الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
*
مَا أشَارَ بِهِ عُتْبَةُ عَلَى قُرَيْشٍ:
فَلَمَّا سَمِعَ عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ مَا سَمِعَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَامَ، وَرَجَعَ إلى أَصْحَابِهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: نَحْلِفُ بِاللَّهِ لَقَدْ جَاءَكُمْ أَبُو الوَليدِ بِغَيْرِ الْوَجْهِ الذِي ذَهَبَ بِهِ، فَلَمَّا جَلَسَ إِلَيْهِمْ، قَالُوا: مَا وَرَاءَكَ يَا أبَا الوَليدِ؟ فَقَالَ لَهُمْ: ورَائِي أنِّي سَمِعْتُ قَوْلًا، وَاللَّهِ مَا سَمِعْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، ومَا دَرَيْتُ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِ، وَاللَّهِ مَا هُوَ بِالشِّعْرِ، وَلَا بِالسِّحْرِ، وَلَا بِالْكَهَانَةِ، يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ! أطِيعُونِي واجْعَلُوهَا بِي، وفِي رِوَايَةٍ: أطِيعُونِي فِي هَذَا اليَوْمِ وَاعْصُونِي فِيمَا بَعْدَهُ، وخَلُّوا بَيْنَ هَذَا الرَّجُلِ وَبَيْنَ مَا هُوَ فِيهِ، فَاعْتَزِلُوهُ، فَوَاللَّهِ لَيَكُونَنَّ لِقَوْلِهِ الذِي سَمِعْتُ مِنْهُ نَبَأٌ عَظِيمٌ، فَإِنْ تُصِبْهُ العَرَبُ فَقَدْ كُفِيتُمُوهُ بِغَيْرِكُمْ، وَإِنْ يَظْهَرْ عَلَى العَرَبِ فَمُلْكُهُ مُلْكُكُمْ، وعِزُّهُ عِزُّكُمْ، وَكُنْتُمْ أسْعَدَ النَّاسِ بِهِ، قَالُوا: سَحَرَكَ وَاللَّهِ يَا أبَا الوَلِيدِ بِلِسَانِهِ، قَالَ: هَذَا رَأْيِي فِيهِ، فَاصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ (1).
*
تَصْوِيرٌ لِمَوْقِفِ قُرَيْشٍ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
-:
قَالَ الشَّيْخُ عَلِي الطَّنْطَاوِي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وهُوَ يُصَوِّرُ مَوْقِفَ قُرَيْشٍ مِنْ دَعْوَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِقُرَيْشٍ: افتحُوا لِيَ الطَّرِيقَ لِأَخْرُجَ إِلَى الأَرْضِ الفَضَاءِ، فَأَنْصُرَ الضَّعِيفَ، وأُنْجِدَ المَظْلُومَ، وأُعِيدَ
(1) أخرج قصَّة إرسالِ قريشٍ عُتبة بن ربيعة إلى رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ليحاوره: ابن إسحاق في السيرة (1/ 330) - والبيهقي في دلائل النبوة (2/ 204 - 205) - وحسن إسنادها الألباني في تحقيقه لفقه السيرة للشيخ محمد الغزالي.
لِلْبَشَرِيَّةِ كَرَامَتَهَا، ولِلْعَقْلِ سُلْطَانَهُ، قَالُوا: لَا.
قَالَ: افْسَحُوا لِرِسَالَتِي لِتَنْطَلِقَ فِي الزَّمَانِ، فَإِنَّهَا لَيْسَتْ لِبَلَدٍ وَاحِدٍ، وَلَا لِيَوْمٍ وَاحِدٍ، قَالُوا: لَا! وَلَكِنْ تَعَالَ نُمَلِّكْكَ إِنْ شِئْتَ عَلَيْنَا، ونَمْنَحَكَ أمْوَالَنَا ونَجْعَلَكَ سَيِّدَ هذَا البَلَدِ كُلِّهِ.
وسَخِرَ التَّارِيخُ مِنْ قُرَيْشٍ. . . يَدْعُوهُمْ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم ليُعْطِيَهُمْ سِيَادَةَ الْأَرْضِ، وزَعَامَةَ الدُّنْيَا، ويَضَعَ فِي أيْدِيهِمْ مَفَاتِيحَ الكُنُوزِ: كُنُوزَ المَالِ، وكُنُوزَ العِلْمِ، ويَمْنَحَهُمْ مَا يَمْلِكُ كِسْرَى وقَيْصَرُ، وهُمْ يَدْعُونَهُ لِيُعْطُوهُ إمَارَةَ هَذهِ القَرْيَةِ، النَّائِمَةِ بَيْنَ جَبَلَيْنِ، ورَاءَ رِمَالِ الصَّحْرَاءَ (1).
* * *
(1) انظر كتاب رجال من التاريخ للشيخ علي الطنطاوي رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى ص 13.