الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثالثة: في قوله تعالى:"فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بِهَذَاالْحَدِيثِ
" (القلم 44)،"وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ" (المزمل 11)، " ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا" (المدثر 11)، مامعنى ذرني في هذا المقام: مع أنه لا حائل يحول دونهم؟!
أجاب العلماء عن هذا التساؤل بجوابين:
الأول: أن هذا خرج مخرج التهديد والوعيد للمشركين، والمعنى لاتهتم بهم، فإني أكفيكهم
(1)
، فهو بمعنى الإبلاغ للنبي صلى الله عليه وسلم، بمعنى لاتشغل بهم فكرا، وكِلْهُم إليَّ
(2)
، فأنتقم منهم، وإن أمهلتهم فلا أهملهم
(3)
، وأشار إليه السمعاني في تفسيره
(4)
.
والثاني: أن العرب تقول ذلك، وإن لم يكن ثَمَّ حائل
(5)
،وبهذا أجاب الزجاج فقال:"فالجواب في ذلك: أن العرب إذا أرادت أن تأمر الإنسان، بأن له همة بأمر، أو بإنسان تقول: دعني وزيداً، ليس أن حال بينه وبين زيد أحد، ولكن تأويله: لاتهتم بزيد، فإني أكفيكه "
(6)
.
ويقول السمرقندي في تفسيره: هذا كلام على ماجرت به عادات الناس؛ لأن الله تعالى لايحول وبين إرادته أحد، ولكن معناه: فوض أمورهم إليّ
(7)
، وأن العرب تقول مثل هذا القول، وإن لم يكن هناك أحد يمنعه منه، ويرى السمعاني أن المعنى الثاني يرجع إلى الأول.
(1)
((الواحدي: التفسير الوسيط:4/ 375
(2)
((ابن عطية: المحرر الوجيز، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1422 هـ (5/ 389) ويقول: (وعيد ولم يكن ثمَّ مانع) 5/ 353
(3)
((السعدي: تيسير الكريم الرحمن، مؤسسة الرسالة، ط 1،1420 هـ (892)
(4)
((السمعاني: تفسير القرآن:6/ 30
(5)
((السمعاني: تفسير القرآن:6/ 80
(6)
((الزجاج: معاني القرآن:5/ 241.
(7)
((السمرقندي: نصر بن محمد بن أحمد، العلامة، من أئمة الحنفية، من الزهاد المتصوفين، له تصانيف نفيسة منها: تفسير القرآن، وعمدة العقائد، وتنبيه الغافلين، توفي سنة 373 هـ، الزركلي: الأعلام:8/ 27، انظر السرقندي: بحر العلوم: 3/ 511