الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَقَالَ جِبْرِيلُ عليه السلام: اخْتَرْتَ الْفِطْرَةَ. . " (1).
*
صُعُودُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم فِي المِعْرَاجِ إِلَى السَّمَاوَاتِ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ". . . ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِي -أَيْ جِبْرِيلُ عليه السلام فَعَرَجَ (2) بِي إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَلَمَّا جِئْتُ إِلَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا، قَالَ جِبْرِيلُ عليه السلام لِخَازِنِ السَّمَاءِ: افْتَحْ"(3). فَقَالَ: مَنْ أَنْتَ؟ .
قَالَ: جِبْرِيلُ.
قَالَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ (4).
قَالَ: مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم.
(1) قال الإِمام النووي في شرح مسلم (1/ 184): فسَّرُوا الفِطْرة هنا بالإِسلام والاستِقَامة، ومعنَاهُ واللَّه أعلم: اختَرْتُ عَلامَةَ الإِسلام والاستقامةِ، وجُعِلَ اللبن علامةً لكونه سَهْلًا طَيِّبًا طاهرًا سَائِغًا للشاربين، واللَّه أعلم.
والحديث أخرجه مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب الإسراء برَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إلى السماوات - رقم الحديث (162) - والإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (12505).
(2)
العروج: الصعود. انظر النهاية (3/ 184).
قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (3/ 121): ولم يكن صُعُودُ الرسول صلى الله عليه وسلم إلى السماوات على البُرَاق كما قد يَتَوَهَّمُهُ بعضُ الناس، بل كان البُرَاق مَرْبُوطًا على باب مسجِدِ بيتِ المقدس لِيَرْجعَ عليه إلى مَكَّةَ، فصَعِدَ من سَمَاءٍ إلى سماء في المِعْرَاجِ.
(3)
قال الحافظ في الفتح (2/ 7): وهذا يَدُلُّ على أن البابَ كان مُغْلَقًا.
(4)
قال الحافظ في الفتح (7/ 610): يشعر بأنهم أحسُّوا معه بِرَفِيقٍ وإلا لكان السُّؤال بلفظِ: أمَعَكَ أحدٌ، وذلك الإحساسُ إما بمُشَاهَدَةٍ لكونِ السماء شَفَّافة، وإما بأمرٍ معنَوِيٍّ كزيادةِ أنوارٍ، أو نحوها يشعر بتجَدُّدِ أمرٍ يَحْسُنُ معه السُّؤال بهذه الصِّيغَةِ.
فَقَالَ: وَقَدْ أُرْسِلَ (1) إِلَيْهِ؟
قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: مَرْحَبًا بِهِ (2)، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ. فَفُتِحَ لَنَا.
قَالَ صلى الله عليه وسلم: "فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا، فَإِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَنْ يَمِينهِ أسْوِدَةٌ (3) وَعَنْ يَسَاور أَسْوِدَةٌ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ ضَحِكَ، وإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، فَقُلْتُ: مَنْ هَذَا يَا جِبْرِيلُ"؟
قَالَ: هَذَا أَبُوكَ آدَمُ، فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ السَّلَامَ.
ثُمَّ قَالَ: مَرْحبًا بِالِابْنِ الصَّالِحِ، وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.
ثُمَّ قَالَ جِبْرِيلُ: وَهَذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ، وَعَنْ شِمَالِهِ نَسَمُ بَنِيهِ (4)، فَأَهْلُ
(1) قال الإِمام النووي في شرح مسلم (1/ 185): أي أرسل إليه للإسراء وصُعُود السموات، وليس مُرَادهُ الاستفهامُ عن أصلِ البِعْثَةِ والرِّسالة، فإن ذلك لا يَخْفى عليه إلى هذه المُدَّة، فإذا هو الصحيح.
وقال الحافظ في الفتح (7/ 610): والحكمةُ في سُؤَال الملائكة: وقد أُرْسِلَ إليه؟ أن اللَّه تَعَالَى أراد إطلاعَ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم على أنه معروفٍ عند الملأ الأعلى؛ لأنهم قالوا: وقد أُرْسِلَ إليه. . . فدل على أنهم كانوا يعرفون أن ذلك سَيَقَعُ له، وإلا لكانُوا يقولون: ومن مُحَمَّد؟ مثلًا.
(2)
قال الحافظ في الفتح (7/ 610): أي أصابَ رَحْبًا وسَعَةً.
(3)
قال الحافظ في الفتح (2/ 7): أسوِدَة: بوزن أزمِنَة، وهي الأشخَاصُ.
(4)
قال الحافظ في الفتح (2/ 7): النَّسَمُ جمعُ نَسَمَةٍ، وهي الرُّوح، وظاهره أن أروَاحَ بَنِي آدَمَ من أهلِ الجنَّة والنار في السماء، وهو مُشْكِلٌ، قال القاضي عياض رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قد جَاءَ أَنَّ أرواحَ الكفَّار في سِجِّين، وأن أرواح المؤمنين مُنَعَّمَةٌ في الجنة، يعني فكيفَ تكونُ مُجْتَمِعَةً في سَمَاءِ الدُّنيا؟
وأجابَ: بأنه يحتمل أنها تُعْرَض على آدم أوْقَاتًا، فصادفَ وقتُ عرضها مُرُورَ النبي صلى الله عليه وسلم، ويدل على أن كونهم في الجنة والنار إنما هو في أوقات دونَ أوقاتٍ قوله تَعَالَى في سورة غافر آية (46):{النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} .