيفٍ مِنْ جِهَةِ حَلِيمَةَ السَّعْدِيَّةِ، فَرَأَى أَنْ يَخْرُجَ إِلَى الطَّائِفِ، يَلْتَمِسُ مِنْ ثَقِيفٍ النَّصْرَ والمَنَعَةَ لَهُ مِنْ قَوْمِهِ، وكَانَ يَرْجُو أَنْ يَهْدِيَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فَيَسْتَجِيبُوا لِدَعْوَتِهِ (3).
(1) قَطَنَ المكان: إِذَا لَزِمَهُ. انظر لسان العرب (11/ 231).
(2)
قال الشيخ أبو الحسن في كتابه السِّيرة النَّبوِيَّة ص 144: مما يُذْكَر لثقيفٍ منَ المَآثِرِ أنَّه ارتَدَّ كثيرٌ من العرَبِ بعدَ وفاةِ النبي صلى الله عليه وسلم إلا قُرَيشًا وثَقِيفًا، وكان لهم أثرٌ وبَلاء في الحُرُوب الإسلامية، ومواقِفَ بُطُولية مَحْمُودة.
(3)
انظر السِّيرة النَّبوِيَّة لأبي الحسن النَّدْوي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ص 144.