الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثالث: الإيمان بالكتب:
الإيمان بالكتب الإلهية، ركن ركين من أصول الإيمان، لا يصح إيمان عبد، حتى يؤمن بها، " والإيمان بسائر الكتب واجب؛ لأنه وحي من عند الله تعالى
(1)
، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ} [النساء:136]، يقول السمعاني:" قوله تعالى: " وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ " يعني: القرآن، " والكتاب الذي أنزل من قبل " يعني: الكتب المنزلة من قبل القرآن "
(2)
.
(1)
القصري: شعب الإيمان: 303
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 490
" ويجزي من ذلك كله، الإيمان بالقرآن العظيم؛ فإنه قد وجب الإيمان بكل آية منه، وقد ذكر فيه جميع الأنبياء عموماً وخصوصاً، وما أنزل عليهم، ففي الإيمان به، إيمان بجميع الكتب؛ لأنه مهيمن على جميعها "
(1)
، قال تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} [المائدة:48]، فالكتاب هو القرآن الكريم، " مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ " يعني: سائر الكتب المنزلة قبله، " وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ "، قال ابن عباس: أي: أميناً عليه، والمعنى أن كل كتاب يصدقه القرآن، ويشهد بصدقه، فهو كتاب الله، ومالا فلا
(2)
. وعلى هذا إجماع المسلمين، يقول الإمام ابن تيمية:" السلف كلهم متفقون على أن القرآن، هو المهيمن المؤتمن الشاهد على ما بين يديه من الكتب "
(3)
.
ولذا كان الإيمان بالكتب، من الأصول المعتبرة في الإيمان، والإيمان بالقرآن الكريم يشمل أموراً: 1 ـ الإيمان بأنه كلام الله تعالى.
2 ـ والإيمان بأنه معجز النظم.
3 ـ واعتقاد أن جميع القرآن الذي توفي النبي صلى الله عليه وسلم عنه، هو الذي في مصاحف المسلمين، لم يُزد فيه حرف، ولم يُنقص منه حرف.
وأما الإيمان بالكتب قبله، فيقتضي الإيمان بها، الاعتراف بأنها كانت من عند الله، وكانت في أوقاتها حقاً وصدقاً، واتباعها واجباً للمتعبدين المخاطبين بها، كما أن الإيمان به يقتضي الإيمان بقبول ماجاء به، واتباعه في عامة ما يأمر به، ويدعو إليه.
(4)
والإمام السمعاني قد قرر جميع هذه المعاني وأثبتها، وبين دلائل الحق فيها، ورد على الشبهات التي تعتريها.
وقد ظهر اهتمام السمعاني بهذا الركن من عدة جهات:
1 -
التعريف بالقرآن الكريم والكتب السابقة.
2 -
الإشارة إلى صفات القرآن الكريم.
3 -
بعض أوجه إعجاز القرآن الكريم.
4 -
وذكر جملة من المسائل المتعلقة بالقرآن الكريم:
(1)
القصري: شعب الإيمان: 303
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 43
(3)
ابن تيمية: مجموع الفتاوى: 17/ 43
(4)
الحليمي: مختصر كتاب المنهاج: 68 - 70
- في وصف القرآن الكريم بأنه محكم ومتشابه.
- في أن القرآن الكريم منزل غير مخلوق.
- تفاضل كلام الله تعالى بعضه على بعض.
- المجاز في القرآن الكريم.
وباستقراء كلام السمعاني في هذا الباب، يجد أنه كان حقا سيفا مصلتا على المخالفين، فقد قرر المنهج القرآني الذي يدل على:
* أن القرآن الكريم كلام الله تعالى منزل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.
*وأنه هو الحاكم والمهيمن على الكتب السابقة.
* وأنه معجز في بلاغته، ونظمه، ومعناه، معجز في أخباره وأحكامه.
*وأنه محكم ومتشابه، وأن شأن المغرضين اتباع المتشابه.
وهو بهذا يرد على المخالفين من جهتين:
1 -
ما يجب اعتقاده في القرآن الكريم، فقد رد على من يقول بأن القرآن مخلوق، بالأدلة والبراهين، وأثبت ما أجمعت عليه الأمة: من أن القرآن منزل غير مخلوق، وأنه من كلام الله تعالى، وأنه كلام الله تعالى صفة من صفاته، والله تعالى وصفاته غير مخلوقة.
2 -
الإعجاز الذاتي للقرآن الكريم، رادا به على خرافة القول بالصرفة.