الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
رِوَايَةٍ اقْتَصَرَتْ عَلَى السِّنِينَ، وفِي رِوَايَةٍ عَدَّتِ السَّنَةَ التِي دَخَلَتْ فِيهَا، وَاللَّهُ أعْلَمُ (1).
قَالَ الحَافِظُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَهَذِهِ السِّيَاقَاتُ كُلُّهَا دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ العَقْدَ عَلَى عَائِشَةَ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَى العَقْدِ بِسَوْدَةَ (2).
*
زَوَاجُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِسَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ رضي الله عنها:
ثُمَّ عَقَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ رضي الله عنها بَعْدَ عَائِشَةَ رضي الله عنها.
وَهِيَ أَوَّلُ مَنْ دَخَلَ بِهَا الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ خَدِيجَةَ رضي الله عنها، وانْفَرَدَتْ بِهِ نَحْوًا مِنْ ثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ أكْثَرَ، حَتَّى دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ، وكَانَتْ سَيِّدَةً جَلِيلَةً نَبِيلَةً ضَخْمَةً (3).
وكَانَتْ سَوْدَةُ رضي الله عنها عِنْدَ ابْنِ عَمِّهَا السَّكْرَانُ بنُ عَمْرٍو رضي الله عنه أَخِي سُهَيْلِ بنِ عَمْرٍو رضي الله عنه، وَكَانَ السَّكْرَانُ أَسْلَمَ مَعَهَا قَدِيمًا، وَهَاجَرَ بِهَا إِلَى أَرْضِ الحَبَشَةِ الهِجْرَةَ الثَّانِيَةَ، ثُمَّ رَجَعَ بِهَا إِلَى مَكَّةَ، فَمَاتَ بِهَا قَبْلَ الهِجْرَةِ، وقِيلَ إِنَّهُ مَاتَ بِالحَبَشَةِ (4).
(1) انظر صحيح مسلم بشرح النووي (9/ 177).
(2)
انظر البداية والنهاية (3/ 145).
(3)
انظر سير أعلام النبلاء (2/ 265).
(4)
انظر الطبَّقَات الكُبْرى لابن سعد (7/ 268) - الإصابة (3/ 113) - البداية والنهاية (3/ 145).
أخْرَجَ الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ، والحَاكِمُ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ ويَحْيَى، قَالَا: لَمَّا هَلَكَتْ خَدِيجَةُ رضي الله عنها، جَاءَتْ خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ (1) امْرَأَةُ عُثْمَانَ بنِ مَظْعُونٍ رضي الله عنه إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَا تَزَوَّجُ؟ قَالَ:"مَنْ؟ " قَالَتْ: إِنْ شِئْتَ بِكْرًا، وَإِنْ شِئْتَ ثَيِّبًا، قَالَ:"فَمَنِ البِكْرُ؟ " قَالَتْ: ابْنَةُ أَحَبِّ خَلْقِ اللَّهِ عز وجل إِلَيْكَ، عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ، قَالَ:"وَمَنِ الثَّيِّبُ؟ " قَالَتْ: سَوْدَةُ بِنْتُ زَمْعَةَ، آمَنَتْ بِكَ واتَّبَعَتْكَ عَلَى مَا تَقُولُ، قَالَ:"فَاذْهَبِي فَاذْكُرِيهِمَا عَلَيَّ". . . قَالَتْ: فَذَهَبْتُ إِلَى سَوْدَةَ بِنْتِ زَمْعَةَ، فَقُلْتُ لَهَا: مَاذَا أدْخَلَ اللَّهُ عز وجل عَلَيْكِ مِنَ الخَيْرِ وَالبَرَكَةِ؟ قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَتْ: أرْسَلَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أخْطِبُكِ عَلَيْهِ، قَالَتْ: وَدِدْتُ، ادْخُلِي إِلَى أَبِي، فَاذْكُرِي ذَاكَ لَهُ، وَكَانَ شَيْخًا كَبِيرًا قَدْ أدْرَكَتْهُ السِّنُّ، قَدْ تَخَلَّفَ عَنِ الحَجِّ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِ، فَحَيَّتهُ بِتَحِيَّةِ الجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ: مَنْ هَذِهِ؟ فَقَالَتْ: خَوْلَةُ بِنْتُ حَكِيمٍ، قَالَ: فَمَا شَأنكِ؟ قَالَتْ: أرْسَلَنِي مُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ اللَّهِ، أخْطِبُ عَلَيْهِ سَوْدَةَ، قَالَ: كُفْءٌ (2) كَرِيمٌ، مَاذَا تَقُولُ صَاحِبَتُكِ؟ قَالَتْ: تُحِبُّ ذَاكَ، قَالَ: ادْعُهَا لِي، فَدَعَتْهَا، فَقَالَ: أَيْ بُنَيَّةُ، إِنَّ هَذِهِ تَزْعُمُ أَنَّ مُحَمَّدَ بنَ عَبْدِ اللَّهِ بنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ،
(1) هي خَولة بنتُ حَكِيمٍ السُّلَمِيَّةُ امرأةُ عثمان بن مَظْعون رضي الله عنه. كنيتها أمُّ شَرِيكٍ، وكانت رضي الله عنها صالحةً فاضلةً، روت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنها سعد بن أبي وقاص، وسعيد بن المسيب. انظر الإصابة (8/ 116).
(2)
الكُفْءُ: النظِيرُ والمُسَاوِي، ومنه الكفاءةُ في النِّكَاحِ، وهو أن يكونَ الزوجُ مُسَاويا للمرأةِ في حَسَبِهَا ودِينها ونسَبها وبَيْتها، وغير ذلك. انظر النهاية (4/ 156).