الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ب ـ من الأشراط الكبرى:
أولاً: ذكر السمعاني خلاف العلماء في أول أشراط الساعة، فذكر عن بعضهم، حسب اختلاف الروايات:
ـ أن أول أشراط الساعة، طلوع الشمس من مغربها، وحينئذ يُغلق باب التوبة.
ـ أن أول أشراط الساعة، نار تخرج من المشرق، فتسوق الناس إلى المغرب.
ـ أن أول أشراط الساعة، خروج الدابة.
ثم ذكر السمعاني في الخبر:"أن هذه الأشراط تكون في مدة قريبة، ويتتابع بعضها إثر بعض
(1)
. وقيل: كلؤلؤ العقد إذا انحل نظامه، كان بعضه في إثر بعض.
(2)
وقد جمع ابن حجر بين مجموع الأخبار، فقال:" الذي يترجح من مجموع الأخبار، أن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض، وينتهي ذلك بموت عيسى عليه السلام. وأن طلوع الشمس من المغرب، هو أول الآيات العِظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي، وينتهي بقيام الساعة، ولعل خروج الدابة، يقع في ذلك اليوم الذي تطلع فيه الشمس من المغرب ".
(3)
ثانياً: من العلامات التي ذكرها السمعاني في تفسيره، ما يلي:
1 ـ طلوع الشمس من مغربها: واستدل السمعاني بقوله تعالى: {أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا} [الأنعام:158]، يقول السمعاني: " أجمع المفسرون على أنه أراد به: طلوع الشمس من مغربها، إلا في رواية شاذة، عن معاذ بن جبل أنه: خروج الدجال، وخروج يأجوج ومأجوج، وقد ثبت برواية ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(هي طلوع الشمس من مغربها)
(4)
، وكذلك رواه أبو سعيد مرفوعاً بلفظه
(5)
، وقال ابن مسعود: إن الشمس والقمر يطلعان يومئذ أسودين "
(6)
، ورجح هذا القول الطبري، وقال: هو أولى الأقوال بالصواب
(7)
، وقال الشوكاني:" فإذا ثبت رفع هذا التفسير النبوي من وجه صحيح لا قادح فيه، فهو واجب التقديم، محتم الأخذ به ".
(8)
2 ـ المسيح الدجال: وقد أثبته السمعاني من جهتين:
(1)
أخرجه الهيتمي في مجمع الزوائد: 7/ 331
(2)
أخرجه أحمد في المسند، ح (7040)
(3)
ابن حجر: فتح الباري: 11/ 353
(4)
أخرجه الطبراني في الكبير: ح (9019)
(5)
أخرجه الترمذي في جامعه، ح (3071)
(6)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 159
(7)
الطبري: جامع البيان: 8/ 103
(8)
الشوكاني: فتح القدير: 2/ 182
أ ـ ما رود عن بعض أهل التفسير، في قوله تعالى:{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ} [غافر:57]، يقول السمعاني:" ويُقال: لخلق السموات والأرض أكبر من قتل الدجال واحداً وإحيائه، فالناس هنا هو الدجال على هذا القول ".
(1)
ب ـ ما ورد في السنة الصحيحة، من حديث أبي بكر ة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يدخل المدينة رعب المسيح الدجال "
(2)
(3)
.
3 ـ نزول المسيح عيسى عليه السلام: واستدل له السمعاني بقوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ} [الزُّخرُف:61]، يقول السمعاني:" معناه: أن عيسى عليه السلام شرط من أشراط الساعة، فيعلم بنزوله علم الساعة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " لينزلن ابن مريم حكماً مقسطاً، يكسر الصليب، ويقتل الخنزير "
(4)
، وفي رواية:" أنه يقتل الدجال بباب لد "
(5)
، ويقول:" فإن عيسى ينزل ويقتل الدجال؛ نصرة للمسلمين ".
(6)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 27
(2)
أخرجه البخاري في صحيحه، باب لا يدخل الدجال المدينة، ح (1879)
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 54
(4)
أخرجه البخاري في صحيحه، باب قتل الخنزير، ح (2222)
(5)
أخرجه مسلم في صحيحه، باب ذكر الدجال وصفته، ح (2937)
(6)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 234 - 2/ 54 - 5/ 27
4 ـ الدابة: واستدل لها السمعاني بقول تعالى: {وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} [النمل:82]، يقول السمعاني:" والأكثرون على أنها دابة، وهي تخرج في آخر الزمان "، ثم ذكر السمعاني بعض صفاتها، وفي الغالب هي أشياء لم ترد في السنة الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. واختلف في الدابة هل تتكلم على وجه الحقيقة أم لا؟ ورجح السمعاني أنها تتكلم، ثم ذكر الخلاف على هذا القول بما تتكلم؟ فقيل: إن كلامها: أن هذا مؤمن، وهذا كافر، وقيل: أنها تتكلم بما قال الله تعالى: {أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ} .
(1)
5 ـ يأجوج ومأجوج: واستدل السمعاني بالنصوص الواردة في القرآن والسنة، قال تعالى:{حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ} [الأنبياء:96]،
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 113 - 114
6 ـ الدخان: واستدل له السمعاني، بقوله تعالى:{فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (10) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} [الدخان:10 - 11]، يقول السمعاني:" أن هذا الدخان يكون في القيامة، وهذا قول الحسن، وقتادة، وقيل: هو الأصح، وقيل: إن الدخان شرط من أشراط الساعة، وفي بعض الأخبار: " بادروا بالأعمال ستاً: طلوع الشمس من مغربها، والدخان
…
"
(1)
، وكان ابن مسعود يقول: قد مضى خمس: الدخان، والدم، والقمر، والبطشة، واللزام "
(2)
، وما ورد عن ابن مسعود في معارضة المرفوع من ثبوت الدخان في القيامة، إما أن يُقال: إن المرفوع مقدم على الموقوف، أو يُقال: بأنهما دخانان، ظهر أحدهما، وبقي الآخر، وهو الذي سيقع في آخر الزمان، يقول القرطبي:"قال مجاهد: كان ابن مسعود يقول: هما دخان قد مضى أحدهما، والذي بقي يملأ ما بين السماء والأرض، ولا يجد المؤمن منه إلا كالزكمة، وأما الكافر، فيثقب مسامعه "
(3)
.
ومن خلال هذا السرد العلمي لفكر السمعاني وآرائه، يتبين إيمانه بالنصوص والتزامه بما دلت عليه من المعاني والأحكام، دون تأويل أو رد.
وهو بهذا التقرير يرد على المخالفين في هذا الباب، ممن أنكر بعض ما ورد في كتب السنة، مما يتعلق بأشراط الساعة:
- فإثباته لنزول المسيح عليه السلام؛ رد على من كذب ذلك و تأوله.
- وإثباته للمسيح الدجال؛ رد على من أنكره، أو زعم أنه كناية عن غلبة الشر في ذلك الزمان، أو أنه رمز للدجل والخرافة والقبائح، وقد نقل الإمام النووي في شرحه لصحيح مسلم: أن إثبات المسيح الدجال، هو مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار، خلافا لمن أنكره من الخوارج، والجهمية، وبعض المعتزلة
(4)
(1)
أخرج مسلم في صحيحه، باب في بقية من أحاديث الدجال، ح (2947)
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 123
(3)
القرطبي: التذكرة: مكتبة دار المنهاج، الرياض، ط 1، 1425 هـ، (1267)
(4)
- النووي: شرح صحيح مسلم: 18/ 58