الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
17 ـ ما معنى الصلاة من الله تعالى:
قال تعالى: {هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ} [الأحزاب:43]، ذكر السمعاني ثلاثة أقوال:" اختلفوا في معنى الصلوات من الله تعالى: قال أبو العالية: هو الثناء من الله على عباده، وعن بعضهم: إشاعة الذكر الجميل لهم، وأشهر الأقوال: أن الصلاة من الله تعالى بمعنى: الرحمة والمغفرة"
(1)
.
وفسَّرها السمعاني في أكثر من موطن، بالرحمة والمغفرة.
(2)
18 ـ ما معنى إمهال الله جل وعز:
قال تعالى: {فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ} [الحج:44]، يقول السمعاني:" أي: أمهلت للكافرين، والإمهال من الله؛ هو الاستدراج والمكر "
(3)
، والله تعالى يقول في مقام آخر:{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ (182)} [الأعراف:182]، قيل: الاستدراج من الله: هو أن العبد كلما ازداد معصية، زاده الله نعمة، وقيل: هو أن يُكثِر عليه النعم، ويُنسيه الشكر، ثم يأخذه بغتة.
(4)
وقال تعالى: {فَذَرْنِي وَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} [القلم:44]، يقول السمعاني:" الاستدراج في كلام العرب: هو الأخذ قليلاً قليلاً ".
(5)
19 ـ ما معنى مدافعة الله عز وجل عن المؤمنين:
قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا} [الحج:38]، يقول السمعاني:"والمدافعة عنهم: بحفظهم ونصرتهم، ويُقال: يدافع الكفار عن الذين آمنوا، ويُقال: يُدافع المؤمنين وساوس الشيطان، وهواجس النفوس، ويُقال: يدافع عن الجهال بالعلماء، وعن العصاة بالمطيعين "
(6)
.
(1)
((السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 292
(2)
((السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 157 - 2/ 341 - 4/ 304
(3)
((السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 443
(4)
((السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 236
(5)
((السمعاني: تفسير القرآن: 6/ 30
(6)
((السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 441
خلاصة الفصل: تبيَّن مما سبق ذكره وإيضاحه، التزام السمعاني بمذهب السلف، في أنواع التوحيد الثلاثة، من جهة الدلالة والاستدلال، وإن كان قوله رحمه الله مرجوحاً في بعض المسائل، كمسألة الاسم والمسمى، وتخريج بعض أقواله في إطلاقه التشابه، على بعض نصوص الصفات، وما عدا ذلك، فكان الإمام السمعاني حرباً على أهل الشرك، والبدع، والتأويلات الفاسدة، فقد قَرَّر العقيدة والتوحيد، بأسلوب سهل ميسَّر، بعيد عن الفلسفات والقوانين المنطقية، والأُطر الكلامية، ولذا فقد سلك في بيان تقرير المعتقد الصحيح، منهج السلف في التدليل والبيان، والتوجيه والتقعيد، والرد على الشبهات، بل ربما أورد بعض المشكلات، ورد عليها بأسلوب عقلي مقنع.
وكذلك تبيَّن ـ مما سبق ـ أهمية التوحيد بأنواعه الثلاثة، وشرفها، ومنزلتها، فإن " كل آية في القرآن، فهي متضمنة للتوحيد، شاهدة به، داعية إليه، فإن القرآن إما خبر عن الله، وأسمائه وصفاته وأفعاله، فهو التوحيد العلمي الخبري، وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له، وخلع كل ما يُعبد من دونه، فهو التوحيد الإرادي الطلبي، وإما أمر ونهي، وإلزام بطاعته في نهيه وأمره، فهي حقوق التوحيد ومكملاته، وإما خبر عن كرامة الله لأهل توحيده وطاعته، وما فعل بهم في الدنيا، وما يُكرمهم به في الآخرة، فهو جزاء توحيده، وإما خبر عن أهل الشرك، وما فعل بهم في الدنيا من النكال، وما يحل بهم في العقبى من العذاب، فهو خبر عمن خبر عن حكم التوحيد "
(1)
.
وتبيَّن لنا خطورة الشرك، وأن أصله وقاعدته التي يرجع إليها: هو التعطيل، إما تعطيل المصنوع عن صانعه، أو تعطيل الصانع عن كماله الثابت له، أو تعطيل معاملته عما يجب على العبد من حقيقة التوحيد
(2)
، وحقيقته: تشبيه الخالق بالمخلوق، أو تشبيه المخلوق بالخالق.
(3)
(1)
((ابن القيم: مدارج السالكين: 3/ 417
(2)
((المقريزي: تجريد التوحيد المفيد: 25
(3)
((المقريزي: تجريد التوحيد المفيد: 27
وتبيَّن لنا وسطية أهل السنة بين طوائف الملة، في توحيد الأسماء والصفات، وأنهم لا يتجاوزون في الوصف القرآن والحديث، وكان مطرف يقول: الحمد لله الذي من العلم به، الجهل بغير ما وصف به نفسه، ويقول سحنون: من العلم بالله، السكوت عن غير ما وصف به نفسه.
(1)
ويُخشى على من جحد التوحيد، وعَبَد غير الله تعالى، وانغمس في المعاصي، أن يكون ممن مكروا السيئات، قال تعالى:{أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ} [النحل:45]، يقول السمعاني:" مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ " يعني: فعلوا السيئات، وذلك: جحدهم التوحيد، وعبادتهم غير الله، وعملهم بالمعاصي، وقد قالوا في هذا الموضوع: هو السعي بالفساد، وما قلناه أفسد الفساد "
(2)
.
وتبيَّن ـ فيما سبق ـ أن بين أنواع التوحيد الثلاثة، إما علاقة تضمن والتزام، وإما علاقة شمول: فعلاقة الشمول، بمعنى أن توحيد الأسماء والصفات شامل لنوعي التوحيد الآخرين، من جهة الإقرار، فإن من أقرَّ بأسمائه وصفاته، ضمن ذلك الإقرار، بأن الله هو الرب والإله. وأما علاقة التضمن واللزوم: فإن توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية، وتوحيد الألوهية متضمن توحيد الربوبية، وتوحيد الألوهية والربوبية متضمن لتوحيد الأسماء والصفات، ومن اعتقد أن الله تعالى له الأسماء الحسنى، الصفات العلى، لزمه اعتقاده رباً وإلهاً.
(3)
(1)
((ابن عبدالبر: التمهيد: 7/ 146 - 147
(2)
((السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 174
(3)
((انظر: سعود الخلف: أصول مسائل العقيدة: 1/ 89، محمد التميمي: معتقد أهل السنة والجماعة في توحيد الأسماء والصفات: 37، محمد ملكاوي: عقيدة التوحيد في القرآن الكريم: 122.