الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
والدعاء هو الكلم الطيب الذي يصعد إلى الله تعالى، ويقبله، يقول تعالى:" إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ"(فاطر 10)، يقول السمعاني:"وقيل: الكلم الطيب: هو الدعاء من العباد"
(1)
.
ولذا أمر الله جل وعز به، فقال:"فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (7) وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب"(الشرح 7 - 8)، يقول السمعاني:" فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ" قال مجاهد وقتادة، والضحاك، والكلبي، ومقاتل: إذا فرغت من الصلاة فانصب للدعاء، وارغب إلى الله في المسألة، وقوله:" وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَب" هو الحث على الدعاء والمسألة" (
2).
2 ـ السجود:
وناقش السمعاني في السجود ست مسائل:
1 -
كون السجود عبادة محضة لله تعالى، لا يجوز صرفها لغيره.
2 -
أشار إلى بعض ما يُشكل على القاعدة السابقة من واقع بعض النصوص، وأبان الحقيقة المرادة منها، وهي في:
أ: سجود الملائكة لآدم عليه السلام.
ب: سجود إخوة يوسف ليوسف عليه السلام.
3 -
تحقيق معنى السجود.
4 -
تتبع ما حكاه القرآن من سجود المخلوقات، وأبان عن بعض مغازيه وحقائقه؛ كسجود الملائكة، وسجود الجمادات، وسجود بني إسرائيل، وسجود السحرة.
5 -
أشار إلى مكانة السجود، وذكر بعض فضائله.
6 -
أن الركوع عبادة، يجمع بينه وبين السجود: انحناء وخضوع.
المسألة الأولى:
السجود لله جل وعلا، من أجل العبادات، وأعظم الطاعات، والسجود يأتي مقرونا بالصلاة، وإنما يُعبِّر بالسجود عن الصلاة؛ لأنه أعظم أركانها، وأخص أوجه الخضوع والتذلل فيها.
وقد قرر السمعاني في تفسيره كون السجود محض عبادة لله جل وعلا، لا تجوز لأحد سواه على وجه الخضوع والتذلل والتعظيم، فقال في تفسير قوله تعالى:
" وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِأدَمَ فَسَجَدُوا
…
" (البقرة 34)؛ "والسجود عبادة مع التواضع، والخشوع، والخضوع، ومنه شجرة ساجدة، إذ ماتت من كثرة حملها"
(3)
.
(1)
((السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 349
(2)
((السمعاني: تفسير القرآن:6/ 252
(3)
((السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 66
وعلى هذا لايكون السجود إلا لله جل وعلا، ونقل السمعاني عن عكرمة في تفسير قوله تعالى:" وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ "(آل عمران 64)،"أي: لايسجد بعضنا لبعض، فإن من سجد لغيره فقد اتخذه ربا"
(1)
.
ولذا كان السجود من خصائص الإلهية، يقول المقريزي:"ومن خصائص الإلهية السجود، فمن سجد لغيره، فقد شبهه به"
(2)
، ويقول الإمام محمد بن عبد الوهاب
(3)
: "والعبادة أنواع كثيرة، لكني أمثلها بأنواع كثيرة لاتُنكر: من ذلك السجود، فلا يجوز لعبد أن يضع وجهه على الأرض ساجداً، إلا لله وحده لاشريك له، لا لملك مقرب، ولا لنبي مرسل، ولا لولي"
(4)
.
فالسجود بجميع أنواعه لايجوز إلا لله جل وعز، يقول الإمام ابن تيمية: أما السجود لغير الله وعبادته فهو محرم في الدين الذي اتفقت عليه رسل الله، كما قال سبحانه وتعالى:"وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِن دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ"(الزخرف 45)
(5)
.
ويقول الإمام المقريزي: وأما السجود لغير الله فقد قال عليه الصلاة والسلام: (لا ينبغي لأحد أن يسجد لأحد إلا لله)
(6)
، ولا ينبغي في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم: إنما يستعمل للذي هو في غاية الامتناع"
(7)
.
(1)
((السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 329
(2)
((المقريزي: تجريد التوحيد المفيد:27
(3)
((محمد بن عبد الوهاب بن سليمان التميمي، (1115 هـ-ت 1206 هـ)، ولد ونشأ في العيينة بنجد، ورحل إلى الحجاز مرتين، وزار الشام، ودخل البصرة، وعاد إلى نجد، ثم انتقل للعيينة، ناهجا منهج السلف الصالح، داعيا إلى التوحيد الخالص، ونبذ البدع، وتحطيم ماعلق بالإسلام من أوهام، له مصنفات كثيرة: كتاب التوحيد، وكشف الشبهات، الزركلي: الأعلام:6/ 257
(4)
((محمد بن عبد الوهاب: الجواهر المضيئة: دار العاصمة: الرياض، ط 1، 1249 هـ، (17).
(5)
((ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم: دار عالم الكتب، بيروت، ط 7، 1419 هـ (1/ 221).
(6)
((أخرجه الترمذي في جامعه، أبواب الرضاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ماجاء في حق الزوج على المرأة، ح (1159).
(7)
((المقريزي" تجريد التوحيد المفيد:21
فالسجود لله تعالى أعظم شعائر العبادة، فلا تجوز لمخلوق، يقول الله تعالى:"لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ"(فصلت 37)، يقول السمعاني: أي توحدون
(1)
.
المسألة الثانية:
هل من هذا الباب سجود الملائكة لآدم، وسجود إخوة يوسف له؟!
أولا: مايتعلق بالسجود لآدم عليه السلام، فقد ذكر العلماء توجيهات لها، ولكن بعد أن اتفقوا أن السجود هنا ليس سجود عبادة؛ لأن سجود العبادة لغير الله كفر، والأمر لايرد بالكفر، وحكى الإجماع على ذلك الإمام الرازي
(2)
، والقرطبي
(3)
،وجماعة ثم اختلفوا بعد ذلك على ثلاثة أقوال، حكى الإمام السمعاني منها قولين:
الأول: بمعنى السجود إلى آدم عليه السلام، فيكون آدم كالقبلة، والسجود لله تعالى، وقد تعقب هذا القول الإمام الرازي وضعفه
(4)
، ووافقه الإمام ابن كثير في تفسيره
(5)
.
الثاني: أن السجود كان لآدم على الحقيقة، وتضمن معنى الطاعة لله تعالى بامتثال أمره فيه، فعلى هذا يكون السجود لآدم على سبيل التحية له، ورجح هذا القول الإمام السمعاني، وقال: والأصح: أن السجود كان لآدم على الحقيقة
…
(6)
. ورجحه الإمام الرازي
(7)
، وتبعه الإمام ابن كثير
(8)
، وذكره الإمام الطبري عن قتادة، فقال:"وكان سجود الملائكة لآدم، تكرمة لآدم، وطاعة لله، لاعبادة لآدم، عن قتادة: "وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِأدَمَ":فكانت الطاعة لله، والسجدة لآدم، أكرم الله آدم، أن أسجد له ملائكته"
(9)
.
(1)
((السمعاني: تفسير القرآن:5/ 53
(2)
((الرازي: مفاتيح الغيب:2/ 427
(3)
((القرطبي: الجامع لأحكام القرآن:1/ 293
(4)
((الرازي: مرجع سابق
(5)
((ابن كثير: تفسير القرآن العظيم:1/ 232
(6)
((السمعاني: تفسير القرآن:1/ 67
(7)
((الرازي: مرجع سابق
(8)
((ابن كثير: مرجع سابق
(9)
((الطبري: جامع البيان:1/ 512
الثالث: أن السجود محمول على أصل اللغة، بمعنى الانقياد والخضوع، وضعّف هذا القول الإمام الرازي، قال عن هذا القول ضعيف؛ "لأن السجود لا شك أنه في عُرف الشرع عبارة عن وضع الجبهة على الأرض، فوجب أن يكون في أصل اللغة كذلك"
(1)
.
وهذا الذي ذكره الرازي مما جرى فيه الخلاف: هل سجود الملائكة كان على صفة سجود الصلاة، أم هو مجرد انحناء وميل؟!
فقيل: إنه على صفة سجود الصلاة، ورجحه الإمام ابن الجوزي
(2)
.
وقيل: إنه الانحناء والميل المساوي للركوع.
وقيل: هو ماكان في أصل اللغة من التذلل والانقياد، بمعنى: اخضعوا لآدم، وأقروا له بالفضل
(3)
.
ثانياً: ما يتعلق بسجود إخوة يوسف ليوسف:
1: قال الإمام القرطبي: "وأجمع المفسرون أن السجود على أي وجه كان، فإنما كان تحية لاعبادة"
(4)
.
2: اختلف المفسرون في مرجع الضمير في قوله تعالى:" وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا " فقيل: (له) يعود إلى الله جل وعلا، فيكون المعنى: وخروا لله سُجَّدا"أي: أنهم سجدوا شكرا لله، إذ جمعهم سويا. وهذا القول مروي عن ابن عباس.
وحكى هذا القول الإمام السمعاني فقال: "وقال بعضهم: أنهم سجدوا لله لا ليوسف، وإنما خروا له سجدا؛ لأنه كان قدامهم، فحصل سجودهم إليه، كما يسجد إلى المحراب والجدار"
(5)
. قال ابن عطية:" ورُدَّ على هذا القول"
(6)
.
وقال الشوكاني: "وهو بعيد جدا"
(7)
، وقيل:(له) يعود إلى يوسف عليه السلام ورجحه الإمام السمعاني، واختلفوا في معناه على أقوال:
(1)
((الرازي: مرجع سابق
(2)
((ابن الجوزي: زاد المسير:1/ 54
(3)
((القرطبي: الجامع لأحكام القرآن:1/ 293
(4)
((القرطبي: الجامع لأحكام القرآن:9/ 265، وحكاه الإمام ابن عطية في تفسيره: المحرر الوجيز:3/ 281
(5)
((السمعاني: تفسير القرآن:3/ 67
(6)
((ابن عطية: المحرر الوجيز:3/ 281
(7)
((الشوكاني: فتح القدير: دار ابن كثير، دمشق، ط 1، 1414 هـ (3/ 67)
الأول: أنها كانت سجدة حقيقية، هو مثل سجود الملائكة لآدم عليه السلام، وهي سجدة محبة لا سجدة عبادة، وكان ذلك جائزاً في الأمم السالفة، ثم نسخ الله تعالى ذلك في هذه الشريعة، وأُبدل بالسلام، وقال السمعاني: وعليه الأكثرون
(1)
.
الثاني: قيل إنه ليس مثل السجود المعهود إنما هو انحناء الركوع، ولم يكن خرورا على الأرض، وهكذا كان سلامهم بالتكفي والانحناء.
الثالث: قيل: لم يكن سجودا، لكنه سُنة كانت فيهم، يُومئون برؤوسهم إيماء
(2)
.
الرابع: وقيل: السجود هاهنا: الخضوع والتذلل
(3)
.وبعد أن ذكر السمعاني الخلاف في المسألة، أورد تساؤلا بناء على القول بالسجود ليوسف مفاده:"فإن قال قائل: كيف جاز السجود لغير الله؟ وإذا جاز السجود لغير الله، فلم لايجوز العبادة لغير الله؟ والجواب: أن العبادة نهاية التعظيم، ونهاية التعظيم لاتجوز إلا لله، وأما السجود: نوع تذلل وخضوع بوضع الخد على الأرض، وهو دون العبادة، فلم يمتنع جوازه للبشر كالانحناء"
(4)
.
المسألة الثالثة:
تعريف السجود وأصله:
يقول الإمام السمعاني: "وأصل السجود: الخضوع، وفي الركوع خضوع، وقال الشاعر: (بجَمْع تضلُّ الَبلْقُ في حُجراته: ترى الأكم فيه سُجداً للحوافر)، أي: ركعا خضعا"
(5)
.
(1)
((السمعاني: تفسير القرآن:3/ 67
(2)
((القرطبي: الجامع لأحكام القرآن:9/ 265،السمعاني: تفسير القرآن:3/ 67
(3)
((الماوردي: النكت والعيون:3/ 82، قال ابن منظور: وفيه وجه آخر لأهل العربية، وهو أن يجعل اللام في قوله: (لَهُ سُجَّدًا) و (رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ) لام من أجل المعنى: وخروا من أجله سجدا لله، شكراً على ما أنعم عليهم، حيث جمع شملهم، وتاب عليهم، وغفر ذنبهم، وأعز جانبهم، ووسَّع بيوسف عليه السلام.
لسان العرب: دار صادر: بيروت، ط 3، 1414 هـ (3/ 204)،وحكى هذا القول الشوكاني وقال:(وفيه أيضا بعد) فتح القدير:3/ 67، وقال ابن الأنباري: وهذا القول لا نظر فيه، الزاهر:1/ 48.
(4)
((السمعاني: تفسير القرآن:3/ 67
(5)
((السمعاني: تفسير القرآن:1/ 83
وفي ذكره لأحد الأقوال في تفسير قوله تعالى:" وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ"(الجن 18)، قال: (إنها بمعنى السجود، وهي جمع مسجد، يقال: سجدت سجودا ومسجدا، والمعنى: أن السجود لله يعني: هو المستحق للسجود"
(1)
.
وهذا هو المعنى المعروف في لغة العرب:
يقول ابن الأنباري: "وقولهم: قد سجد الرجل، معناه: قد انحني وتطامن، ومال إلى الأرض، ومن قول العرب: قد سجدت الدابة، وأسجدت، إذا خفضت رأسها لتركب، ويقال: قد سجدت النخلة، إذا مالت، ويكون السجود على جهة الخشوع والتواضع، والتذلل لله، ويكون السجود على معنى التحية"
(2)
.
ويقول أبو نصر الجوهري: "سجد: خضع، ومنه سجود الصلاة، وهو وضع الجبهة على الأرض، والاسم السِجدة بالكسر"
(3)
.
ويقول الإمام الطبري: "وأصل السجود: الانحناء لمن سُجد له معظما بذلك، فكل منحن لشيء تعظيما له، فهو ساجد"
(4)
، ويقول الإمام ابن تيمية: "ولفظ السجود: يستعمل في اللغة: لخضوع الجمادات وغيرها، كالبيت المعروف:
بجيش تضل البلق في حجراته
…
ترى الأكم فيه سجدا للحوافر
قال ابن قتيبة: حجراته: جوانبه، يُريد أن حوافر الخيل قد بلغت الأكم ووطئتها، حتى خشعت وانخفضت"
(5)
.
المسألة الرابعة:
ذكر الإمام السمعاني هذه العبادة العظيمة (السجود) عن المخلوقات في عدة مواطن وهي كالآتي:
أ ـ سجود الملائكة، وعلة امتناع ابليس من السجود لآدم:
قد حكى القرآن الكريم هذا المشهد في أكثر من موضع، والقارئ حين يقرأ تلك المواضع، يشاهد مدى الحسد الذي ملأ الشيطان، والكبر الذي منعه من امتثال أمر الله تعالى، فالله جل وعز يقول:
(1)
((السمعاني: تفسير القرآن:6/ 70
(2)
((ابن الأنباري: الزاهر:1/ 47
(3)
((الجوهري: الصحاح، دار العلم، بيروت، ط 4، 1407 هـ (2/ 483)
(4)
((الطبري: جامع البيان:2/ 104
(5)
((ابن تيمية: جامع الرسائل:1/ 38
-" وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِأدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) "(البقرة 34)، فبينت هذه الآية الكريمة، أن ابليس أبى وامتنع وأنف من السجود لآدم، حيث ظن أنه خير من آدم
(1)
، وفي مقام آخر يقول الباري جل وعلا:"قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ"(الأعراف 12)، يقول السمعاني:"فإن قيل: لم يكن هذا منه جوابا عما سئل عنه؟ قيل: تقديره قال: لم أسجد لأني خير منه، وقيل: السؤال مقدر فيه، كأنه قيل له أنت خير أم هو؟ فقال: أنا خير منه"
(2)
،
وقال الله تعالى في مقام آخر:
-" قَالَ يَاإِبْلِيسُ مَا لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ (32) قَالَ لَمْ أَكُن
لِّأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ" (الحجر 32 - 33)، فهنا ابليس تفاخر وتعاظم وقال: "إني أفضل منه؛ لأنه طيني وأنا ناري، والنار تأكل الطين "
(3)
، وبين الله المقام وضوحاً، فقال:
ـ" وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِأدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قَالَ ءَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا"(الإسراء 61)، "ومعناه: أأسجد لمن خلقته من طين، وخلقتني من نار، وللنار فضل على الطين، فإن النار تأكل الطين، ولم يعلم الخبيث أن الجواهر كلها من جنس واحد، والفضل لما فضله الله تعالى، وفي الطين من المنافع ما يقاوم منافع النار، أو يرقى عليها، وللطين من كرم الطبع ماليس للنار"
(4)
.
إذن سبب قول إبليس، هو ما أشار إليه ابن عباس،: كان إبليس من أشراف الملائكة، وكان خازن الجنان، وأمين السماء الدنيا، فأعجبته نفسه، ورأى أن له فضلا على غيره، فلما أمره الله تعالى بالسجود لآدم، امتنع لذلك الذي كان في نفسه
(5)
.
(1)
((السمعاني: تفسير القرآن:1/ 68
(2)
((السمعاني: تفسير القرآن،:2/ 168
(3)
((السمعاني: تفسير القرآن:3/ 139
(4)
((السمعاني: تفسير القرآن:3/ 256 - 4/ 254
(5)
((السمعاني: تفسير القرآن:4/ 454
أما الملائكة فقد ذكر السمعاني بعض الآثار التي تدل على عِظم عبادة الملائكة لله جل وعلا، فقال:"وعن ابن عباس: أن لله تعالى ملائكة يبكون من خشيته من يوم خلقهم، وملائكة في الركوع، وملائكة في السجود، وملائكة في التسبيح، لايشغلهم عن ذلك شيء ".
(1)
- "وذكر ابن فارس في تفسيره في خبر: أن الله تعالى لما استوى على عرشه، سجد ملك، فلا يرفع رأسه من السجود إلى يوم القيامة، فإذا رفع رأسه يوم القيامة، قال: سبحانك ما عبدتك حق عبادتك، غير أني لم أشرك بك، ولم اتخذ لك ندا ".
(2)
ب ـ سجود الجمادات:
سبق بحث هذه المسألة، وبيان رأي الإمام السمعاني فيها، وهو يرى هذه الجمادات برمتها تسجد وتسبح لله جل وعلا، فقرر هذا المعنى عند قوله جل وعلا في ذم الكفار:" إِنْ هُمْ إِلَّاكَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا"(الفرقان 44)، فيقول:"وجعل الكفار أضل من الأنعام؛ لأن الأنعام تسجد وتسبح لله تعالى، والكفار لايسجدون ولايسبحون "
(3)
.
خلافا لما ذهب إليه الإمام ابن حزم وقرَّره، من أن السجود من الأسماء المشتركة التي تقع على نوعيه فأكثر، فيكون معنى السجود الذي ورد في القرآن كقوله:" وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا "(الرعد 15)، أن هذا مفسر بقوله تعالى:" وَظِلَالُهُم بِالْغُدُوِّ وَالْأصَالِ"(الرعد 15)، وقوله تعالى:" أَوَ لَمْ يَرَوْا إِلَى مَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلَالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ سُجَّدًا لِّلَّهِ وَهُمْ دَاخِرُونَ"(النحل 48)
(4)
، ولكن السمعاني في تفسيره لهذه الآية، ذكر أن أكثر السلف على أن المراد بالسجود هنا: الطاعة لله، وأن كل الأشياء ساجدة لله مطيعة من حيوان وجماد، قال: وهذا محكي عن ابن عباس ومجاهد وقتادة، والحسن البصري
(5)
، ورجح هذا القول.
(1)
((السمعاني: تفسير القرآن:3/ 84
(2)
((السمعاني: تفسير القرآن:3/ 373
(3)
((السمعاني: تفسير القرآن:4/ 22
(4)
((ابن حزم: الفصل في الملل والأهواء والنحل:1/ 72
(5)
((السمعاني: تفسير القرآن:3/ 176
ونقل عن الزجاج في تفسير قوله تعالى:" أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ "(الحج 18)، قوله:"السجود هاهنا: بمعنى الطاعة، أي: يطيعه، واستحسنوا هذا القول؛ لأنه موافق للكتاب، وهو قوله تعالى:" ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ" (فصلت 11) "
(1)
، وذكر الإمام السمعاني في هذا المعنى، حديث سجود الشمس، كما جاء في حديث أبي ذر أنه قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم حتى غابت الشمس، فقال: (يا أبا ذر، أتدري أين تذهب؟ قلت: الله ورسوله أعلم، فقال: إنها تذهب وتستأذن في السجود، وفي رواية: تذهب إلى تحت العرش وتستأذن في السجود، فيؤذن لها في السجود، فقال لها: اطلعي من حيث كنت تطلعين، وكأنها قد قيل لها يوما يا أبا ذر: اطلعي من حيث جئت، فتطلع من مغربها "
(2)
(3)
.
(1)
((السمعاني: تفسير القرآن:3/ 427 - 4/ 314
(2)
((أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان الزمن الذي لايقبل فيه الإيمان ح (250)
(3)
((السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 377
قال الإمام ابن بطال
(1)
: "وأما استئذان الشمس في السجود، فالاستئذان قول لها، والله على كل شيء قدير، فيمكن أن يخلق الله فيها حياة توجد القول عندها، فتقبل الأمر والنهي؛ لأن الله قادر على إحياء الجماد والموات"
(2)
، وقال غيره: يحتمل أن يكون الاستئذان أسند إليها مجازا، والمراد من هو مُوَكَّل بها من الملائكة، قال المباركفوري
(3)
: "قلت الظاهر هو الأول"
(4)
.
ج ـ سجود بني إسرائيل:
أمر الله تعالى بني إسرائيل أن يدخلوا بيت المقدس سجدا، كما قال جل في علاه:
…
"وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا
…
" (البقرة 58)، واختلف المفسرون في معنى السجود في هذه الآية على أقوال:
الأول: قيل: هو سجود على حقيقته، قال الحسن: أراد به السجود نفسه الذي هو إلصاق الوجه بالأرض، واستبعده الرازي؛ لأن الظاهر يقتضي وجوب الدخول حال السجود، فلو حملنا السجود على ظاهره لامتنع ذلك
(5)
.
(1)
((ابن بطال: علي بن خلف، أبو الحسن، عالم بالحديث، من أهل قرطبة، له شرح صحيح البخاري، توفي سنة 449 هـ، الزركلي: الأعلام: 4/ 285
(2)
((ابن بطال: شرح صحيح البخاري: مكتبة الرشد، الريا، ط 2، 1423 هـ (10/ 451).
(3)
((المباركفوري: عبدالرحمن: عالم مشارك في أنواع من العلوم، قرأ العلوم العربية، والمنطق، والفلسفة، والهيئة، والفقه، وأصول الفقه، من مؤلفاته: السنن في مجلدين، توفي سنة 1353 هـ، عمر كحالة، معجم المؤلفين:5/ 166
(4)
((المباركفوري: تحفة الأحوذي: دار الكتب العلمية (6/ 349)
(5)
((الرازي: مفاتيح الغيب:3/ 523
الثاني: أن المراد بالسجود هنا: الركوع؛ لأن الباب كان صغيرا ضيقا، يحتاج الداخل فيه إلى الانحناء، وهذا مروي عن ابن عباس، قال الطبري:"فإن ابن عباس كان يتأوله بمعنى الركوع"، ثم قال مبينا وجه قول ابن عباس:" وأصل السجود: الانحناء لمن سُجد له معظما بذلك، فكل منحن لشيء تعظيما له، فهو ساجد
…
، فذلك تأويل ابن عباس قوله:"سجداً" ركعاً؛ لأن الراكع منحن، وإن كان الساجد أشد انحناءً منه"
(1)
، وبهذا فسر الإمام السمعاني معنى السجود في هذا الموضع فقال: "سجداً: أي ركعا خضعا، وأصل السجود الخضوع، وفي الركوع خضوع، وقال الشاعر:
(بجمع تضل البلق في حجراته: ترى الأكم فيه سجداً للحوافر)، أي: ركعاً خضعاً "
(2)
واستبعد هذا القول الرازي أيضا وقال: "وهذا بعيد؛ لأنه لو كان ضيقاً، لكانوا مضطرين إلى دخوله ركعاً، فما كان يحتاج فيه إلى الأمر"
(3)
.
الثالث: قيل: المراد منه: متواضعين خشوعاً لا على هيئة متعينة
(4)
، فالسجود هنا محمول على الخضوع؛ لتعذر حمله على حقيقته، ورجحه الرازي
(5)
.
د ـ سجود السحرة:
قصّ الله جل وعلا قصة موسى عليه السلام مع سحرة فرعون، وأنهم حين رأوا مارأوا من الآيات العظيمة الباهرة التي لايمكن أن تكون من جنس تمويههم، ولاتخييلهم، عرفوا أنها من عند الله جل وعلا، فآمنوا وأقروا واعترفوا، وصبروا، وخروا لله ساجدين كما قال جل وعلا:"وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ (120) قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ (121) رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ"(الأعراف 120 - 122)، وهنا اختلف المفسرون في حقيقة هذا السجود على قولين:
الأول: أنهم سجدوا لله تعالى: إقرارا بربوبيته، واستحقاقا لعبوديته، وهذا الذي عليه جماهير أهل التفسير، قال الطبري:"وأُلقي السحرة عندما عاينوا من عظيم قدرة الله، ساقطين على وجوههم، سجدا لربهم"
(6)
.
(1)
((الطبري: جامع البيان:2/ 104
(2)
((السمعاني: تفسير القرآن:1/ 83
(3)
((الرازي: مفاتيح الغيب:3/ 523
(4)
((القرطبي: الجامع لأحكام القرآن:1/ 410
(5)
((الرازي: مفاتيح الغيب:3/ 523
(6)
((الطبري: جامع البيان:13/ 32
وقال الثعلبي: "وألقي السحرة ساجدين لله، حيث عرفوا أن ذلك أمر سماوي وليس سحراً"
(1)
، وقال البغوي:"وألقي السحرة ساجدين لله"
(2)
، وهو المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: خروا لله سامعين مطيعين
(3)
.
الثاني: أنهم سجدوا لموسى؛ تسليما له، وإيمانا به، حكاه الماوردي في تفسيره
(4)
.
واختلف المفسرون في كيفية وقوع السجود منهم على قولين:
الأول: أن الله جل وعلا ألهمهم أن يسجدوا فسجدوا.
الثاني: قيل أن موسى وهارون سجدا شكرا لله تعالى، فوافقهم السحرة.
وحكى هذين القولين الإمام السمعاني في تفسيره
(5)
.
وأشار في مقام آخر في السجود الذي وقع منهم، فقال:"يجوز أن يكون معناه: وقعوا ساجدين، ويجوز أن يكون معناه: ألقاهم الحق الذي رأوه"
(6)
.
وقال الأخفش: "من سرعة ماسجدوا كأنهم أُلقوا"
(7)
، ولذا هم لم يجبروا على السجود، وإنما سجدوا باختيارهم، فإنهم من عظيم ماعاينوا من الآيات، كأنهم صاروا مفعولين في الإلقاء، فاضطرهم ذلك إلى مبادرة السجود
(8)
، ولذا قال الرازي:"فليس المراد منه أنهم أُجبروا على السجود، وإلا لما كانوا محمودين، بل التأويل فيه ماقال الأخفش"
(9)
.
المسألة الخامسة:
لما كان السجود بهذه المثابة العظيمة، وبهذه المكانة والمنزلة الجليلة الكريمة، فإن القرآن عبَّر عن الصلاة التي هي أهم أركان الإسلام، بهذا الركن العظيم في مواطن كثيرة، وقد تتبع الإمام السمعاني بعض هذه المواطن، وأشار إلى خلاف العلماء فيها، ومنها:
(1)
((الثعلبي: الكشف والبيان:4/ 270
(2)
((البغوي: معالم التنزيل:2/ 220
(3)
((الواحدي: الوسيط:2/ 395
(4)
((الماوردي: النكت والعيون:2/ 246
(5)
((السمعاني: تفسير القرآن:2/ 205
(6)
((السمعاني: تفسير القرآن:4/ 46
(7)
((البغوي: معالم التنزيل:2/ 220
(8)
((ابن الجوزي: زاد المسير:2/ 144
(9)
((الرازي: مفاتيح الغيب:22/ 75
-قوله تعالى:" فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا"(النجم 62)،يقول السمعاني:"حمل بعضهم هذا على الصلوات الخمس، وقيل: أن الآية نزلت بمكة قبل فرض الصلوات الخمس، والسورة مكية فعلى هذا معناه:" فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا"أي: اخضعوا لله ووحدوا "
(1)
.
وقد فسرها بالصلوات الخمس مقاتل في تفسيره
(2)
، وبذا فسرها الإمام الطبري فقال:"فاسجدوا أيها الناس في صلاتكم، دون من سواه من الآلهة والأنداد "
(3)
.
والعلماء مختلفون في هذا السجود على قولين
(4)
:
الأول: المراد به سجود التلاوة، وهو قول ابن مسعود، وبه قال أبو حنيفة والشافعية.
والثاني: المراد به سجود الفرض في الصلاة، وهو قول ابن عمر وقال به مالك.
- وقال جل وعلا:"وَمِنَ الَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ"(ق 40)، ذكر الإمام السمعاني أقوالاً في تأويل هذه الآية
(5)
:
الأول: الركعتان بعد المغرب، وقال عنه هو القول المعروف، ورد القرآن به لزيادة الندب والتأكيد، وهو قول علي، وأبي هريرة، وابن عباس.
الثاني: المراد جميع النوافل بعد الفرائض.
الثالث: الوتر؛ لأنه آخر مايفعله الإنسان عند فراغه من الصلوات.
وحكى الإمام الطبري عن جماعة من الأئمة أن المراد بأدبار السجود: التسبيح في أدبار الصلوات المكتوبة
(6)
، ثم قال:"وأولى الأقوال في ذلك بالصحة، قول من قال: هما الركعتان بعد المغرب، لإجماع الحجة من أهل التأويل على ذلك "
(7)
.
ثم ختم السمعاني مايتعلق بهذه العبادة العظيمة، ببيان فضائلها وميزاتها وماورد فيها:
يقول السمعاني: "وقد ورد في السجود أخبار منها
(8)
:
(1)
((السمعاني: تفسير القرآن:5/ 305
(2)
((مقاتل: تفسير مقاتل:4/ 168
(3)
((الطبري: جامع البيان:22/ 561
(4)
((الماوردي: النكت والعيون:5/ 407 - القرطبي: الجامع لأحكام القرآن:17/ 124
(5)
((السمعاني: تفسير القرآن:5/ 248
(6)
((الطبري: جامع البيان:22/ 380
(7)
((الطبري: جامع البيان:22/ 381
(8)
((السمعاني: تفسير القرآن:2/ 245
- ماروى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إذا سجد ابن آدم، اعتزل الشيطان يبكي، ويقول ياويلاه، أُمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلي النار)
(1)
.
- وفي حديث ربيعة بن كعب الأسلمي: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم بوضوئه لحاجته، فقال: سلني، فقلت: أريد مرافقتك في الجنة، فقال: أو غير ذلك؟ فقلت: هو ذاك، فقال:(أعني على نفسك بكثرة السجود).
(2)
- وروى أبو فاطمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مامن عبد يسجد لله سجدة إلا رفعه الله بها درجة).
(3)
وأخيراً يقول السمعاني: قد يعبر عن السجود بالركوع؛ لأن كل واحد منهما نوع من الانحناء، وأنشدوا في ذلك:
(فخر على وجهه راكعاً
…
وتاب إلى الله من كل ذنب)
(4)
المسألة السادسة:
الركوع: وهو عبادة، يقول السمعاني: "وأصل الركوع عبادة مع انحناء، يُقال: ركعت النحلة، إذا انحنت، وعنه قول الشاعر:
(أخبر أخبار القرون التي مضت
…
أدب كأني كلما قمت راكع) "
(5)
وقال: "وفي الركوع خضوع "
(6)
.
وقد جاء ذكر الركوع في القرآن الكريم، قال جل وعلا:
" إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ"(المائدة 55)، يقول السمعاني:" يعني مصلون، إلا أنه خص الركوع تشريفا، وقيل: معناه خاضعون "
(7)
.
(1)
((أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على من تروك الصلاة ح (133)
(2)
((أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب فضل السجود والحث عليه، ح (489)
(3)
((أخرجه الترمذي في جامعه، باب ما جاء في كثرة السجود والركوع، ح (389)
(4)
((السمعاني: تفسير القرآن:4/ 436 - 437
(5)
((السمعاني: تفسير القرآن:1/ 73
(6)
((السمعاني: تفسير القرآن:1/ 83
(7)
((السمعاني: تفسير القرآن:2/ 47
-" يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ"(آل عمران 43)، يقول السمعاني: " إنما قدم السجود على الركوع؛ لأنه كان كذلك في شريعتهم، وقيل: لا بل الركوع قبل السجود في جميع الشرائع، وليست الواو للترتيب بل للجمع
…
، أي واركعي واسجدي، وإنما قال للراكعين ولم يقل للراكعات؛ ليكون أعم وأشمل، وقيل معناه مع المصلين في الجماعة "
(1)
.
-" وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ"(المرسلات 48)، يقول السمعاني:"معناه: إذا قيل لهم صلوا لايصلون، وقيل: إنها نزلت في ثقيف استعفوا من الصلاة، وقيل: كانوا استعفوا من الركوع والسجود، فقال النبي: صلى الله عليه وسلم لاخير في دين ليس فيه ركوع ولا سجود"
(2)
.
فالركوع عبادة عظيمة، فيها معنى الخضوع والذل:"وكانت العرب تسمي من آمن بالله تعالى ولم يعبد الأوثان راكعاً، ويقولون: ركع إلى الله، أي: اطمأن إليه خالصة"
(3)
.
ويقول الراغب الأصفهاني: "الركوع: الانحناء، فتارة يستعمل في الهيئة المخصوصة في الصلاة كما هي، وتارة في التواضع والتذلل، إما في العبادة، وإما في غيرها"
(4)
.
والخلاصة: أن السجود والركوع من أخص دلالات الخضوع، والتذلل، والتواضع لله جل وعلا، ولذا كانت الملائكة على ديمومة الركوع والسجود، كما جاء في الخبر عن النبي: صلى الله عليه وسلم (ليس موضع قدم في السماء إلا وفيه ملك قائم، أو راكع، أو ساجد)
(5)
(6)
.
وهذا يبين بجلاء اهتمام الإمام السمعاني بتتبع المسائل العقائدية، وقضايا التوحيد وبيانها، والرد على المخالفات التي تنتابها.
(1)
((السمعاني: تفسير القرآن:1/ 318
(2)
((أخرجه أحمد في المسند: مقدمة الرسالة، ط 1، 1421 هـ، ح (17913) وضع اسناده محققوا المسند (29/ 438)، وانظر السمعاني: تفسير القرآن: 6/ 133
(3)
((الزمخشري: أساس البلاغة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1419 هـ، (1/ 381)
(4)
((الراغب: المفردات في غريب القرآن، دار القلم، دمشق، ط 1، 1412 هـ، (364)
(5)
((أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، مكتبة ابن تيمية، القاهرة، ط 2، ح (1751)(2/ 184)
(6)
((السمعاني: تفسير القرآن:4/ 420