الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ العَبَّاسُ بنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ (1) رضي الله عنه يَمْدَحُ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم:
وأنْتَ لَمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَتْ
…
الأرْضُ وَضَاءَتْ بِنُورِكَ الأُفُقُ
فَنَحْنُ في ذَلِكَ الضِّيَاءِ وَفِي
…
النُّورِ وَسُبُلِ الرَّشَادِ نَخْتَرِقُ
*
خِتَانُ رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ سَابِعِهِ وتَسْمِيَتُهُ مُحَمَّدًا:
وَلَمَّا كَانَ اليَومُ السَّابعُ مِنْ وِلادَتِهِ صلى الله عليه وسلم خَتَنَهُ عَبْدُ المُطَّلِبِ عَلَى عَادَةِ العَرَبِ، وعَقَّ عَنْهُ بِكَبْشٍ، وجَعَلَ لَهُ مَأْدُبَةً، وسَمَّاهُ مُحَمَّدًا (2) صلى الله عليه وسلم ولَمْ يَكُنِ العَرَبُ يَأْلَفُونَ هَذَا الاِسْمَ، فَاسْتَغْرَبَهُ كُلُّ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ قُرَيْشٍ، وسَأَلُوا عَبْدَ المُطَّلِبِ فَقَالُوا: لِمَ رَغِبْتَ بهِ عَنْ أَسْمَاءِ أهْلِ بَيْتِهِ؟ فَأَجَابَهُمْ: أرَدْتُ أَنْ يَحْمَدَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ وخَلْقُهُ فِي الأَرْضِ (3).
وقِيلَ سَبَبُ تَسْمِيَتِهِ مُحَمَّدًا: أَنَّ عَبْدَ المُطَّلِبِ كَانَ مُسَافِرًا إِلَى الشَّامِ مَعَ
(1) هو العباس بن عبد المطلب بن هاشم عَمُّ النبي صلى الله عليه وسلم، وُلِدَ قبل الرسول صلى الله عليه وسلم بسنتين، وكان رضي الله عنه من أطْوَلِ الرجال، وأحسنِهِم صُورة، وأبْهَاهُم، وأجْهَرِهِم صَوتًا، مع الحلم الوافر، والسُؤْدَة، وكان قد وُكِلَ إليه في الجاهلية السِّقَاية والعِمَارة، وحضَرَ بيعَةَ العَقَبَة مع الأنصار قَبْلَ أن يُسْلِم، وأسلم رضي الله عنه قبل الفتح، ومات رضي الله عنه بالمدينة سنة 32 هـ. انظر أسد الغابة (2/ 543).
(2)
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (1/ 669): قال بعض العلماء: ألهَمَهُمُ اللَّه عز وجل أن سمُّوه محمدًا؛ لما فيه من الصِّفات الحَمِيدة؛ ليَلْتَقِي الاسم والفعل، ويتطابَقَ الاسم والمُسَمَّى في الصُّورة والمعنى، كما قال حسَّان بن ثابت رضي الله عنه:
وشَقَّ لهُ مِنِ اسمِهِ لِيُجِلَّهُ
…
فذُو العرشِ مَحْمُودٌ وهذا محمدُ
(3)
انظر دلائل النبوة للبيهقي (1/ 113).
ثَلَاثَةٍ مِنْ أَصْحَابِهِ لِلتِّجَارَةِ، فَبَيْنَمَا هُمْ فِي الشَّامِ الْتَقَوْا بِرَاهِبٍ، فَسَأَلَهُمْ: مِنْ أيْنَ أَنْتُمْ؟ قَالُوا: نَحْنُ مِنْ مَكَّةَ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّ بِلَادَكُمْ سَيَخْرُجُ مِنْهَا نَبِيٌّ، فَسَأَلُوهُ مَا اسْمُ النَّبِيِّ قَالَ:"اسْمُهُ مُحَمَّدٌ"، ولَمْ يَكُنْ اسْمُ مُحَمَّدٍ مَعْرُوفًا عِنْدَ العَرَبِ.
فَلَمَّا رَجَعَ هَؤُلَاءَ الأَرْبَعَةُ عَزَمَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إنْ رُزِقَ بِمَوْلُودٍ يُسَمِّيهِ مُحَمَّدًا.
عَبْدُ المُطَّلِبِ كَبُرَ، فَلَمَّا رُزِقَ ابْنُهُ عبدُ اللَّهِ وَلَدًا سَمَّاهُ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم، وَأَمَّا الثَّلَاثَةُ فَهُمْ: سُفْيَانُ بنُ مُجَاشِعٍ سَمَّى ابْنَهُ مُحَمَّدًا، وأُحَيْحَةُ بنُ الْجَلَّاحِ سَمَّى ابْنَهُ مُحَمَّدًا، وحِمْرَانُ بنُ رَبِيعَةَ سَمَّى ابْنَهُ مُحَمَّدًا، هَؤُلَاءِ أوَّلُ مَنْ سَمَّى مُحَمَّدًا فِي العَرَبِ، كَمَا قَالَ الإِمَامُ السُّهَيْلِيُّ في الرَّوْضِ الأُنُفِ (1).
قَالَ حَسَّانُ بنُ ثَابِتٍ رضي الله عنه:
أَغَرُّ عَلَيْهِ لِلنُّبُوَّةِ خَاتَمٌ
…
مِنَ اللَّهِ مَشْهُودٌ يَلُوحُ ويَشْهَدُ
وَضَمَّ الْإِلَهُ اسْمَ النَّبِيِّ إِلَى اسْمِهِ
…
إِذَا قَالَ فِي الْخَمْسِ الْمُؤَذِّنُ أَشْهَدُ
وَشَقَّ لَهُ مِنِ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ
…
فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وهَذَا مُحَمَّدُ
نَبِيُّ أتَانَا بَعْدَ يَأْسٍ وَفَتْرَةٍ
…
مِنَ الرُّسْلِ وَالأَوْثَانُ فِي الْأَرْضِ تُعْبَدُ
(1) انظر الروض الأنف (1/ 820)
وتعقَّبه الحافظ في الفتح (7/ 247) بقوله: وهذا حَصْرٌ مردُود، وقد جَمَعْتُ أسماء من تسمى بذلك في جزءٍ مفرَدٍ، فبلغوا نحوَ العِشْرين لكنْ مع تَكَرُّرٍ في بعضهم ووهمٍ في بعض فيتلخَّص منهم خمسَةَ عشر نَفْسًا.
فَأَمْسَى سِرَاجًا مُسْتَنِيرًا وَهَادِيًا
…
يَلُوحُ كَمَا لَاحَ الصَّقِيلُ المُهَنَّدُ
وأنْذَرَنَا نَارًا وَبَشَّرَ جَنَّةً
…
وعَلَّمَنَا الإسْلَامَ فَاللَّهَ نَحْمَدُ
وأنْتَ إِلَهُ الْخَلْقِ رَبِّي وخَالِقِي
…
بِذَلِكَ مَا عَمَّرْتُ في النَّاسِ أَشْهَدُ
تَعَالَيْتَ رَبَّ النَّاسِ عَنْ قَوْلِ مَنْ دَعَا
…
سِوَاكَ إِلَهًا أَنْتَ أَعَلَى وأَمْجَدُ
لَكَ الخَلْقُ والنَّعْمَاءُ والأَمْرُ كُلُّهُ
…
فَإِيَّاكَ نَسْتَهْدِي وإيَّاكَ نَعْبُدُ (1)
* * *
(1) انظر ديوان حسان بن ثابت رضي الله عنه ص 54.