الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
صَلَاةُ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم بِالأَنْبِيَاء عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ:
ثُمَّ وَصَلَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَى (1)، وَمَعَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَوَجَدَ الأَنْبِيَاءَ قَدْ جُمِعُوا لَهُ، فَقَدَّمَ جِبْرُيلُ عليه السلام الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم، وَصَلَّى بِالأَنْبِيَاءِ إِمَامًا.
رَوَى الإِمَامُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "فَحَانَتِ الصَّلَاةُ فَأَمَمْتُهُمْ"(2).
وَفِي رِوَايَةِ الإِمَامِ أَحْمَدَ فِي مُسْنَدِهِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: فَلَمَّا دَخَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم المَسْجِدَ الأَقْصَى قَامَ يُصَلِّي، ثُمَّ الْتَفَتَ فَإِذَا النَّبِيُّونَ أَجْمَعُونَ يُصَلُّونَ مَعَهُ (3).
*
مَتَى صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالأَنْبِيَاءِ
؟
قَالَ الحَافِظُ فِي الفَتْحِ: والأظْهَرُ أَنَّ صَلَاتَهُ صلى الله عليه وسلم بِالأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ
= - رقم الحديث (2375).
(1)
قال الحافظ في الفتح (3/ 385): والمسجد الأقْصَى هو بيتُ المَقْدِس، وسُمِّي الأقْصَى لِبُعْده عن المسجد الحرام في المَسَافَةِ، وقيل: لأنه لم يكن وراءَهُ مَسجد، والمقدِسُ المُطَهَّرُ، ولبيتِ المقْدِسِ عِدَّةُ أسماء منها: إيلْيَاءَ، وبيتُ المَقْدِسِ، وغيرها.
(2)
أخرجه الإِمام مسلم في صحيحه - كتاب الإيمان - باب ذكر المسيح ابن مريم - رقم الحديث (172).
(3)
أخرجه الإِمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (2324) - وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره (5/ 28) وصحح إسناده.
والسَّلَامُ كَانَتْ قَبْلَ العُرُوجِ إِلَى السَّمَاوَاتِ (1).
بَيْنَمَا يَرَى الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ أَنَّ صَلَاتَهُ صلى الله عليه وسلم بِالأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ والسَّلَامُ كَانَتْ بَعْدَ العُرُوجِ إلى السَّمَاوَاتِ، قَالَ: وَالصَّحِيحُ أَنَّ الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم إِنَّمَا اجْتَمَعَ بِالأَنْبِيَاءِ فِي السَّمَوَاتِ، ثُمَّ نَزَلَ إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ ثَانِيًا، وَهُمْ مَعَهُ، وَصَلَّى بِهِمْ فِيهِ، ثُمَّ إِنَّهُ رَكِبَ البُرَاقَ وَكَرَّ رَاجِعًا إلى مَكَّةَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ (2).
وَقَالَ فِي البِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ: ثُمَّ هَبَطَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى بَيْتِ المَقْدِسِ، والظَّاهِرُ أَنَّ الأَنْبِيَاءَ هَبَطُوا مَعَهُ تَكْرِيمًا لَهُ، وتَعْظِيمًا عِنْدَ رُجُوعِهِ مِنَ الحَضْرَةِ الإِلَهِيَّةِ العَظِيمَةِ، كَمَا هِيَ عَادَةُ الوَافِدِينَ لَا يَجْتَمِعُونَ بِأَحَدٍ قَبْلَ الذِي طُلِبُوا إِلَيْهِ، وَلِهَذَا كَانَ كُلَّمَا مَرَّ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَقُولُ لَهُ جِبْرِيلُ عليه السلام عِنْدَمَا يَتَقَدَّمُ ذَاكَ لِلسَّلَامِ عَلَيْهِ: هَذَا فُلَانٌ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، فَلَوْ كَانَ قَدِ اجْتَمَعَ بِهِمْ قَبْلَ صُعُودِهِ لَمَا احْتَاجَ إِلَى التَّعَرُّفِ بِهِمْ مَرَّةً ثَانِيَةً، وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ: فَلَمَّا حَانَتِ الصَّلَاةُ أَمَمْتُهُمْ، وَلَمْ يَحِنْ وَقْتُ إِذْ ذَاكَ إِلَّا صَلَاةَ الفَجْرِ، فتَقَدَّمَهُمْ إِمَامًا بِهِمْ عَنْ أَمْرِ جِبْرِيلَ عليه السلام فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عز وجل، فَاسْتَفَادَ بَعْضُهُمْ مِنْ هَذَا أَنَّ الإِمَامَ الأَعْظَمَ يُقَدَّمُ فِي الإِمَامَةِ عَلَى رَبِّ المَنْزِلِ حَيْثُ كَانَ بَيْتُ المَقْدِسِ مَحَلَّهُمْ ودَارَ إِقَامَتِهِمْ (3).
(1) انظر فتح الباري (7/ 610).
(2)
انظر تفسير ابن كثير (5/ 31).
(3)
انظر البداية والنهاية (3/ 123).