الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية: تعريف الكفر في الشرع:
ب ـ في الشرع: قالوا في تعريف الكفر في الشرع: هو عدم الإيمان
(1)
، ولذا فهما متقابلان إذا زال أحدهما خلفه الآخر
(2)
. وقيل: الكفر تغطية ما حقه الإظهار، وأعظم الكفر: جحود الوحدانية، أو النبوة، أو الشريعة
(3)
. وقال السيوطي: " الكفر تغطية الحق بالباطل ".
(4)
وقد قسم السمعاني الكفر إلى أربعة أقسام فقال: وقيل: الكفر على أربعة أنحاء:
1 ـ كفر إنكار: وهو ألا يعرف الله تعالى أصلاً، أو لا يعترف به.
2 ـ كفر جحد: وهو أن يعرف الله تعالى، ولكن يجحده، ككفر إبليس.
3 ـ كفر عناد: وهو أن يعرف الله تعالى بقلبه، ويعترف بلسانه، ولكن لا يتدين به، ولا يتخذه ديناً، ككفر أبي طالب، فإنه عرف الله ورسوله بقلبه، وأقر بلسانه.
4 ـ كفر نفاق: أن يعترف باللسان، ولا يعتقد بالقلب. قال السمعاني:" فهذه أنواع الكفر، فمن لقي الله تعالى بنوع منها لم يعف ".
(5)
(1)
ابن تيمية: مجموع الفتاوى: 20/ 86
(2)
ابن القيم: كتاب الصلاة: 53
(3)
المناوي: التوقيف على مهمات التعاريف: عالم الكتب، القاهرة، ط 1، 1410 هـ (282)
(4)
السيوطي: معجم مقاليد العلوم: مكتبة الآداب، القاهرة، ط 1، 1424 هـ (74)
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 46
والسمعاني يُقسِّم الكفر إلى نوعين: كفر بالله مخرج عن الملة، وهو ما أشار إليه سابقاً، وكفر لا يخرج من الملة، وهو كفران النعمة، وقد حَمَل قوله تعالى:{وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور:55]، على كفران النعمة بترك الطاعة، قال: وهذا ما عليه أكثر أهل التفسير، وهو الأصح من حمله على الكفر بالله تعالى
(1)
، ويدل عليه أيضاً تفريقه بين الرياء والنفاق، فقال:" واعلم أن الرياء لا يوجب الكفر، وهو عيب عظيم، وأما النفاق كفر محض "
(2)
، فإن كان ما ذكره الإمام السمعاني صحيحاً، فكيف وجَّه قوله تعالى:{وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ} [محمد:20]، والذين في قلوبهم مرض، أي: نفاق، فكيف أخبر عن المؤمنين في ابتداء الآية، ثم قال:" رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ " وهم المنافقون، والمنافق لا يكون مؤمناً؟! أجاب عنه السمعاني بقوله:" والجواب عنه: أن في الآية حذفاً، ومعناه: " فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ "، فرح المؤمنون واستأنسوا بها، و" رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ " أي: شخصوا بأبصارهم نحوك، ونظروا نظراً شديداً، شبه الشاخص بصره عند الموت، وإنما أصابهم مثل هذا؛ لأنهم إن قاتلوا خافوا الهلاك، وإن لم يقاتلوا، خافوا ظهور النفاق "
(3)
، إذن: فالنفاق كفر القلب، وزواله بالإخلاص.
(4)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 545
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 494
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 180
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 495