الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الثاني: فضل الإسلام:
الإسلام الذي جاء به النبي محمد صلى الله عليه وسلم من ربه، هو الدين الذي ارتضاه الله تعالى لنفسه، فقال:{وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة:3]، ولذلك أمر الله تعالى بالدخول فيه فقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً} [البقرة:208]، أي: ادخلوا جميعاً، وقيل: ادخلوا في الإسلام وشرائعه كافة، وقيل: ادخلوا في الإسلام إلى منتهى شرائعه، كافين عن المجاوزة إلى غيره، ولذا حين أراد قوم من اليهود أسلموا أن يجمعوا بين الإسلام واليهودية، نهاهم الله عن ذلك، فنزلت هذه الآية، والمعنى: كونوا للإسلام خاصة، ولا تجمعوا بينه وبين اليهودية
(1)
. فهو الدين الذي لا يقبل الله تعالى سواه، قال تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [آل عمران:85]، يقول السمعاني:" وحق لمن يبتغي غير الإسلام، أن يصبح غداً من الخاسرين"
(2)
. وقد أتم الله تعالى الدين، فقال سبحانه:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة:3]، أي: الشرائع والأحكام؛ لأنها نزلت بعد استقرار الشرائع والأحكام.
(3)
وقد أبان الإمام السمعاني فضل الإسلام، وجماله، وكماله، وذلك من خلال النقاط التالية:
1 ـ أن الإسلام دين الفطرة، قال تعالى:{فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم:30]، يقول السمعاني:" فالخلق يولدون على العهد الذي أُخذ عليهم يوم الميثاق، وهو فطرة الله ".
(4)
2 ـ أن الإسلام دين الرحمة، قال تعالى:{وَلَكِنْ يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ} [الشورى:8]، يقول السمعاني:" أي: يُدخل من يشاء في الإسلام "
(5)
، ومثله قوله تعالى:{لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ} [الفتح:25].
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 210
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 338
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 11
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 210
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 65
3 ـ أن جزاء من أسلم الحسنى وزيادة، قال تعالى:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} [يونس:26]، يقول السمعاني:" الإحسان ها هنا: الإسلام، والإحسان: هو قول لا إله إلا الله "
(1)
، ولما كان كذلك أمر الله باتباعه، فقال:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ} [الأنعام:153]، ونهى عن اتباع ما عداه من الملل، فقال:" فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ " بمعنى: سائر الملل سوى ملة الإسلام.
(2)
4 ـ سماه الله تعالى نوراً، قال تعالى:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة:257]، يقول السمعاني:" يعني: من الكفر إلى الإسلام، وإنما سمى الكفر ظلمات؛ لأن طريق الكفر مشتبه ملتبس، وإنما سمى الإسلام نوراً؛ لأنه طريق بَيِّن واضح "
(3)
، وقال تعالى:{قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ} [المائدة:15]، يقول السمعاني معنى النور:" قيل: هو الإسلام، وسمي نوراً؛ لأنه يهتدى به كما يهتدى بالنور".
(4)
5 ـ وأن الإسلام هو الصراط المستقيم، قال تعالى:{وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا} [الأنعام: 126]، يعني: الإسلام
(5)
، وقال تعالى:{قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [الأنعام:161]، يقول السمعاني:" هو دين الإسلام، أي: ديناً مستقيماً "
(6)
، وقال تعالى:{وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الحج:54]، يقول السمعاني:" أي: إلى طريق قويم، وهو الإسلام ".
(7)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 378
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 157
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 260
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 23
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 143
(6)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 161
(7)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 450
6 ـ أن دين الإسلام هو الدين الحق، والمهيمن على كل الأديان، قال تعالى:{وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ} [البقرة:42]، أي: الإسلام باليهودية والنصرانية
(1)
، وقال تعالى لنبيه محمد عليه الصلاة والسلام:{إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [البقرة:119]، " والمراد بالحق: القرآن، وقيل: شريعة الإسلام ".
(2)
7 ـ أن شرائع الإسلام مبنية على نفي الحرج، قال تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج:78]، واختلف العلماء في الحرج المنفي في الشريعة على أقوال:
ـ فقيل: أن الحرج المنفي هو الضيق، ومعنى الآية: أنه لا ضيق في الدين، بحيث لا خلاص عنه، فمعناه: أن المذنب وإن وقع في ضيق من المعصية، فقد جعل الله له خلاصاً بالتوبة، وكذلك إذا حنث في يمينه، جعل الله له الخلاص بالكفارة.
ـ وقيل: إن معنى الآية: أن الله تعالى لم يكلف نفساً فوق وسعها.
ـ وقيل: إن المراد من الآية: أنه إذا كان مريضاً، فلم يقدر على الصلاة قائماً، صلى قاعداً، فإن لم يقدر على الصلاة قاعداً صلى بالإيماء، ويفطر إذا شق عليه الصوم، بسفر، أو مرض، أو هرم، وكذلك سائر وجوه الرخص
(3)
. وقد جاء الإسلام بنفي الحرج في كل ما ذُكر، وقد أكد القرآن الكريم على هذا المعنى في مواطن كثيرة، منها قوله تعالى:{وَلَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [المؤمنون:62]، يقول السمعاني:" ويُقال: لم نكلف المريض الصلاة قائماً، ولا الفقير الزكاة والحج، ولا المسافر الصوم، وأشباه هذا ".
(4)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 72
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 132
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 458
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 481
8 ـ أن الإسلام قائم في تشريعاته وتعبداته على الإخلاص، وهو التوحيد، وقيل: هو تصفية النية في طاعة الله تعالى "
(1)
. قال تعالى: {أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ} [الزُّمَر:3]، يقول السمعاني:" أي: الدين الذي ليس فيه شرك هو لله، أي: واقع برضاه، وأما الدين الذي فيه شرك فليس لله، وإنما ذكر هذا؛ لأنه قد يوجد دين، ولا توحيد، ولا إخلاص منه "
(2)
، وقال تعالى:{فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [غافر:14]، أي: مخلصين له التوحيد، ومعناه: وحدوا الله، ولا تشركوا به شيئاً.
(3)
9 ـ أن دين الإسلام هو الدين الظاهر على كل الأديان، يقول الله تعالى:{هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ} [التوبة:33]، وذكر السمعاني في الإظهار قولان: الأول: أن هذا عند نزول عيسى عليه السلام، لا يبقى في الأرض أحد إلا أسلم، والثاني: أن المقصود الإظهار بالحجة، فدين الإسلام ظاهر على كل الأديان بالدليل والحجة "
(4)
. وقال في موطن آخر: " أي على جميع الأديان، شرقاً وغرباً، ومصداق هذه الآية على الكمال، إنما يكون عند نزول عيسى ابن مريم، حيث لا يبقى إلا دين الإسلام "
(5)
، وقال تعالى:{وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ} [النور:55]، يقول السمعاني:" أي: ليُظهرن دينهم على جميع الأديان، قال أهل العلم: يعني: فارس، والروم، ومن أشبههم ".
(6)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 457
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 457
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 10
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 304
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 427
(6)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 544