الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ الشَّيْخُ عَلِي الطَّنْطاوِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: ودَعاهُمُ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم إِلَى مَا هُوَ أشَدُّ مِنْ هَذَا كُلِّهِ، إِلَى فِراقِ الوَطَنِ، وتَركِ الأَهْلِ، وَأَنْ يَمْشُوا فِرارًا بِدِينِهِمْ إِلَى بِلادٍ لَيْسُوا مِنْهَا، ولَيْسَتْ مِنْهُمْ، ولا لِسَانها لِسانُهُمْ، ولا دِينُها دِينُهُمْ، إِلَى الحَبَشَةِ، فَخَرَجُوا مِنْ مَنازِلهِمْ وهَجَرُوا أهْلِيهِمْ، ومَشَوْا إِلَى الحَبَشَةِ، فَلَحِقَهُمْ أَذَى قُرَيْشٍ إلى الحَبَشَةِ، وأَوْغَلَتْ قُرَيْشٌ في كُفْرِها وصَدِّها وعِنادِها، ولَكِنْ هَلْ تَقْدِرُ قُرَيْشٌ أَنْ تُطْفِئَ نُورَ اللَّهِ تَعَالَى؟ (1).
*
عَدَدُ المُهاجِرِينَ إِلَى الحَبَشَةِ:
فَخَرَجَ عِنْدَ ذَلِكَ جَماعَةٌ مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَى أَرْضِ الحَبَشَةِ مَخَافَةَ الفِتْنَةِ، وفرارًا إِلَى اللَّهِ بِدِينِهِمْ، فَكَانَتْ أَوَّلُ هِجْرَةٍ في الإِسْلامِ، وَذَلِكَ في رَجَبٍ مِنَ السَّنَةِ الخَامِسَةِ لِلْبِعْثَةِ، وَكَانُوا أَحَدَ عَشَرَ رَجُلًا وأرْبَعَ نِسْوَةٍ (2).
وأَوَّلُ مَنْ خَرَجَ إِلَى الحَبَشَةِ هُوَ عُثْمانُ بنُ عَفَّانَ رضي الله عنه، ومَعَهُ زَوْجُهُ رُقَيَّةُ بِنْتُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم.
رَوَى الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمنِ بنِ إسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْدٌ قَالَ: قَالَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إنَّهُما -أَيْ عُثْمانُ وَرُقَيَّةُ- لَأَوَّلُ مَنْ هَاجَرَ بَعْدَ لُوطٍ وإبْراهِيمَ عليهما السلام"(3).
(1) انظر كتاب رجال من التاريخ للشيخ علي الطنطاوي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ص 14.
(2)
انظر الطبَّقَات الكُبْرى (1/ 98) - زاد المعاد (3/ 26) - البداية والنهاية (3/ 74) - وفتح الباري (7/ 584).
(3)
أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب معرفة الصحابة رضي الله عنهم باب ذكر أوَّل =
أَمَّا البَاقُونَ مِنَ الرِّجَالِ، وهُمُ العَشَرَةُ؛ لِأَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه الحَادِيَ عَشَرَ: أَبُو حُذَيْفَةَ بنُ عُتْبَةَ بنِ رَبِيعَةَ، والزُّبَيْرُ بنُ العَوَّامِ، ومُصْعَبُ بنُ عُمَيْرٍ، وعَبْدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوْفٍ، وأَبُو سَلَمَةَ بنُ عَبْدِ الأسَدِ، وعُثْمانُ بنُ مَظْعُونٍ، وعامِرُ بنُ رَبِيعَةَ، وأَبُو سَبْرَةَ بنُ أَبِي رُهْمٍ، وسُهَيْلُ بنُ بَيْضاءَ، وَأَبُو حاطِبُ بنُ عَمْرٍو.
وَأَمَّا النِّسْوَةُ الثَّلَاثُ ورابِعَتُهُنَّ رُقَيَّةُ بنتُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم كمَا ذَكَرْتُ آنفًا فَهُنَّ: سَهْلَةُ بِنْتُ سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو زَوْجَةُ أَبِي حُذَيْفَةَ بنِ عُتْبَةَ، وَوَلَدَتْ بِالحَبَشَةِ ابْنَها مُحَمَّدَ بنَ أَبِي حُذَيْفَةَ، وأُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ أَبِي أُمَيَّةَ زَوْجَةُ أَبِي سَلَمَةَ بنِ عَبْدِ الأسَدِ، وَوَلَدَتْ بِالحَبَشَةِ ابْنَتَها زَيْنَبَ بِنْتَ أَبِي سَلَمَةَ، ولَيْلَى بِنْتُ أَبِي حَثْمَةَ زَوْجَةُ عامِرِ بنِ رَبِيعَةَ، فَهَؤُلاءُ أوَّلُ مَنْ خَرَجَ مِنَ المُسْلِمِينَ إِلَى الحَبَشَةِ، وَكَانَ أَمِيرًا عَلَيْهِمْ عُثْمانُ بنُ مَظْعُونٍ رضي الله عنه (1).
وَكَانَ رَحِيلُهُمْ رضي الله عنهم تَسَلُّلًا في الخَفَاءَ، وَقَدْ خَرَجُوا مُتَّجِهِينَ إِلَى البَحْرِ، مِنْهُمُ الرَّاكِبُ والمَاشِي، ووَفَّقَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُسْلِمِينَ سَاعَةَ جاؤُوا سَفِينَتَيْنِ لِلتِّجَارَةِ حَمَلُوهُمْ فِيهِمَا إِلَى أَرْضِ الحَبَشَةِ بِنِصْفِ دِينَارٍ، وفَطِنَتْ لَهُمْ قُرَيْشٌ، فَخَرَجَتْ فِي آثَارِهِمْ، لَكِنْ عِنْدَمَا بَلَغَتْ قُرَيْشٌ السَّاحِلَ كَانَ
= من هاجر بعدَ لُوط وإبراهيم عليهما السلام رقم الحديث (6933) - وأورده الحافظ في الإصابة (8/ 138) ونسبه إلى ابن منده، وقال: إسناده واهٍ - وانظر السلسلة الضعيفة للألباني - رقم الحديث (4464).
(1)
انظر سيرة ابن هشام (1/ 359 - 360) - فتح الباري (7/ 584) - الطبَّقات الكُبْرى لابن سعد (1/ 98).