الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحكم الخامس: التفصيل: فمن قال: في الأسباب العادية إنها تؤثر بطبعها فقد حُكي بالإجماع على كفره، ومن قال: إنها تؤثر بقوة أودعها الله فيها فهو فاسق، والقول بأن لا تأثير لشيء في شيء أصلا، وما يرى من ترتيب الأثار على الأشياء، إنما هو بطريق إجراء العادة، بأن يخلق الله الأثر عقب مايظن به سببا مبنيا على أصل الأشعري
…
، ولا يخفى أنه يتضمن كثيرا من الفسادات، مثل: الجبر، والظلم، وخلو بعثة الأنبياء من الفائدة"
(1)
.
3/ خطورة الشرك:
الشرك خطير بكل أنواعه، إلا أن الشرك الذي لايغفره الله تعالى إذا مات عليه العبد، ويكون مورده إلى النار، مع حبوط العمل في الدنيا، هو الشرك الأكبر الذي أخبر الله عنه فقال:
" إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ "(النساء 49)، ويقول:" وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ"(الزمر 65)، وقال تعالى:" وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ"(الأنعام 88)، يقول السمعاني:" " لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ" أي: لبطل، الحبوط، البطول، وهذا مثل قوله:" لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ" "
(2)
.
والشرك جاء وصفه في القرآن الكريم بأوصاف منفرة، تدل على خطورته، وشدة قبحه، وتنبئ عن أثاره المهلكة، ونتائجه المدمرة على الأفراد والجماعات.
والشرك آفة العبادة، ومحور خراب الطاعة، ولذا جاء في وصفه أنه أكبر الكبائر، وبتتبع أوصافه في القرآن الكريم يتبين قبحه من عدة جهات:
1/ أن الشرك كذب على الله تعالى، يقول سبحانه وتعالى:" فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ"(الزمر 32)، قال السُّدي: هو الشرك
(3)
..
(1)
الكفوي: الكليات:534.
(2)
السمعاني: تفسير القرآن:2/ 123.
(3)
السمعاني: تفسير القرآن:4/ 469.
ويقول سبحانه وتعالى في مقام آخر عن الكفار:" نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ "(ق 45)، " أي: بما يقولون من الشرك والكذب على الله، وعلى رسوله "
(1)
..
2/أن الشرك أعظم الذنوب، قال تعالى:" وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ"(الإسراء 23)، يقول السمعاني: " يعني: أن توحدوه ولا تشركوا به
(2)
.... فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم برواية ابن مسعود أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أي الذنوب أعظم؟ فقال: الإشراك بالله
…
"
(3)
.
3/أن الشرك أكبر الكبائر، قال تعالى:" إِن تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ
عَنكُمْ سَيِّآتِكُمْ وَنُدْخِلْكُم مُّدْخَلًا كَرِيمًا" (النساء 31)، أورد السمعاني في تفسير الآية
(4)
حديث النبي صلى الله عليه وسلم حين سُئل فقيل له: أي الكبائر أكبر؟ فقال: (أن تدعو لله ندا وهو خلقك
…
)
(5)
.
4/الشرك ظلم عظيم، يقول تعالى:" الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ"(الأنعام 82)، يقول السمعاني:" ومعناه: الذين آمنوا ولم يخلطوا إيمانهم بشرك، هذا قول أبي بكر، وعلي، وحذيفة، وسلمان، أن المراد بالظلم الشرك، وقد صَحَّ برواية ابن مسعود: أنه لما نزلت هذه الآية شق ذلك على الصحابة وقالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال: " ليس الأمر كما تظنون، إنما الظلم هنا بمعنى الشرك، وقرأ قوله تعالى:" إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ"(لقمان 13) "
(6)
(7)
.
(1)
السمعاني: تفسير القرآن:5/ 248.
(2)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 231 - 4/ 32.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه، باب إثم الزناة، ح (6811)
(4)
السمعاني: تفسير القرآن:1/ 419.
(5)
أخرجه البخاري في صحيحه، باب ماقيل في شهادة الزور، ح (2654)
(6)
أخرجه البخاري في صحيحه، باب قول الله تعالى:"وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا"ح (3360)
(7)
السمعاني: تفسير القرآن:2/ 121.
وقال تعالى:" وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَابُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ"(لقمان 13)، يقول السمعاني:"أي لا تعدل بالله أحدا في الربوبية، وقوله:" إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ"الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه، من أشرك مع الله غيره، فقد وضع الشيء في غير موضعه"
(1)
.
5/الشرك زيغ، قال تعالى:" فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ"(آل عمران 7)، يقول السمعاني:" قال مجاهد: الزيغ: اللبس، وقيل: هو الشرك، وقيل: هو الشبهات التي تتعلق بالقلب"
(2)
، ففي أحد تفسيراته الشرك، وهذا يدل على خطورته.
6/ الشرك ظلمات، يقول تعالى:" أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا "(الأنعام 122)، يقول السمعاني:"قوله تعالى:" أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ"قال مجاهد معناه: من كان ضالا فهديناه،" وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ"أي: نور الإسلام يعيش به بين المسلمين:" كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا "المثل صلة هاهنا، وتقديره: كمن هو في الظلمات، أي: في ظلمات الشرك لايخرج منها أبداً "
(3)
.
7/الشرك فاحشة، قال تعالى:" وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ"(الأعراف 28)، قال السمعاني: " قيل: الفاحشة هاهنا: هي طوافهم عراة، وقيل: هي الشرك
(4)
".
(1)
السمعاني: تفسير القرآن:4/ 230.
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 295.
(3)
السمعاني: تفسير القرآن:2/ 141.
(4)
السمعاني: تفسير القرآن:2/ 176.
8/الشرك إلحاد وميل عن الحق، قال تعالى:" وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم "(الحج 25)، يقول السمعاني:" وأما معنى الإلحاد هاهنا: قال بعضهم: هو الشرك، وقال بعضهم: هو كل سيئة، حتى شتم الرجل غلامه "
(1)
.
9/ الشرك خيبة وظلم، قال تعالى:" وَقَدْ خَابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْمًا"(طه 111)، يقول السمعاني:" أي: هلك من حمل شركا، وحمل الشرك هو نفس الإشراك "
(2)
.
10/الشرك الحنث العظيم، قال تعالى:" وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنثِ الْعَظِيمِ"(الواقعة 46)،يقول السمعاني:" قال مجاهد وقتادة: الشرك، ويقال: هو الإثم العظيم، وقال علي: اليمين الفاجرة "
(3)
.
11/ الشرك سيئة وخطيئة، قال تعالى:" وَمَن جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ"(النمل 90)، وأكثر المفسرين على أن المراد من السيئة الشرك
(4)
.
وقال تعالى:" بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ
فِيهَا خَالِدُونَ" (البقرة 81)، السيئة: الشرك،"وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ"أي: مات على الشرك
(5)
.
وقال تعالى:" وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّآتِ"(النساء 18)، يقول السمعاني:"بالسيئات: الشرك، وقال ابن عباس: هو النفاق "
(6)
.
وقال تعالى:" أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّآتِ"(النحل 45)، يقول السمعاني:" "مَكَرُوا السَّيِّآتِ" يعني: فعلوا السيئات، وذلك جحدهم التوحيد، وعبادتهم غير الله، وعملهم بالمعاصي"
(7)
.
(1)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 433.
(2)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 357.
(3)
السمعاني: تفسير القرآن:5/ 353.
(4)
السمعاني: تفسير القرآن:4/ 119.
(5)
السمعاني: تفسير القرآن:1/ 101.
(6)
السمعاني: تفسير القرآن:1/ 409.
(7)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 174.
12/ الشرك جهل، قال تعالى:" وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا "(العنكبوت 8)، يقول السمعاني:" إنما قال هذا؛ لأن الشرك كله عن جهل، فإن العالم لايشرك بالله"
(1)
.
13/الشرك منكر، يقول تعالى:" الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمَعْرُوفِ"(التوبة 67)، يقول السمعاني:" " يَأْمُرُونَ بِالْمُنكَرِ"فيه قولان: أن المنكر هو الشرك، والمعروف هو الإيمان بالله، وعن أبي العالية الرياحي أنه قال: كل ماذكر من المنكر في القرآن، فهو عبادة الأوثان والشرك بالله "
(2)
.
وقال تعالى:" التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْأمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ"(التوبة 112)، يقول السمعاني:" " وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ"يعني: عن الشرك "
(3)
.
وقال تعالى:" إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ
الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ" (النحل 90)، يقول السمعاني: "والمنكر: يعني: كل مايكون منكرا في الدين، وقيل: إنه الشرك، فإنه أعظم المناكير"
(4)
.
14/الشرك فتنة، يقول تعالى:" كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا "(النساء 91)، يقول السمعاني:" أي: كلما دعوا إلى الشرك دخلوا فيه "
(5)
.
ويقول تعالى:" لَوْ خَرَجُوا فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ
الْفِتْنَةَ" (التوبة 47)، يقول السمعاني: " وفي الفتنة معنيان: أحدهما: أنها الشرك، والثاني: تفريق الكلمة "
(6)
.
(1)
السمعاني: تفسير القرآن:4/ 168.
(2)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 325.
(3)
السمعاني: تفسير القرآن:2/ 352.
(4)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 196.
(5)
السمعاني: تفسير القرآن:1/ 461.
(6)
السمعاني: تفسير القرآن:2/ 314.
ويقول تعالى:" وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِم مِّنْ أَقْطَارِهَا ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَأتَوْهَا"(الأحزاب 14)، يقول السمعاني:" وقوله:" ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ"أي: الشرك، ويقال: القتال في العصبية "
(1)
.
15/الشرك الكلمة السفلى: قال تعالى:" وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى"(التوبة 40)، يقول السمعاني:" كلمتهم الشرك، وهي السفلى إلى يوم القيامة "
(2)
.
16/الشرك قول الزور: قال تعالى:" فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ"(الحج 30)، وذكر السمعاني خلافا في معنى قول الزور، فذكر أنه الكذب، وقيل: هو الشرك، وقيل: هو الإشراك في التلبية الجاهلية
(3)
.
وقال تعالى:" وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ"(االفرقان 72)، فسرها السمعاني: بالشرك، ومعناه: لايشهدون شهادة الشرك، ويقال: الكذب، ويقال: الغناء
(4)
.
17/الشرك، المكر السيء، قال تعالى:" وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ"(فاطر 43)، يقول السمعاني:" وفي المكر السيئ قولان: أحدهما: أنه الشرك، والآخر: أنه المكر برسول الله صلى الله عليه وسلم "
(5)
.
وقال تعالى:" قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ"(الرعد 26)، معناه قد أشرك الذين من قبلهم
(6)
.
18/ الشرك التكبر، قال تعالى:" إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ"(الصافات 35)، يقول السمعاني:" وأصل التكبر: هو الشرك بالله "
(7)
، وذلك أنهم يستكبرون عن كلمة التوحيد ويمتنعون منها
(8)
.
(1)
السمعاني: تفسير القرآن:4/ 266.
(2)
السمعاني: تفسير القرآن:2/ 312.
(3)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 437.
(4)
السمعاني: تفسير القرآن:4/ 35.
(5)
السمعاني: تفسير القرآن:4/ 364.
(6)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 167.
(7)
السمعاني: تفسير القرآن:4/ 161.
(8)
السمعاني: تفسير القرآن:4/ 397.
والتكبر مانع من قبول الحق، قال تعالى:" إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ"(النحل 22)، يقول السمعاني:" أي: متكبرون، ويُقال: إنه لاينكر الدين إلا متكبر "
(1)
.
19/ الشرك ذنب لا يُغفر، يقول تعالى:" إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ
ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا" (النساء 48)، وهذه الآية لا تعارض بينها وبين قوله جل وعلا:" إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا" (الزمر 53)؛ لأن المراد منها يغفر الذنوب جميعا سوى الشرك
(2)
.
وكذا لا تعارض هذه الآية قوله جل وعلا عن إبراهيم الخليل:" رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ "(إبراهيم 36)؛ لأن قوله عليه السلام:" وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ " يحتمل وجهين:
الأول: أنه قال قبل أن يعلمه الله أنه لايغفر الشرك.
الآخر: أن المراد من العصيان، هو مادون الشرك
(3)
.
ويؤيد هذا المعنى قوله جل في علاه:" وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى"(طه 82)، قال السمعاني:"وقوله:" وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِّمَن تَابَ"أي: من الشرك "
(4)
.
20/ الشرك إثم عظيم، قال تعالى:" وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًاعَظِيمًا"(النساء 48) يقول السمعاني: " أي: قد اختلق إثما عظيماً "
(5)
.
(1)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 165.
(2)
السمعاني: تفسير القرآن:1/ 434.
(3)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 120.
(4)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 346.
(5)
السمعاني: تفسير القرآن:1/ 434.
21/ الشرك هلاك، يقول تعالى:" وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ"(الحج 31)، يقول السمعاني:" ومعنى الآية: أن من أشرك فقد هلك، وبَعُد عن الحق بعداً لا يصل إليه بحال، مادام مشركاً "
(1)
.
22/الشرك من أسباب التخليد في النار: يقول تعالى:" ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ
وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا " (غافر 12)، يقول السمعاني في معنى الآية معناه: "أن تخليدكم في النار ومكثكم فيها، كان بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم، " وَإِن يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا " أي: وإن يشرك بالله تؤمنوا، أي تصدقوا بالشرك "
(2)
.
وقال تعالى:" إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا
لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ" (المائدة 72)، يقول السمعاني: " روى أبو سفيان طلحة بن نافع عن جابرأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل ما الموجبتان؟ فقال: من وحد الله لايشرك به شيئا، وجبت له الجنة، ومن أشرك بالله وجبت له النار "
(3)
(4)
.
23/ الشرك إسراف، يقول تعالى:"وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ"(طه 127)، يقول السمعاني:" أي من أشرك "
(5)
، ويقول تعالى:" فَأَنجَيْنَاهُمْ وَمَن نَّشَاءُ وَأَهْلَكْنَاالْمُسْرِفِينَ"(الأنبياء 9)، يقول السمعاني:" أي: أنجينا المؤمنين، وأهلكنا المسرفين، وكل مكذب مشرك مسرف على نفسه"
(6)
، ويقول تعالى:" إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ"(غافر 28)، يقول السمعاني:"أي: مشرك كذاب"
(7)
.
(1)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 437.
(2)
السمعاني: تفسير القرآن:5/ 9.
(3)
أخرجه مسلم في صحيحه، باب من مات لايشرك بالله شيئا دخل الجنة، ح (93).
(4)
السمعاني: تفسير القرآن:2/ 55.
(5)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 362.
(6)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 362.
(7)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 370.
وقال تعالى:" لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن طِينٍ (33) مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ"(الذاريات 33 - 34)، يقول السمعاني:"أي: للمشركين، وهم الذين أسرفوا في المعاصي، وكل مشرك مسرف في المعصية "
(1)
.
24/الشرك كلمة خبيثة، يقول تعالى:" وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ"(إبراهيم 26)، الكلمة الخبيثة هي الشرك
(2)
.
25/المشرك لايكون حنيفاً
(3)
*، يقول تعالى:" حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِي"(الحج 31)، يقول السمعاني:"يعني أن الحنيفة إنما يتم بترك الشرك، ومن أشرك لا يكون حنيفاً "
(4)
.
26/ المشرك ظالم، يقول تعالى:" قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ"(البقرة 124)، يقول السمعاني:"وقيل أراد به المشرك هاهنا"
(5)
.
27/المشرك غاوٍ، يقول تعالى:" فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ"(الشعراء 94)، يقول السمعاني: قوله:" " هُمْ وَالْغَاوُونَ": أي: الشياطين معهم، ويقال: من اتبعوهم في الشرك"
(6)
.
28/المشرك ملحد، يقول تعالى:" إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا "(فصلت 40)، يقول السمعاني:"قوله:" يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا"أي: يميلون إلى الجحد والتكذيب في آياتنا، وكل من مال من الحق إلى الباطل، ومن التوحيد إلى الشرك فهو ملحد"
(7)
.
(1)
السمعاني: تفسير القرآن:5/ 17.
(2)
السمعاني: تفسير القرآن:5/ 258.
(3)
* الحنيف: فسر الحنيف بعدة تفسيرات:
فقيل: الحنيف: المسلم، وأصله الميل، والمسلم مائل عن سائر الأديان إلى ملة الإسلام، فهو الثابت على الديل، المائل له بالكلية.
وقيل: معناه المستقيم، فسماه حنيفا على الضد، كما يقال للمهلكة مفازة، وللديغ سليم.
وقيل: الحنيف: المتبع، وقيل: الحنيف: الحاج المختتن. انظر: تفسير السمعاني:1/ 144 - 330، 2/ 120.
(4)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 114.
(5)
السمعاني: تفسير القرآن:3/ 237.
(6)
السمعاني: تفسير القرآن:1/ 136.
(7)
السمعاني: تفسير القرآن:4/ 56.
29/المشرك لايسعد، يقول تعالى:" إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ"(القصص 37)، يقول السمعاني: أي: "لايسعد من أشرك بالله"
(1)
.
30/المشرك مجرم، يقول تعالى:" إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ"(الصافات 34)، يقول السمعاني:"والجرم هاهنا هو الشرك"
(2)
.
وكل ماذكر من هذه الأوصاف، فهي دالة على قبح الوصف والموصوف، وسبيل الخلاص، أن يوطن المؤمن قلبه لله تعالى، ويخضعه لشرعه، يقول الإمام ابن تيمية:"وطريق التخلص من هذه الآفات كلها، الإخلاص لله عزوجل، قال تعالى:" فَمَن كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا" (الكهف 110)، ولا يحصل الإخلاص إلا بعد الزهد، ولا زهد إلا بتقوى، والتقوى متابعة الأمر والنهي"
(3)
.
وهذا الذي ينفع يوم القيامة، يقول تعالى:" يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ (88) إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ"(إبراهيم 88 - 89)، قال أكثر أهل العلم: سليم من الشرك، فإن الآدمي لايخلو من ذنب
(4)
.
وقال تعالى:" إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ"(الصافات 84)،أي: سليم من الشرك
(5)
.
فقبح الشرك يكمن في أن يكون شاهدا على المرء يوم القيامة، قال تعالى:" بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُوا يُخْفُونَ مِن قَبْلُ"(الأنعام 28)، "أي: ظهر لهم ما أخفوا من قبل، من تبرئتهم عن الشرك بقولهم:" وَاللَّهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ"، وذلك أنهم إذا قالوا ذلك يختم الله على أفواههم، وتنطق جوارحهم بشركه، فيبدو لهم ماكانوا يخفون من قبل"
(6)
.
(1)
السمعاني: تفسير القرآن:5/ 54.
(2)
السمعاني: تفسير القرآن:4/ 397.
(3)
ابن تيمية: مجموع الفتاوى: 1/ 94.
(4)
السمعاني: تفسير القرآن:4/ 55.
(5)
السمعاني: تفسير القرآن:4/ 403.
(6)
السمعاني: تفسير القرآن:2/ 97.