الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني: أسماء الأنبياء الواردة في القرآن، وإثبات نبوتهم:
تتبع السمعاني أسماء الأنبياء عليهم السلام الواردة في القرآن، وبيَّن معانيها، وبعض خصائصها، وليس المقصود مجرد السرد، بل لما يترتب عليه من وجوب الإيمان بمن علمنا أسماءهم على وجه الخصوص، والإيمان بالجملة لمن لم ترد أسماءهم، مع وجوب الوقوف عند الوارد، دون الخوض عما وراء ذلك. وليس المقصود كذلك بسط قصص الأنبياء وبيان أحوالهم، فهذا له مقام آخر، لكن المقصود إثبات نبوءاتهم في القرآن الكريم، ومنهم:
1 ـ محمد وأحمد: ويأتي بيانها في مبحث خاص.
2 ـ آدم: ورد اسمه في القرآن الكريم في أكثر من موضع، قال تعالى:{وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة:31]:
ـ وإنما سُمي آدم؛ لأنه خُلق من أديم الأرض.
(1)
ـ وقد اصطفاه الله جل وعز، فقال:{إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ} [آل عمران:33]، والاصطفاء: الاختيار، والصفوة الخيرة، ولِمَ اختار آدم؟ اختلفوا: فمنهم من قال: اختاره للدين، ومنهم من قال: اختاره للنبوة. فإن قال قائل: إلى من كان مبعوثاً؟ قيل: للملائكة، حتى علمهم الأسماء، وإلى أولاده.
(2)
ـ واتفق المفسرون أنه هو المراد بقوله تعالى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً} [البقرة:30]، وذكر السمعاني خلاف العلماء في سبب تسميته خليفة، ثم رجح القول الثالث، فقال:"وقيل: إنما سُمي خليفة؛ لأنه خليفة الله في الأرض؛ لإقامة أحكامه، وتنفيذ قضاياه. وهذا هو الأصح "
(3)
.
وذكر السمعاني بعضاً من الدلالات القرآنية التي تدل على نبوته، منها:
أ ـ قوله تعالى: {اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ} [الحج:75]، يقول السمعاني:" وأما من الناس فهم: آدم، ونوح، وإبراهيم، وموسى، وعيسى، ومحمد، وغيرهم، صلوات الله عليهم "
(4)
.
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 65
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 311
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 64
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 456
ب ـ وقال ابن عباس: في قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ (105)} [الشعراء:105]: نوح أول رسول أرسل الله تعالى. قال السمعاني: "وهذا محمول على أنه أول رسول أرسله الله تعالى بعد آدم ".
(1)
3 ـ نوح بن لمك بن متوشلخ بن أخنوخ: قيل سُمي نوحاً؛ لكثرة نوحه على نفسه، وقيل: كان اسمه عبدالغفار.
(2)
وهو صاحب شريعة، روي عن ابن عباس قال: بعث الله نوحاً وهو ابن أربعين سنة، ومكث بعد خروجه من السفينة ستين سنة، وتوفاه الله تعالى، وهو ابن ألف وخمسين سنة، وفي رواية: أن عمر نوح كان ألف وأربعمائة وخمسين سنة، وبُعث وهو ابن مائتين وخمسين سنة
(3)
، وقيل: إنه بعث وهو ابن ثلثمائة وخمسين سنة.
(4)
ومما استدل به السمعاني على نبوة نوح عليه السلام، والدلائل كثيرة متظافرة، قول تعالى:{قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ} [هود:28]، يقول السمعاني:" الرحمة ها هنا هي النبوة والهدى "
(5)
.
4 ـ إدريس: قيل: هو أبو جد نوح، يُسمى إدريس، لكثرة درسه الكتب. وقال محمد بن إسحاق: هو أول من خط بالقلم، وأول من لبس الثياب، وكان من قبله يلبسون الجلود، وأول من اتخذ السلاح، وقاتل الكفار.
(6)
ـ وهل إلياس الوارد ذكره في القرآن، هو إدريس؟. ذكر السمعاني قولين للعلماء:
أحدهما: أنه إدريس، ونسبه لابن مسعود، ورجح الآخر: وهو أنه رجل آخر.
(7)
قال تعالى: {وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات:123]، قال السمعاني:"إن إلياس كان من ولد هارون، وبعثه الله إلى بني إسرائيل، وياقل بعثه الله إلى بعلبك، وهي بلدة، وكان أهلها يعبدون صنماً يُسمى بعلاً ".
(8)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 57
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 217
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 171
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 6/ 53
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 424
(6)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 300
(7)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 122 - 4/ 412
(8)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 411
ـ واختلف في إدريس هو حي أو ميت؟ وذكر السمعاني قولين في المسألة:
أحدهما: أنه حي، والآخر: أنه ميت، ثم قال: وهذا قول معروف.
(1)
5 ـ إبراهيم وآله: قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} [آل عمران:33]، يقول السمعاني:" وآل إبراهيم: هم إسماعيل، وإسحاق، ويعقوب. وآل عمران: موسى وهارون، وآل عمران من آل إبراهيم، وقيل: أراد به عيسى؛ لأنه ابن مريم بنت عمران"
(2)
.
ـ وقد أمر الله تعالى باتباع ملة إبراهيم، فقال تعالى:{وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [النساء:125]، يقول السمعاني:" وإنما خصَّ إبراهيم؛ لأنه كان مقبول الأمم أجمع "
(3)
.
والله جل وعز قد اصطفى آل إبراهيم، وآتاهم النبوة، قال تعالى:{فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ} [النساء:54]، يقول السمعاني:" أراد بآل إبراهيم: داود، وسليمان، والكتاب: هو الكتاب الذي أنزل عليهم، وأما الحكمة، قيل: هي النبوة، وقيل: هي السنة "
(4)
.
ـ وقد أثنى الله تعالى على نبيه إبراهيم عليه السلام، ووصفه بعدة صفات:
1 ـ بأنه أمة: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ (120) شَاكِرًا لِأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (121) وَآتَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ (122)} [النحل:120 - 122]،
وهذه مجموعة صفات امتاز بها خليل الرحمن (إبراهيم عليه السلام:
ـ كان أمة: وهو المعلم للخير، وهو الذي يقتدى به ويُؤتم.
ـ قانتاً: أي: مطيعاً لله، وقيل: قائماً بأوامره، وقيل: دائماً على العبادة.
ـ حنيفاً: أي: مخلصاً، وقيل: مستقيماً على الدين.
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 300
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 311
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 484
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 437
ـ ولم يك من المشركين: أي: ممن يعبد الأصنام، وقيل: كان يرى العطاء والمنع من الله.
وحسنة الدنيا، قيل: هي النبوة، وقيل: لسان الصدق، وقيل التنويه لذكره لطاعة ربه، وقيل: قبول كل أهل الملل له، وقيل: ضيافته، ودعاء الناس له إلى يوم القيامة.
(1)
2 ـ صديق: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا (41)} [مريم:41]، الصديق: كثير الصدق، القائم عليه.
(2)
3 ـ أعطاه الله أجره في الدنيا: {وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا} [العنكبوت:27]، يقول السمعاني:" أي الثناء الحسن، وقال قتادة: هو قبول كل أهل الأديان له، ورضاهم به، وقال السدي: هو الولد الصالح، وقيل: هو أنه أُرِي مكانه في الجنة، وقيل: إنه جعل الأنبياء من أولاده"
(3)
. ولذلك يُقال: إن الله تعالى لم يبعث نبياً بعد إبراهيم، إلا من نسله.
(4)
أ ـ إسحاق: قال تعالى: {وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلَى آلِ يَعْقُوبَ كَمَا أَتَمَّهَا عَلَى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ} [يوسف:6]، يعني: كما جعلهما نبيين من قبل، كذلك يجعلك نبياً.
(5)
وقال تعالى: {وَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَكُلًّا جَعَلْنَا نَبِيًّا} [مريم:49]، أي: أعطيناه أولاداً كراماً بررة، عِوَض الذين كان يدعوهم إلى عبادة الله فلم يجيبوا.
(6)
وقد ذكر السمعاني خلاف المفسرين في الذبيح. من هو؟ إسحاق أم إسماعيل؟
فذهب قوم إلى أنه إسحاق عليه السلام، وهو قول علي، وابن مسعود، وكعب، وقتادة، وجماعة. وذهب جماعة إلى أنه إسماعيل عليه السلام، وهو مروي عن ابن عباس، وسعيد بن المسيب، الحسن، وغيرهم.
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 208 - 209
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 294
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 177
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 177
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 8
(6)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 297
وذكر السمعاني أن قوله تعالى، بعد سرد قصة الذبيح:{وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ} [الصافات:112]، هي مستدل من قال بأن الذبيح هو إسماعيل؛ لأنه ذكر قصة الذبيح بتمامها، ثم قال:" وَبَشَّرْنَاهُ بِإِسْحَاقَ "، فدل على أنه كان غير إسحاق.
وأما من قال إنه إسحاق، فقالوا: إن البشارة هنا وقعت بالنبوة لإسحاق، والبشارة الأولى، بولادته، وإعطائه إياه.
(1)
وهذه المسألة كما أشار السمعاني، أنها محل نزاع قديم، حتى أٌلفت فيها المؤلفات، ومع ذلك لم يرد فيها نص صريح صحيح، يُقطع به النزاع، ولذا جرى الخلاف عن اجتهاد، وحسن نية، وقد يكون عند بعضهم عن عصبية، وسوء طوية. وهذه المسألة ليست من الأحكام، ولا من أصول الدين، وإنما هي من محاسن الشريعة، وتوابعها، ومتمماتها، لا أمهاتها، كما أشار إليه ابن العربي
(2)
. فالمسألة اجتهادية، " لا يترتب على الجهل بها خطر على العقيدة، ولا أثر لها في حياة الناس، فأي ابني إبراهيم كان الذبيح، كان فيه وفي أبيه العبرة، وبهما تكون القدوة في الصبر على البلاء، وإيثار طاعة الله. ولا يشين ذلك من لم يكن الذبيح، ولا ينقص قدره، كما أنه لم ينقص قدر كثير من الأنبياء والمرسلين، أنهم لم يحصل لهم مثل ذلك، فالمزية بعينها تدل على الفضيلة، لكنها لا تدل على الأفضلية "
(3)
.
وقد ذهب بعض العلماء إلى التوقف في هذه المسألة، قال الزجاج:" الله أعلم أيهما كان الذبيح "
(4)
، ورجح الشوكاني هذا القول في تفسيره، وقال:" الوقف هو الذي لا ينبغي مجاوزته، وفيه السلامة من الترجيح بلا مرجح، ومن الاستدلال بما هو محتمل "
(5)
.
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 410، وكان السمعاني يميل لهذا القول؛ لأنه ذكر أن من خصائص إسحاق في معرض آخر: أنه صبر حين ابتلي بالذبح. والله أعلم.
تفسير القرآن:4/ 447 - 3/ 8
(2)
ابن العربي: أحكام القرآن: 4/ 30
(3)
الدويش: فتاوى اللجنة الدائمة: 4/ 291
(4)
الزجاج: معاني القرآن: 4/ 311
(5)
الشوكاني: فتح القدير: 4/ 468
ومع احتمال المسألة، وتباين الأراء فيها، إلا أن الأقرب ـ والله أعلم ـ أن الذبيح هو إسماعيل؛ لاعتبارات كثيرة أشار إليها العلماء، حتى قال ابن القيم:" القول بأنه إسحاق، فباطل بأكثر من عشرين وجهاً، وسمعت شيخ الإسلام يقول: هذا القول إنما هو متلقى عن أهل الكتاب "
(1)
، وقال ابن كثير:" وقد ذهب جماعة من أهل العلم، إلى أن الذبيح هو إسحاق، وحُكي ذلك عن طائفة من السلف، حتى نقل عن بعض الصحابة أيضاً، وليس ذلك في كتاب ولا سنة، وما أظن ذلك تلقى إلا عن أخبار أهل الكتاب، وأخذ ذلك مسلماً من غير حجة، وهذا كتاب الله شاهد ومرشد إلى أنه إسماعيل "
(2)
.
ب ـ إسماعيل: أصلة اسمع إيل، وذلك أن إبراهيم ـ صلوات الله عليه ـ كان يدعو الله أن يرزقه ولدا، ويقول: اسمع إيل، فلما رزقه الله الولد سماه إسماعيل.
(3)
وقد أثنى الله عليه، فقال:{وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} [مريم:54]، يقول السمعاني:" الأكثرون أن هذا، إسماعيل بن إبراهيم، وقال بعضهم: هو إسماعيل بن حزقيل، نبي آخر، فإن إسماعيل بن إبراهيم توفي قبل إبراهيم. والصحيح: هو القول الأول، وقد كان بُعث إلى جرهم وهي قبيلة، وأما وفاته قبل إبراهيم لاتعرف".
(4)
(1)
ابن القيم: زاد المعاد: 1/ 71 ـ إغاثة اللهفان: 2/ 355
(2)
ابن كثير: تفسير القرآن العظيم: 7/ 27
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 138
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 298
ج ـ يعقوب: وله في القرآن اسمان: يعقوب، وإسرائيل، ومعنى إسرائيل عبدالله
(1)
، وقد رجح السمعاني أن أبناء يعقوب كلهم أنبياء، قال:" فإن أولاد يعقوب كلهم كانوا أنبياء"
(2)
، وقد ذكر القرطبي الخلاف فيهم، فقال:" أن إخوة يوسف ما كانوا أنبياء لا أولاً ولا آخراً؛ لأن الأنبياء لا يدبرون في قتل مسلم، بل كانوا مسلمين، فارتكبوا معصية ثم تابوا، وقيل: كانوا أنبياء، ولا يستحيل في العقل زلة نبي، فكانت هذه زلة منهم، وهذا يرده، أن الأنبياء معصومون من الكبائر، وقيل: ما كانوا في ذلك الوقت أنبياء ثم نبأهم الله، وهذا أشبه، والله أعلم "
(3)
.
6 ـ داود بن إيشا: جمع الله تعالى له بين الملك والحكمة، قال تعالى:{وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ} [البقرة:251]، يقول السمعاني:" جمع لداود بين الملك والحكمة، يعني: النبوة، قيل بعده بسبع سنين، ولم يكن من قبل مجتمعاً، بل كان الملك في سبط، والنبوة في سبط "
(4)
، وقد أعطاه الله علماً، فقال:{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْمًا} [النمل:15]، أي: علم القضاء، وعلم منطق الطير، ومنطق الدواب
(5)
، واختصه الله تعالى بالفضل، فقال:{وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلًا} [سبأ:10]، قيل: هو النبوة، وقيل: الملك، وقيل: القضاء بالعدل، وقيل: حسن الصوت، وقيل: تليين الحديد له، وجميع ما أعطي وخص به.
(6)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 70
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 8
(3)
القرطبي: الجامع لأحكام القرآن: 9/ 133
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 254
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 81
(6)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 319
7 ـ سليمان: وقد ورث سليمان من والده داود، الملك والنبوة، كما قال تعالى:{وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ} [النمل:16]، قال السمعاني:" المراد منه: إرث الملك والنبوة "
(1)
، وقد آتاهم الله جل وعلا ملكاً عظيماً، قيل: هو تحليل الزوجات، وقيل: هو ملك سليمان، وقيل: المراد به، تأييدهم بالجنود من الملائكة
(2)
. واختلف في مدة ملك سليمان: فروي أن الملك وصل إليه، وهو ابن ثلاث عشرة سنة، ومات وهو ابن ثلاث وخمسين سنة، وفي بعض الروايات، عن أبي جعفر بن محمد بن علي: أنه ملك سبعمائة سنة، قال السمعاني:" وهذه رواية غريبة "
(3)
.
8 ـ يوسف: قال الله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ} [غافر:34]، وهو يوسف بن يعقوب نبي الله، وذلك: أن الله بعث إليهم يوسف رسولاً، فدعاهم إلى الله تعالى، ومكث فيهم عشرين سنة بعد وفاة يعقوب عليه السلام
(4)
. وقال السمعاني في موطن آخر: " وتوفي وهو ابن مائة وعشرين سنة، فدفنوه في نيل مصر "
(5)
.
9 ـ موسى: اسم عبري، و (مو) باللغة العبرية هو الماء، و (شي) هو الشجر، فسمي (موشي)؛ لأنه أُخذ من الماء والشجر، ثم قلب الشين سيناً في العربية، فصار موسى
(6)
. وهو نبي بني إسرائيل، قال تعالى عنه:{فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء:21]، أي: النبوة والعلم.
(7)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 81
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 437
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 103
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 19
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 69
(6)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 79 - 4/ 123
(7)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 41
10 ـ يحيى: قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى} [الأنبياء:90]، قيل: سمي يحيى؛ لأن رحمها حيَّ بالولد
(1)
. وقد سمَّاه الله يحيى قبل أن يولد
(2)
، {أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَى} [آل عمران:39]، ولذا قال تعالى:{إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا} [مريم:7]، يعني: من تسمى باسمه، فإن قيل: فأي فضيلة له في هذا؟ قلنا: فضيلة التخصيص، وقيل فضيلة تسمية الله إياه بهذا الاسم
(3)
. والله جل وعلا آتاه الحكم صبياً، كما قال:{يَايَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا} [مريم:12]، يقول السمعاني:" أي النبوة، وهو قول أكثر المفسرين "
(4)
.
11 ـ شعيب: بُعث إلى أهل مدين، وأهل الأيكة، فأما أهل مدين أهلكوا بالصيحة، وأما أهل الأيكة فأهلكوا بعذاب الظلة
(5)
، وقد رزقه الله رزقاً حسناً، فقيل: كان كثير المال، وقيل: الرزق الحسن هنا النبوة.
(6)
12 ـ صالح: بعثه الله إلى أهل ثمود، قال تعالى:{وَلَقَدْ كَذَّبَ أَصْحَابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ} [الحِجر:80]، يقول السمعاني:" الْمُرْسَلِينَ " المراد به، صالح عليه السلام
(7)
، وقال تعالى:{قَالَ يَاقَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتَانِي مِنْهُ رَحْمَةً} [هود:63]، والرحمة هاهنا: بمعنى النبوة.
(8)
وقيل: إن قوم صالح لما أهلكهم الله تعالى، جاء صالح مكة، وتوفي بها، وكذلك هود عليه السلام.
(9)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 405، وقيل: مأخوذ من قوله (ياحي): 3/ 281
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 315
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 279
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 282
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 148
(6)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 452
(7)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 148
(8)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 439
(9)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 106
13 ـ هود: أرسله الله إلى عاد، قال تعالى:{وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنْذَرَ قَوْمَهُ بِالْأَحْقَافِ} [الأحقاف:21]، وهو هود عليه السلام، وكان أخاهم في النسب لا في الدين
(1)
. وهم عاد الأولى، وثمود هم عاد الأخرى
(2)
، وقيل: إن عاداً الأولى عاد إرم، وعاد الثانية، المعروفة الذين أرسل إليهم هود عليه السلام.
(3)
14 ـ لوط: أرسله الله إلى المؤتفكات، سميت مؤتفكات؛ لأن الله تعالى قلبها بهم
(4)
. ولوط هو ابن أخي إبراهيم عليهما السلام
(5)
. قال تعالى: {وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات:133]، أي: من جملة المرسلين، وهم الأنبياء
(6)
. واختلف المفسرون: هل آمن معه أحد؟!
فقيل: لم يكن آمن به أحد إلا ابنتاه، قال ابن عباس: إنه ما من نبي إلا ويكون معه أمة يوم القيامة، سوى لوط عليه السلام، فإنه يأتي وحده. وقيل: إنه كان آمن به بضع عشرة نفساً.
(7)
15 ـ يونس: قال تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} [الصافات:139]، أي: من جملة رسل الله.
(8)
وهل كان نبياً قبل حادثة الحوت أو بعدها؟ قيل: كانت نبوته بعد أن أخرجه الله تعالى من بطن الحوت، قال السمعاني:" والأصح: أنه كان نبياً من قبل، وقد دَلَّ على هذا قوله تعالى {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ} [الصافات:139 - 140]، وأما البلد الذي أرسل إليه فهو نينوى من بلاد الموصل".
(9)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 158
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 303
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 6/ 219
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 326
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 392
(6)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 412
(7)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 428 - 5/ 237 - 259
(8)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 413
(9)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 417
16 ـ هارون أخو موسى: قال تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} [مريم:53]، قيل: إنما سمى نبوة هارون لموسى؛ لأن موسى كان قال: {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30)} [طه:29 - 30]،
(1)
وقيل: كان هارون أكبر من موسى بأربع سنين، فكان أفصح منه لساناً، وأجمل منه وجهاً، وأوسم وأبيض، وكان موسى آدم، أقنى، جعداً.
(2)
17 ـ عيسى: يقول السمعاني: " وأما عيسى له اسمان: عيسى، والمسيح "
(3)
، وعيسى كلمة الله، ومعنى كونه كلمة الله:
ـ أن يكون بكلمة من الله، حيث قال له: كن فكان، من غير سبب ولا علة، وصنع بشر، وإلقاء نطفة.
ـ وقيل: أنه كلمة الله بمعنى أنه يُهتدى به، كما يهتدى بكلام الله.
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 298
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 328
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 141
ـ وقيل: أن الله تعالى كان قد أخبر الأنبياء، ووعدهم في كتبه، أنه يخلق نبياً بلا أب، ووعد مريم أنه يولد لها ولد بلا أب، فلما تَكوَّن عيسى، سماه كلمة؛ لأنه حصل بتلك الكلمة وذلك الوعد
(1)
. وقال الله حل وعز: {يَامَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} [آل عمران:45]، قال ابن عباس: إنما سُمي مسيحاً؛ لأنه ما مسح ذا عاهة إلا برئ. وقال الحسن وقتادة: سُمي مسيحاً؛ لأنه مسح بالبركة، وقيل: المسيح الصديق، وقيل: سمي مسيحاً؛ لأنه كان يمسح وجه الأرض، ويسيح فيها، وقيل: إنما سُمي مسيحاً؛ لأنه ممسوح القدم لأخمص قدميه
(2)
. ويقول السمعاني: " وسُمي عيسى روحاً؛ لأنه حصل بتكوين الله، من غير توليد والد"
(3)
، وذهب السمعاني إلى أن عيسى من ذرية آدم، وإن كان انتماؤه إلى الأم؛ لأنه عده من ذرية نوح، فيكون آدم أباه من قبل الأم، وشاهده قول تعالى:" وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ " ثم قال تعالى: {وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ} [الأنعام:85].
(4)
فعيسى نبي، وليس بعده إلا نبينا محمد عليهما الصلاة والسلام، قال تعالى:{إِنْ هُوَ إِلَّا عَبْدٌ أَنْعَمْنَا عَلَيْهِ} [الزُّخرُف:59]، أي: بالنبوة والآيات.
(5)
واختلف المفسرون هل عيسى حي أو ميت؟!. اختلف المفسرون في هذا بناء على قوله تعالى: {إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ} [آل عمران:55]، فذكر السمعاني فيها أقوالاً:
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 315، وذكر السمعاني خلاف العلماء في لقمان، هل كان نبياً أم لا؟ قال: والأكثر أنه لم يك نبياً. تفسير القرآن: 4/ 229
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 319
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 106
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 122
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 112
أولاً: أنه حي، ومعنى الآية، كما قال الحسن البصري:" يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ " أي: قابضك من الأرض، قال السمعاني: وهو صحيح عند أهل اللغة، فيقال: توفيت حقي من فلان، أي قبضت. ففي الآية تقديم وتأخير، وتقديره: إني رافعك إليَّ ومتوفيك، أي بعد النزول من السماء، وهذا محكي عن ابن عباس، وعليه تدل النصوص الصحيحة، في نزوله آخر الزمان، وقتله الدجال، وأنه يعيش بعد ذلك سبع سنين، ويتزوج، ويولد له، ثم يموت، ويصلي عليه المؤمنون من هذه الأمة.
ثانياً: أن الآية على حقيقة الموت، وأن عيسى قد مات، ثم أحياه الله تعالى، ورفعه إلى السماء، قال وهب بن منبه: أماته الله ثلاث ساعات من النهار، ثم أحياه، ورفعه إليه، وهذا قول آخر لابن عباس.
ثالثاً: أن المراد بالتوفي: النوم، وكان عيسى قد نام، فرفعه الله نائماً إلى السماء.
ورجح السمعاني القول الأول، واستدل بقوله عليه الصلاة والسلام:" رأيت المسيح بن مريم يطوف بالبيت "
(1)
، قال: فدل على أن الصحيح: أنه في الأحياء.
(2)
وختاماً: أشار السمعاني إلى قول أهل العلم: أن أربعة من الأنبياء أحياء، اثنان في السماء، واثنان في الأرض، أما اللذان في السماء: فإدريس وعيسى، وأما اللذان في الأرض: فالخضر وإلياس.
(3)
وذكرنا أن الصحيح: في عيسى أنه حي في السماء، وأما إدريس، فقد ذكر السمعاني الخلاف فيه سابقاً، والراجح أنه ميت ليس بحي.
وأما إلياس والخضر، فقد ذكر السمعاني في ذلك قصة، تدل على بقائهما أحياء.
(4)
(1)
أخرجه البخاري في صحيحه، باب الجعد، ح (5902)
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 324
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 300، وهو منسوب لكعب الأحبار، انظر: ابن كثير: البداية والنهاية: 1/ 394
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 412
والذي عليه المحققون من أهل العلم موتهما، يقول ابن كثير بعد أن أورد الحديث في أنهما يجتمعان في كل عام في رمضان ببيت المقدس، وأنهما يحجان كل سنة، ويجتعان بعرفات قال:" وبيَّنا أنه لم يصح شيء من ذلك، وأن الذي يقوم عليه الدليل: أن الخضر مات وكذلك إلياس عليهما السلام "
(1)
.
(1)
ابن كثير: البداية والنهاية: 1/ 394