الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَحَارِبْ فَإِنَّ الحَرْبَ نُصْفٌ ولَنْ تَرَى
…
أَخَا الحَرْبِ يُعْطَى الخَسْفَ حَتَّى يُسَالِمَا
وكَيْفَ وَلَمْ يَجْنُوا عَلَيْكَ عَظِيمَةً
…
وَلَمْ يَخْذُلُوكَ غانِمًا أَوْ مُغارِمَا
جَزَى اللَّهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ ونَوْفَلًا
…
وَتَيْمًا ومَخْزُومًا عُقُوقًا ومَأْثَما
بِتَفْرِيقِهِمْ مِنْ بَعْدِ وُدٍّ وَأُلْفَةٍ
…
جَمَاعَتَنا كَيْمَا يَنالُوا المَحَارِمَا
كَذَبْتُمْ وبَيْتِ اللَّهِ نُبْزِي مُحَمَّدًا
…
ولَمَّا تَرَوْا يَوْمًا لَدَى الشِّعْبِ قائِمَا (1)
ولَكِنَّ أبَا لَهَبٍ لَمْ يَسْتَجِبْ لِأَخِيهِ أَبِي طَالِبٍ في نُصْرَةِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وسَارَ في رَكْبِ قُرَيْشٍ.
*
وَهْمُ ابنِ سَعْدٍ في أَنَّ ابنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه رَجَعَ إِلَى الحَبَشَةِ:
قُلْتُ: ذَكَرَ ابنُ سَعْدٍ في طَبَقَاتِهِ (2): أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بنَ مَسْعُودٍ رضي الله عنه لَمْ يَدْخُلْ مَكَّةَ، وأنَّهُ رَجَعَ إِلَى الحَبَشَةِ حتَّى قَدِمَ في المَرَّةِ الثَّانِيَةِ إِلَى المَدِينَةِ مَعَ مَنْ قَدِمَ.
وتَعَقَّبَهُ ابنُ القَيِّمِ فَقَالَ: وَرُدَّ هذا بِأنَّ ابنَ مَسْعُودٍ شَهِدَ رضي الله عنه بَدرًا، وأجْهَزَ عَلَى أَبِي جَهْلٍ، وأصْحَابُ هَذِهِ الهِجْرَةِ إنَّمَا قَدِمُوا المَدِينَةَ مَعَ جَعْفَرِ بنِ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه وأَصْحَابِهِ بَعْدَ بَدْرٍ بأرْبَعِ سِنِينَ أَوْ خَمْسٍ.
فَإنْ قِيلَ: بَلْ هَذَا الذِي ذَكَرَهُ ابنُ سَعْدٍ يُوافِقُ قَوْلَ زَيْدِ بنِ أرْقَمَ رضي الله عنه: كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلاةِ، يُكَلِّمُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ، وهُوَ إِلَى جَنْبِهِ في الصَّلاةِ حتَّى
(1) انظر سيرة ابن هشام (1/ 409).
(2)
انظر الطبَّقَات الكُبْرى (1/ 99).
نَزَلَتْ، {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} (1) فأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ، وَنُهِينَا عَنِ الكَلَامِ (2).
وزَيْدُ بنُ أَرْقَمٍ رضي الله عنه (3) مِنَ الأنْصَارِ، والسُّورَةُ مَدَنِيَّةٌ، وحِينَئِذٍ فابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه سَلَّمَ عَلَيْهِ لَمَّا قَدِمَ وهُوَ في الصَّلاةِ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ حَتَّى سَلَّمَ، وأعْلَمَهُ بِتَحْرِيمِ الكَلَامِ، فاتَّفَقَ حَدِيثُهُ وحَدِيثُ زَيْدِ بنِ أرْقَمٍ.
ونَقُولُ: يُبْطِلُ هَذَا شُهُودُ ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه، بَدْرًا، وأَهْلُ الهِجْرَةِ الثَّانِيَةِ إنَّمَا قَدِمُوا عامَ خَيْبَرَ مَعَ جَعْفَرٍ رضي الله عنه وأَصْحَابِهِ، ولَوْ كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه مِمَّنْ قَدِمَ قَبْلَ بَدْرٍ، لَكانَ لِقُدُومِهِ ذِكْرٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ قُدُومَ مُهاجِرِي الحَبَشَةِ إِلَّا في القَدْمَةِ الأُولَى بِمَكَّةَ، والثَّانِيَةُ عامَ خَيْبَرٍ مَعَ جَعْفَرٍ رضي الله عنه، فَمَتَى قَدِمَ ابنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه في غَيْرِ هاتَيْنِ المَرَّتَيْنِ، وَمَعَ مَنْ؟ .
(1) سورة البقرة آية (238).
(2)
أخرجَ هذا الحديثَ الإِمَامُ البخارِيُّ في صحيحه - كتاب العمل بالصلاة - باب ما يُنْهى منَ الكلام في الصلاة - رقم الحديث (1200) - وأخرجه في كتاب التفسير - باب قوله تَعَالَى {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} - رقم الحديث (4534) - وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه - كتاب المَساجد ومواضع الصلاة - باب تحريم الكلام في الصلاة - رقم الحديث (539).
(3)
هو زيدُ بن أرْقَمٍ الخَزْرَجِيُّ الأنصَاريُّ، استُصْغِرَ يومَ أُحُدٍ، وأَوَّلُ مشاهِدِهِ الخَنْدَقُ، وقِيلَ المُرَيْسِيعُ، وغزَا معَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سبعَ عشْرَةَ غَزْوَة ثَبتَ ذلكَ في الصّحيح، وله قِصَّةٌ مشهُورةٌ في نزول سُورة المُنَافِقِينَ، وهوَ الذي سَمعَ عبدَ اللَّه بنَ أبَيِّ بنِ سَلُولَ يقُول: ليُخرِجَنَّ الأعَزُّ منها الأذَلَّ، فأخبر رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فسَأل رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم ابنَ سَلُولٍ فأنْكَرَ، فأنزل اللَّه تَعَالَى تصديقَ زَيْدٍ رضي الله عنه، ثبتَ ذلك في الصَّحيحين، وفيه قال صلى الله عليه وسلم:"إِنَّ اللَّه قدْ صَدَّقَكَ يا زَيْدُ"، ماتَ رضي الله عنه بالكوفة أيامَ المُخْتار سنة ست وستين وقيل سنة ثمان وستين. انظر الإصابة (2/ 487).