الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الزجاج: المتكبر: الذي تكبر عن ظلم عباده.
(1)
فالمتكبر صفة مدح في جلال الله تعالى وكماله وجماله، " وفي صفات الخلق مذموم؛ لأن الخلق أمروا بالتواضع، والخشوع، والخضوع، ولين الجانب، وخفض الجناح، وأما الرب جل جلاله، فيليق به الجبروت والكبرياء؛ لأنه المتعالي عن إدراك الخلق، القاهر لهم في كل مايريده، ولم يصفه أحد حق صفته، ولا عظمه أحد حق تعظيمه، ولاعرفه أحد حق معرفته " (
2)
23 ـ الخالق، والبارئ، والمصور:
وهذه الأسماء الجليلة العظيمة لله تعالى، وردت في مقام واحد، يقول سبحانه:{هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الحشر:24].
أ ـ الخالق:
هو الذي خلق لا على مثال سابق، قال تعالى:{بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة:117]، أي: مبدعهما، قال ابن عباس: هو الخالق لا على مثال سابق.
(3)
وهو الفاطر المنشيء للخلق، قال تعالى:{قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الأنعام:14]، " قال الأصمعي: ما كنت أعرف معنى فاطر، حتى اختصم إلى أعرابيان في بئر، فقال أحدهما: أنا فطرته، فعرفت أنه إنشاء الخلق "
(4)
وقال تعالى: {قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [إبراهيم:10]، أي: خالق السموات والأرض
(5)
. وقال تعالى في قصة إبراهيم عليه السلام: {قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ} [الأنبياء:56]، أي: خلقهن، ثم قال:{وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ} أي: على أنه الإله الذي لا يستحق العبادة غيره، وأن الأصنام ليست بآلهة، وقيل: وأنا من الشاهدين على أنه خالق السموات والأرض.
(6)
(1)
((الزجاج: معاني القرآن: 5/ 151
(2)
((السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 248
(3)
((السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 130
(4)
((السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 91
(5)
((السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 107
(6)
((السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 386
والرب هو الخالق، قال تعالى:{سُبْحَانَ رَبِّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الزُّخرُف:82]، يقول السمعاني:" أي: خالق السموات والأرض "
(1)
والمشركون يقرون بالخالقية لله تعالى، يقول تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ} [الزُّخرُف:9]، ويقول تعالى:{أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ (35) أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لَا يُوقِنُونَ (36)} [الطور:35 - 36]، يقول السمعاني:" وفي التفسير: أنهم كانوا مقرين بأن الله خالق السموات والأرض، فالمعنى: أنهم إذا كانوا مقرين بأن الله هو الخالق، فلِمَ يشركون معه غيره "
(2)
.
فالله جل وعلا هو الخالق، والخلَاّق، والخلق: هو اختراع الشيء على غير مثال سابق.
(3)
وقال جل شأنه: {إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [الحِجر:86]، يعني: الخالق العليم بخلقه، كما قال في موطن آخر:{أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ} [المُلك:14]، وهو " استفهمام بمعنى الإنكار والتوبيخ، والمعنى: ألا يعلم مَنْ في الصدور، مَنْ خلق الصدور، ويُقال: ألا يعلم ما خلق، (من) بمعنى (ما) "
(4)
وقال تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس:81]، والخلاق: هو الذي يخلق مرة بعد مرة، والعليم هو العالم بخلقه
(5)
، فالخلق: هو ابتداع الشيء وتقديره.
(6)
وصفة الخالقية تتسم بعدة خصائص:
(1)
((السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 119
(2)
((السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 278
(3)
((السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 56
(4)
((السمعاني: تفسير القرآن: 6/ 11
(5)
((السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 390
(6)
((السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 162
1 ـ الشمولية: قال تعالى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} [الزُّمَر:62]، وقال تعالى:{وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [الأنعام:101]، واستدل السمعاني بهذا على نفي الولد عن البارئ جل وعز، فقال:" وفيه أيضاً دليل على أن لا ولد له؛ لأنه إذا كان خلق كل شيء، لم يصلح شيء أن يكون ولد له؛ إذ المخلوق لا يصلح ولداً للخالق؛ فإن ولد كل أحد يكون من جنسه "
(1)
، والكلية هنا شاملة لكل مايصلح أن يكون مخلوقاً، أما ما لا يدخله الخلق، كذات الله تعالى وأسمائه وصفاته، فلا تدخل في هذا العموم.
يقول السمعاني في تفسير قوله تعالى: {وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [الفرقان:2]،
(2)
: "أي: مما يصلح أن يكون مخلوقاً "
(3)
، وقد حكى الأشعري الإجماع على هذا فقال:" واعلموا ـ أرشدكم الله ـ أن مما أجمعوا عليه ـ رحمة الله عليهم ـ على اعتقاده، مما دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إليه، ونبههم بما ذكرناه على صحته: أن العالم بما فيه من أجسامه وأعراضه، محدث لم يكن ثم كان، وأن لجميعه محدثاً واحداً، اخترع أجناسه، وأحدث جواهره وأعراضه، وخالف بين أجناسه. وأنه عز وجل لم يزل قبل أن يخلقه، واحداً، عالماً، قادراً، مريداً، متكلماً، سميعاً، بصيراً، له الأسماء الحسنى والصفات العلى، وأنهم عرفوا ذلك بما نبههم الله عز وجل عليه، وبين لهم صلى الله عليه وسلم وجه الدلالة فيه "
(4)
.
(1)
((السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 131
(2)
((قيل: إن (خلق) تكون لشيء مخصوص، وإنما يُقال (خالق) على العموم، وهذه الآية تشكل على هذا القول. انظر: القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: 12/ 291
(3)
((السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 5
(4)
((الأشعري: رسالة إلى أهل الثغر:118
وقال عبدالقاهر البغدادي: " فقد أجمعوا على أن العالم، كل شيء هو غير الله عز وجل، وعلى أن كل ما هو غير الله تعالى، وغير صفاته الأزلية، مخلوق مصنوع، وعلى أن صانعه ليس بمخلوق، ولا مصنوع، ولا هو من جنس العالم، ولا من جنس شيء من أجزاء العالم"
(1)
.
2 ـ الحُسن والإبداع، قال تعالى:{الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ} [السجدة:7]، " قال ابن عباس: أي: أتقن وأحكم. قيل: أما إن إسْت القرد ليس بحسن، ولكنه محكم، وقيل: خلق البهائم على صورة البهائم، والآدميين على صورة الآدميين، ولم يخلق الآدميين على صورة البهائم، ولا البهائم على صورة الآدميين، فكل حيوان كامل حسن في خلقته، وهذا معنى قول الحكماء الذين مضوا: كل حيوان كامل في نقصانه، يعني: أنه لو قوبل بغيره كان ناقصاً، وهو في نفسه، وأداته كامل.
وذكر بعضهم في معنى الآية: طول رجل البهيمة، وطول عنق الطائر؛ ليصل كل واحد منهما إلى معاشه "
(2)
، وقال تعالى:{لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين:4]، أي: في أحسن صورة، وقيل: هو اعتداله واستواؤه.
(3)
(1)
((البغدادي: الفرق بين الفرق: دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط 2، 1977 هـ، (315)، يقول السمعاني: " {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (3) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ (4)} [الإخلاص:4]، أي: ليس بوالد، ولا بمولود، وليس له شبيه من خلقه
…
؛ ولأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله لا يموت ولا يورث " (6/ 303)
(2)
((السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 244
(3)
((السمعاني: تفسير القرآن: 6/ 253
وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينَا} [يس:71]، أي: مما تولينا خلقه وإبداعه.
(1)
وقال تعالى: {ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى} [القيامة:38]، أي: خلق منه الإنسان، فسوى خلقه.
(2)
{فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون:14].
3 ـ التهيئة والإصلاح، قال تعالى:{قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى} [طه:50]، قال الحسن: أعطى كل شيء ما يصلحه، ثم هداه إليه، وقال مجاهد: معناه: أعطى كل شيء صورة، ثم هداه إلى منافعه من المطعم، والمشرب، والمنكح.
(3)
وقال تعالى: {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} [نوح:14]، الطور: الحال، ومعنى الحالات، هاهنا: أنه خلقه من نطفة، ثم علقة، ثم مضغة، ثم عظماً ولحماً، إلى أن أتم خلقه.
(4)
وقال تعالى: {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19)} [عبس:18 - 19]، أي: وضع كل شيء موضعه، وهيأ له ما يصلحه.
(5)
وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ (8)} [الانفطار:6 - 8]، قال عطاء: جعلك قائماً معتدلاً، حسن الصورة، وقيل: سواك، أي: سوَّى بين يديك، ورجليك، وعينيك، وأذنيك، ووضع كل شيء موضعه، هو أيضاً في معنى قوله:"فعدلك "، وقُرِئ بالتخفيف، أي: صرفك في أي صورة شاء، من حسن وقبيح، وطويل وقصير، وقيل: أي في عدل بعضك ببعض، فكنت معتدل الخلق، مناسبها، فلا تفاوت فيها.
(6)
4 ـ الإنفراد في الخلق، والإيجاد من العدم:
(1)
((السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 387
(2)
((السمعاني: تفسير القرآن: 6/ 111
(3)
((السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 334
(4)
((السمعاني: تفسير القرآن: 6/ 57
(5)
((السمعاني: تفسير القرآن: 6/ 159
(6)
((السمعاني: تفسير القرآن: 6/ 175
قال تعالى: {هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ} [فاطر:3]، هنا استفهام على وجه التقرير، كأنه قال: لا خالق غير الله
(1)
. وهذا لا يُعارِض:
ـ الجمع في قوله تعالى: {فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ (14)} [المؤمنون:14]، وقوله تعالى:{وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125)} [الصافات:125].
ـ أو إضافة الخلق لغيره، كما في قوله تعالى:{وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا} [العنكبوت:17]؛ لأن المعنى فيها التقدير، فقد ورد الخلق بمعنى التقدير، أي: تقدرون إفكاً، قال الشاعر:
(ولأنت تفري وما خلقت وبعض
…
القوم يخلق ثم لا يفري) أي: يقدر.
فيكون المعنى على الأول: أحسن المقدرين، ويُقال: إن معناه: يصنعون وأصنع، وأنا أحسن الصانعين.
(2)
ب ـ البارئ:
قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ} [الحشر:24]:
قيل: البارئ هو في معنى الخالق، على طريق التأكيد.
وقيل: إن معناه: المحيي بعد الإماتة.
(3)
وقد فَسَّره السمعاني بالخالق في مواطن أخرى، قال تعالى:{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَاقَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ} [البقرة:54]، قال: بارئكم: خالقكم.
(4)
وقال تعالى: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد:22]، يقول السمعاني:" مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا " أي: من قبل أن نخلقها.
(5)
قال الحليمي: " البارئ الموجد لأصناف الخلائق ".
(6)
(1)
((السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 345
(2)
((السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 467 - 4/ 418
(3)
((السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 410
(4)
((السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 80
(5)
((السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 376
(6)
((الحليمي: مختصر كتاب المنهاج: 37
وقال القرطبي: " البارئ: الخالق، وبينهما فرق، وذلك أن البارئ هو المُبدع المُحدِث، والخالق هو المقدر الناقل من حال إلى حال ".
(1)
وقال ابن الأثير: " البارئ: هو الذي خلق الخلق لا على مثال، إلا أن لهذه اللفظة من الاختصاص بالحيوان، ماليس لها بغيره من المخلوقات، وقلما تستعمل في غير الحيوان، فيقال: برأ الله النسمة، وخلق السموات والأرض ".
(2)
ج ـ المصور:
قال تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ} [الحشر:24].
قال السمعاني: " المصور: هو التصوير المعلوم، يصور كل خلق على ما يشاء. وقيل: التصوير: هو تركيب مخصوص، في محل مخصوص من الخلق ".
(3)
وقال الطبري: " المصور: خلقه كيف شاء، وكيف يشاء ".
(4)
(1)
((القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: 1/ 402
(2)
((ابن الأثير: جامع الأصول: مكتبة الحلواني، ط 1، 1390 هـ (4/ 173)
(3)
((السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 410
(4)
((الطبري: جامع البيان: 23/ 305
وقال ابن الأثير: " المصوِّر: هو الذي أنشأ خلقه على صور مختلفة، ومعنى التصوير: التخطيط والتشكيل "
(1)
، قال تعالى:{هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاءُ} [آل عمران:6]، " روي عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: " إن النطفة إذا وقعت في الرحم، تكون أربعين يوماً نطفة، ثم أربعين يوماً علقة، ثم أربعين يوماً مضغة، ثم يبعث الله تعالى ملكاً، يأخذ تراباً بين أصبعيه، فيخلطه بالمضغة، ثم يصوره ـ بإذن الله ـ كيف شاء، أحمر، أو أسود، أو أبيض، طويلاً، أو قصيراً، حسناً، أو قبيحاً
…
"
(2)
، وقال تعالى:{وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [غافر:64]، " في التفسير: أنه لا يأكل بيده سوى الآدميين، ولا صورة على هذه الصورة، أحسن من الآدميين "
(3)
، وقال تعالى:{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ} [التغابن:3]، أي: خلق الإنسان في أحسن صورة، ولو عرض الله عليه الصور، ما اختار غير صورته.
(4)
وقال بعض المفسرين في هذه الأسماء الثلاثة، هي من قبيل الترتيب المخصوص، فيقدم العام على الخاص، " فالخالق يعم، وذكر المصور؛ لما في ذلك من التنبيه على الصفة، ووجوه الحكمة ".
(5)
يقول القرطبي: " الخالق هنا المقدر، والبارئ: المنشئ المخترع، والمصور: مُصوِّر الصُّور، ومركبها على هيئات مختلفة، فالتصوير مرتب على الخلق والبراية، وتابع لهما، ومعنى التصوير: التخطيط والتشكيل. وخلق الله الإنسان في أرحام الأمهات ثلاث خِلَق: جعله علقة، ثم مضغة، ثم جعله صورة، وهو التشكيل الذي يكون به صورة وهيئة، يُعرف بها، ويتميز عن غيره بسمتها، فتبارك الله أحسن الخالقين".
(6)
(1)
((ابن الأثير: جامع الأصول: 4/ 173
(2)
((السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 293
(3)
((السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 29
(4)
((السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 450
(5)
((ابن عطية: المحرر الوجيز: 1/ 70
(6)
((القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: 18/ 48