الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى} (1).
رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، والإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ عَائِشَةَ رضي الله عنها، قَالَ: قُلْتُ: ألَيْسَ اللَّهُ يَقُولُ: {وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ} (2)، وَقَالَ:{وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (3)، قَالَتْ: أنَا أَوَّلُ هَذِهِ الأُمَّةِ سَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْهَا، فَقَالَ:"إِنَّمَا ذَاكَ جِبْرِيلُ". لَمْ يَرَهُ فِي صُورَتِهِ التِي خُلِقَ عَلَيْهَا إِلَّا مَرَّتَيْنِ: رَآهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ، سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءَ وَالأَرْضِ (4).
*
افْتِرَاضُ الصَّلَوَاتِ الخَمْسِ:
ثُمَّ نَظَرَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم إِلَى جِبْرِيلَ عليه السلام، فَوَجَدَهُ كَالحِلْسِ (5) البَالِي مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ (6)، ثُمَّ غَشِيَتْ تِلْكَ السِّدْرَةَ سَحَابَةٌ، فتَأَخَّرَ جِبْرِيلُ عليه السلام،
= وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (2/ 122): وهذه صفة عظيمة في الثبات والطاعة، فإنه صلى الله عليه وسلم ما فعل إلا بما أُمِرَ به، ولا سأل فوق ما أعطي.
(1)
سورة النجم آية (13 - 18).
(2)
سورة التكوير آية رقم (23).
(3)
سورة النجم آية رقم (13).
(4)
أخرجه الإِمام مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب في ذكر سدرة المنتهى - رقم الحديث (177) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (26040).
(5)
الحِلْسُ: وهو البِسَاطُ والحَصِيرُ. انظر لسان العرب (3/ 283).
(6)
أورد ذلك الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 78) وقال: رواه الطبراني في الأوسط، ورجاله رجال الصحيح - وأورد طرقه الألباني في السلسلة الصحيحة - رقم الحديث (2289) وقال: وبالجملة: فالحديث بمجموع الطريقين حسن أو صحيح، واللَّه أعلم.
وعُرِجَ بِالرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى وَصَلَ إِلَى مُسْتَوًى سَمعَ فِيهِ صَرِيفَ الأَقْلَامِ، قَالَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم:"فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى، فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَرَجَعْتُ فَمَرَرْتُ عَلَى مُوْسَى عليه السلام"، فَقَالَ: بِمَا أُمِرْتَ؟
وَفِي رِوَايَةٍ قَالَ: مَا فَرَضَ اللَّهُ لَكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟
فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسِينَ صَلَاةً كُلِّ يَوْمٍ".
فَقَالَ عليه السلام: ارْجعْ إِلَى رَبِّكَ، فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ، فَإِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، وإِنِّي وَاللَّهِ قَدْ جَرَّبْتُ النَّاسَ قَبْلَكَ، وعَالَجْتُ بَنِي إسْرَائِيلَ أشَدَّ المُعَالَجَةِ، فَارْجعْ إِلَى رَبِّكَ، فَاسْاَلْهُ التَّخْفِيفَ لِأُمَّتِكَ، قال صلى الله عليه وسلم:"فَرَجَعْتُ إِلَى رَبِّي فَحَطَّ عَنِّي خَمْسًا"، فَقُلْتُ:"حَطَّ عَنِّي خَمْسًا"، قَالَ: إِنَّ أُمَّتَكَ لَا يُطِيقُونَ ذَلِكَ، فَارْجعْ إِلَى رَبِّكَ فَسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ. قَالَ صلى الله عليه وسلم:"فَلَمْ أَزَلْ أَرْجعُ بَيْنَ رَبِّي تبارك وتعالى وبيْنَ مُوسَى"، حَتَّى قَالَ اللَّهُ عز وجل: يَا مُحَمَّدُ، إنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ، فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ عَشْرًا، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تَكْتَبْ شَيْئًا، فَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَتْ سَيِّئَةً وَاحِدَةً (1).
قال صلى الله عليه وسلم: فنَزَلْتُ حَتَّى انتهَيْتُ إِلَى مُوسَى فَأَخْبَرتهُ، فَقَالَ: ارْجعْ إِلَى رَبِّكَ
(1) قال الحافظ في الفتح (7/ 619): هذا من أقوَى ما استدل به على أَنَّ اللَّه سبحانه وتعالى كلَّمَ نبيَّهُ محمد صلى الله عليه وسلم ليلةَ الإسراءِ بِغَيْرِ وَاسِطَةٍ.
وقال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (3/ 122): فحصَلَ له التكلِيمُ من الرَّبِّ عز وجل ليلْتَئِذَ وأئمَّة السنة كالمطبِقِينَ على هذا.