الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومع ترجيح السمعاني لتفاضل القرآن في سوره وآياته، وحمله على أحد أوجه الخيرية، المشار إليها، من الثواب، أو السهولة، أو الإعجاز، إلا أن الإمام ابن تيمية قال لما حكى مثل هذا الكلام عن القاضي أبي يعلى:" قلت: بقي القول الثالث، وهو الحق، وهو التفاضل الحقيقي، كما نطقت به النصوص الصحيحة الصريحة "
(1)
، ولذا قال: " فلا يجوز أن يراد بالخير من جهة كونه أخف عملاً، أو أشق وأكثر ثواباً؛ لأن هذين الوصفين ثابتان لكل ما أمر الله به مبتدأ وناسخاً
…
"
(2)
.
إذن: " الصواب الذي عليه جمهور السلف والأئمة، أن بعض كلام الله أفضل من بعض، كما دَلَّ على ذلك الشرع والعقل "
(3)
.
المطلب الرابع: القول بالمجاز في القرآن الكريم:
المجاز نوع من البلاغة والبيان الراقي، ومع ذلك جرى خُلف في وقوعه من عدمه، في اللغة والقرآن والحديث، وقد حكى السمعاني إنكار وجوده في اللغة عن قوم، ورد عليهم، ثم نقل عن الجمهور القول بالمجاز في القرآن، وحكى خلاف أهل الظاهر ومن تبعهم في ذلك، وذكر حججهم، ورد عليهم.
وبذا يظهر رأي السمعاني جليا في القول بالمجاز في اللغة والقرآن والحديث، ويدلل عليه بقوله: إن القرآن أنزل بلسان العرب، وفي إنزال الله تعالى القرآن بلسان العرب، يقتضي حسن خطابه إيانا فيه بلغتها، ما لم يكن فيه تنفير، والتنفير يكون بالكلام السخيف الذي ينسب قائله إلى المجون والغي، وليس هذا سبيل المجاز؛ لأن أكثر الفصاحة إنما يظهر بالمجاز والاستعارة
(4)
.
وعلى القول بالمجاز في القرآن، هل يُشكل على الآيات الواردة في الصفات؟
بمعنى أن يتعدى بحقيقة الكلام إلى مجازه، فيكون متأولا لنصوص الصفات على سياج المجاز.
(1)
آل تيمية: المسودة في أصول الفقه: دار الكتاب العربي: (201)
(2)
ابن تيمية: مجموع الفتاوى: 17/ 48
(3)
ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل: 7/ 272
(4)
- السمعاني: قواطع الأدلة: 1/ 268
لا يلزم من القول بالمجاز في القرآن، أن يتعدى به إلى آيات الصفات؛ فآيات الصفات باقية على حقيقتها؛ لأن الأصل في الكلام الحقيقة حتى يرد دليل إرادة المجاز، ولهذا يقول السمعاني: وإذا ثبت جواز المجاز في القرآن والسنة، فلكل مجاز حقيقة، وليس لكل حقيقة مجازا؛ لأن الحقيقة أصل المجاز، فافتقر المجاز إلى الحقيقة، ولم تفتقر الحقيقة إلى المجاز
(1)
.
ومما يدل على إبقاء السمعاني نصوص الصفات على حقائقها ما يلي:
1 -
تعامله مع ظواهر هذه النصوص دون تأويل، وشاهده: ما ورد في كلامه عند تفسير قوله تعالى: (وجاء ربك والملك صفا صفا) قال: (وجاء ربك) هو من المتشابه الذي يؤمن به ولا يُفسر، وقد أول بعضهم: وجاء أمر ربك، والصحيح ما ذكرنا
(2)
.
2 -
أنه حين أورد دليل القائلين بإنكار المجاز في القرآن، قال: وأما قولهم: إنه لو جاز ذلك، لجاز أن يُسمى الرب عز وجل متجوزا أو مستعيرا، قلنا: عندنا لا يجوز أن يُسمى الرب تعالى، أو يوصف بوصف إلا الذي ورد به القرآن والسنة
(3)
.
3 -
استخدامه للمجاز في نفي معنى فاسد؛ كما في قوله تعالى: (إن الذين يُؤذون الله ورسوله) قال: وأصح القولين أن قوله: (يؤذون الله) على طريق المجاز، وأما على الحقيقة فلا يلحقه أذى من قبل أحد
(4)
.
4 -
عدم قبوله للمجاز في بعض التأويلات؛ كمن قال بالمجاز في قوله تعالى: (أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم)، فقال: قال بعض أهل العلم ظهور الآية منها كلام ونطق على وجه المجاز، لا أنها تتكلم، والأصح أنها تتكلم
(5)
، ومثله في قوله تعالى:(قالتا أتينا طائعين)، قال: منهم من قال: هذا كله على طريق المجاز، وليس على طريق الحقيقة، وقال بعضهم: إن القول والإجابة على طريق الحقيقة، وهذا هو الأولى
(6)
.
وبنظرة سريعة في تفسير السمعاني، يجد الناظر تعامل السمعاني الواسع لهذا الفن من البلاغة في تفسيره، ومن ذلك:
(1)
- السمعاني: مرجع سابق: 1/ 269
(2)
- السمعاني: تفسير القرآن: 6/ 222
(3)
- السمعاني: قواطع الأدلة: 1/ 268
(4)
- السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 306
(5)
- السمعاني: مرجع سابق: 4/ 115
(6)
- السمعاني: مرجع سابق: 5/ 40
- قوله تعالى: (قال إني جاعلك للناس إماما)، قال السمعاني: يعني في الخير، وقد يكون الإمام في الشر على طريق المجاز
(1)
.
- وقوله تعالى: (أم على قلوب أقفالها)، قال السمعاني: بل على قلوب أقفالها، وهو على طريق المجاز
(2)
.
- وقوله تعالى: (وجعلنا الليل لباسا)، قال السمعاني: أي سترا لكم، وهو مذكور على طريق المجاز
(3)
، وغيرها كثير.
الفصل الرابع: الإيمان بالرسل
المبحث الأول: تعريف الرسول والنبي والفرق بينهما
المطلب الأول: تعريف النبي والرسول
المطلب الثاني: الفرق بين النبي والرسول
المبحث الثاني: أسماء الأنبياء الواردة في القرآن الكريم
…
وإثبات نبوتهم
المبحث الثالث: خصائص الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام
المطلب الأول: الخصائص والصفات المشتركة
المطلب الثاني: الوحي
المطلب الثالث: العصمة
المطلب الرابع: المعجزات
المطلب الخامس: الإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم
الفصل الرابع: الإيمان بالرسل عليهم السلام:
الإيمان بالرسل عليه السلام، ركن من أركان الإيمان، لا يصح إيمان عبد، حتى يُؤمن بهم، ولذا فإن الله تعالى، " قد حتم على نفسه، ألا يقبل الإيمان إلا به، إلا مقروناً بالإيمان برسله، ومن لم يفعل ذلك فهو كافر، لقوله تعالى:"{وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا (150) أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا} [النساء:151 - 152] "
(4)
.
(1)
- السمعاني: مرجع سابق: 1/ 135
(2)
- السمعاني: مرجع سابق: 5/ 181
(3)
- السمعاني: مرجع سابق: 6/ 136
(4)
القصري: شعب الإيمان: 297
الفصل الرابع: الإيمان بالرسل
المبحث الأول: تعريف الرسول والنبي والفرق بينهما
المطلب الأول: تعريف النبي والرسول
المطلب الثاني: الفرق بين النبي والرسول
المبحث الثاني: أسماء الأنبياء الواردة في القرآن الكريم
…
وإثبات نبوتهم
المبحث الثالث: خصائص الأنبياء ـ عليهم الصلاة والسلام
المطلب الأول: الخصائص والصفات المشتركة
المطلب الثاني: الوحي
المطلب الثالث: العصمة
المطلب الرابع: المعجزات
المطلب الخامس: الإيمان بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم