الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَوْتِهِ، فَلَا يَشُكُّ قَوْمُهُ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا (1)
قُلْتُ: ذَكَرَهُ الإِمَامُ البُخَارِي فِي تَارِيْخِهِ الأوْسَطِ فِيمَنْ مَاتَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنَ المُهَاجِرِينَ الأوَّلينَ وَالأنْصَارِ، وَتَرْجَمَ لَهُ فِي التَّارِيخِ الكَبِيرِ.
*
يَوْمُ بُعَاثٍ:
رَوَى الإِمَامُ البُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: كَانَ يَوْمُ بُعَاثٍ يَوْمًا قَدَّمَهُ اللَّهُ لِرسُول صلى الله عليه وسلم، فَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَدْ افترقَ مَلَؤُهُمْ، وَقُتِلَتْ سَرَوَاتُهُمْ (2) وَجُرِحُوا، فَقدَّمَهُ اللَّهُ لِرَسُولهِ صلى الله عليه وسلم في دُخُولِهِم فِي الإِسْلَامِ (3).
وَبُعَاثٌ هُوَ مَكَانٌ، وَيُقَالُ حِصْنٌ، وَقِيلَ مَزْرَعَةٌ، عِنْدَ بَنِي قُرَيْظَةَ عَلَى مِيلَيْنِ مِنَ المَدِينَةِ، وَكَانَتْ بِهِ وَقْعَةٌ بَيْنَ الأوْسِ وَالخَزْرَجِ، فَقُتِل فِيهَا كَثِيرٌ مِنْهُمْ، وَكَانَ رَئِيسَ الأوْسِ فِيهِ: حُضَيْرٌ وَالِدُ أُسَيْدِ بنِ حُضَيْرٍ رضي الله عنه، وَكَانَ رَئِيسَ الخَزْرَجِ يَوْمَئِذٍ: عَمْرُو بنُ النُّعْمَانِ البَيَاضِيُّ فَقُتِلَ فِيهَا، وَكَانَ النَّصْرُ فِيهَا أَوَّلًا لِلْخَزْرَجِ، ثُمَّ ثبَّتَهُمْ حُضَيْرٌ فَرَجَعُوا، وَانتصَرَت الأوْسُ، وَجُرِحَ حُضَيْرٌ يَوْمَئِذٍ
(1) أخرج قصة إيَاسُ بن معاذ رضي الله عنه: الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (23619) والحاكم في المستدرك - كتاب معرفة الصحابة - باب ذكر إياس بن معاذ - رقم الحديث (4884) - وابن إسحاق في السيرة (2/ 41) - وإسناده حسن.
(2)
قال الحافظ في الفتح (7/ 485): سَرَوَاتُهُم: خِيَارُهُم، والسُّرَاةُ جَمْعَ سَرِي، وهو الشَّريف.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب المناقب - باب مناقب الأنصار - رقم الحديث (3777) - وأخرجه الإمام أحمد في مسنده - رقم الحديث (24320).
فَمَاتَ فِيهَا، وَذَلِكَ قَبْلَ الهِجْرَةِ بِخَمْسِ سِنِينَ.
وَقَدْ قُتِلَ فِيهَا مِنْ أَكَابِرِهِمْ مَنْ كَانَ لَا يُؤْمِنُ، أَيْ يَتَكَبَّرُ وَيَأْنَفُ أَنْ يَدْخُلَ فِي الإِسْلَامِ، حَتَّى لَا يَكُونَ تَحْتَ حُكْمِ غَيْرِهِ، وَقَدْ كَانَ بَقِيَ مِنْهُمْ مِنْ هَذَا النَّحْوِ عَبْدُ اللَّهِ بنُ أُبَيِّ بنِ سَلُولٍ المُنَافِقُ لَعَنَهُ اللَّهُ (1).
قَالَ الدُّكْتُورُ مُحَمَّدُ أَبُو شَهْبَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَقَدْ شَاءَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الوَقْعَةُ العَظِيمَةُ قُبَسْلُ مَقْدَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ لِتَتَهَيَّأَ النُّفُوسُ لِقَبُولِ الإِسْلَامِ وَالإيْمَانِ بِالرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم، وَليَظْهَرَ فَضْلُ الإِسْلَامِ عَلَى الأنْصَارِ، فَقَدْ جَمَعَهُمْ بَعْدَ الفُرْقَةِ، وَغَرَسَ فِي قُلُوبِهِمُ المَحَبَّةَ بَعْدَ العَدَاوَةِ، وَالوِئَامَ بَعْدَ الشِّقَاقِ (2).
* * *
(1) انظر فتح الباري (7/ 484).
(2)
انظر كتاب السيرة النبوية (1/ 432) للدكتور محمد أبو شهبة رحمه اللَّه تعالى.