الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اشْتِدَادُ إيذَاءِ قُرَيْشٍ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ وَفَاةِ عَمِّهِ أبي طَالِبٍ
رَأَيْنَا كَيْفَ تَتَابَعَتِ المَصَائِبُ عَلَى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ خَرَجَ مِنَ الشِّعْبِ في العَامِ العَاشِرِ مِنَ البِعْثَةِ، حَتَّى تُوُفِّيَ أَبُو طَالِبٍ، وخَدِيجَةُ رضي الله عنها، في العَامِ نَفْسِهِ، ثُمَّ لَمْ تَزَلْ تَتَوَالَى عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم المَصَائِبُ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَدِ اجْترَؤُوا عَلَيْهِ، ونَالُوهُ بِالنَّكَالِ، وَالأَذَى بِالقَوْلِ وَالفِعْلِ، بَعْدَ أَنْ كَانَ مُقْتَصِرًا عَلَى الكَلَامِ وَالِاسْتِهْزَاءِ قَبْلَ وَفَاةِ عَمِّهِ أَبِي طَالِبٍ.
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ: وعِنْدِي أَنَّ غَالِبَ مَا رُوِيَ مِنْ طَرْحِ الكُفَّارِ سَلَا الجَزُورِ بَيْنَ كَتِفَيْهِ صلى الله عليه وسلم، وهُوَ يُصَلِّي، وكَذَلِكَ مَا أَخْبَرَ بِهِ عَبْدُ اللَّهِ بنُ عَمْرِو بنِ العَاصِ مِنْ خَنْقِهِمْ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَنْقًا شَدِيدًا، حَتَّى حَالَ دُونَهُ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رضي الله عنه، وَكَذَلِكَ عَزْمُ أَبِي جَهْلٍ لَعَنَهُ اللَّهُ عَلَى أَنْ يَطَأَ عَلَى عُنُقِهِ صلى الله عليه وسلم، وهُوَ يصَلِّي، فَحِيلَ بَيْنَهُ وبَيْنَ ذَلِكَ، مِمَّا أشْبَهَ ذَلِكَ كَانَ بَعْدَ وَفَاةِ أَبِي طَالِبٍ، وَاللَّهُ أعْلَمُ (1).
رَوَى الحَاكِمُ في المُسْتَدْرَكِ بِسَنَدٍ جَيِّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا زَالَتْ قُرْيشٌ كَاعَةً (2) حَتَّى توفِّيَ أَبُو طَالِبٍ"(3).
(1) البداية والنهاية (3/ 146).
(2)
كَاعَةً: جمع كَاعٍ، وهو الجَبَانُ، أرادَ أنهم كَانُوا يجبُنُونَ عن أذى النبي صلى الله عليه وسلم في حيَاةِ أبي طالب، فلمَّا ماتَ اجتَرَؤُوا عليهِ. انظر النهاية (4/ 156).
(3)
أخرجه الحاكم في المستدرك - كتاب الهجرة الأولى إلى الحبشة - رقم الحديث =
وَرَوَى البَيْهَقِيُّ في الدَّلَائِلِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا نَالَتْ مِنِّي قُرَيْشٌ شَيْئًا أَكْرَهُهُ حَتَّى مَاتَ أَبُو طَالِبٍ"(1).
قَالَ ابنُ إسْحَاقَ: فَلَمَّا هَلَكَ أَبُو طَالِبٍ نَالَتْ قُرَيْشٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنَ الأَذَى مَا لَمْ تَكُنْ تَطْمَعُ بِهِ في حَيَاةِ أَبِي طَالِبٍ، حَتَّى اعْترَضَهُ سَفِيهٌ مِنْ سُفَهَاءِ قُرَيْشٍ، فنَثَرَ عَلَى رَأْسِهِ تُرَابًا، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْتَهُ، وَالتُّرَابُ عَلَى رَأْسِهِ، فَقَامَتْ إِلَيْهِ إِحْدَى بَنَاتِهِ فَجَعَلَتْ تَغْسِلُ عَنْهُ التُّرَابَ، وهِيَ تَبْكِي، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَهَا:"لَا تَبْكِي يَا بُنَيَّةُ، فَإِنَّ اللَّهَ مَانِعُ أَبَاكِ"(2).
رَوَى ابنُ سَعْدٍ في طَبَقَاتِهِ بِسَنَدٍ ضعِيفٍ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "كُنْتُ بَيْنَ شَرِّ جَارَيْنِ، بَيْنَ أَبِي لَهَبٍ وعُقْبَةَ بنِ أَبِي مُعَيْطٍ، إِنْ كَانَا لَيَأْتِيَانِ بِالفُرُوثِ فَيَطْرَحَانِهَا عَلَى بَابِي، حَتَّى إِنَّهُمْ لَيَأْتُونَ بِبَعْضِ مَا يَطْرَحُونَ مِنَ الأَذَى فَيَطْرَحُونَهُ عَلَى بَابِي"، فَيَخْرُجُ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَيَقُولُ:"يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ! أَيُّ جِوَارٍ هَذَا؟ "، ثُمَّ يُلْقِيهِ (3).
= (4302) - والبيهقي في الدلائل (2/ 350).
(1)
أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (2/ 350) - وأخرجه ابن إسحاق في السيرة (2/ 30) بسند صحيح إلى عروة، لكنه مرسلًا.
(2)
انظر سيرة ابن هشام (2/ 30).
(3)
انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (1/ 97) - وانظر السلسلة الضعيفة - رفم الحديث (4151) - وضعيف الجامع - رقم الحديث (4277) - للألباني رحمه الله.