الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيا: الحالة العلمية:
هنا تُشرق الشمس، ويُشع ضوء الصباح، وتبتهج النفس سرورا، وينقلب اليأس أملا، والحزن فرحا، والشؤم تفاؤلا، ويظهر النور الساطع من ركام الظلام الدامس.
فلم تُؤثر تلك الصراعات السياسية، ولا الفوضى الدينية، ولا الشتات الفكري، ولا الانتكاسات الاجتماعية، ولا الانهيار الاقتصادي، على الحِراك الثقافي، والنهضة العلمية، بل ظهر قَطْرٌ من ثنايا تلك السحب المظلمة، يروي الأرض، وينبت الكلأ والعشب.
ولم تقتصر النهضة العلمية في هذا القرن، على علوم الشريعة، بل تعدتها إلى علوم وفنون أخرى. فكان من علماء هذا القرن: عالم الرياضيات والفلك المشهور البيروني
(1)
، وعالم الطب الحسن بن الهيثم
(2)
، وغيرهما.
وبرز من العلماء والأئمة في علوم الشريعة في هذا القرن كثيرون منهم:
(1)
البيروني: محمد بن أحمد أبو الريحان البيروني (362 هـ - ت 440 هـ)، فيلسوف، رياضي، مؤرخ، من أهل خوارزم. صنف كتبا كثيرة منها: الآثار الباقية عن القرون الخالية. الزركلي: الأعلام: دار العلم للملايين، ط 5 - 2002 م (5/ 314).
(2)
الحسن بن الهيثم: محمد بن الحسن بن الهيثم، أبو علي (354 هـ - ت 430 هـ)، يلقب ببطليموس الثاني، له تصانيف في الهندسة، ومن كتبه: الأخلاق، وشرح قانون إقليدس. الزركلي: الأعلام: (6/ 83).
الإمام الحافظ الخطيب البغدادي
(1)
، والإمام البيهقي
(2)
، والحافظ أبو عمر ابن عبد البر
(3)
، والحافظ الإمام أبو نُعيم الأصبهاني
(4)
، والإمام الحاكم النيسابوري
(5)
، والإمام ابن حزم الظاهري
(6)
،
(1)
الخطيب البغدادي: أحمد بن علي بن ثابت (392 هـ، ت 463 هـ)، أحد الحفاظ، المؤرخين، رحل إلى مكة، والبصرة، والكوفة، كان فصيح اللهجة، عارفا بالأدب، له مؤلفات كثيرة منها: تأريخ بغداد. الزركلي: الأعلام: (1/ 172)، عمر رضا كحالة: معجم المؤلفين، دار إحياء التراث - بيروت، دون ذكر رقم الطبعة وتأريخها، (2/ 3).
(2)
البيهقي: أحمد بن الحسين بن علي (384 هـ - ت 458 هـ)، محدث، فقيه، غلب عليه الحديث، ورحل في طلبه، وسمع، وصنف فيه كثيرا، منها كتاب: السنن الكبير في الحديث. كحالة: معجم المؤلفين: (1/ 206).
(3)
ابن عبد البر: يوسف بن عبدالله بن محمد (368 هـ - ت 463 هـ)، من كبار حفاظ الحديث، مؤرخ، أديب، بحاثة، يقال له: حافظ المغرب، رحل رحلات طويلة في غربي الأندلس وشرقها، له مؤلفات كثيرة منها: الاستيعاب والتمهيد. الزركلي: الأعلام: (8/ 240)، كحالة: معجم المؤلفين: (13/ 315).
(4)
أبو نُعيم: أحمد بن عبدالله بن أحمد الأصبهاني (336 هـ - ت 430 هـ)، الإمام الحافظ، الثقة، العلامة، شيخ الإسلام. له مؤلفات كثيرة منها: المستخرج على الصحيحين، وكتاب الحلية، وفضائل الصحابة. الذهبي: سير أعلام النبلاء: (13/ 159).
(5)
الحاكم: محمد بن عبدالله بن محمد (321 هـ - ت 403 هـ)، الإمام الحافظ، الناقد، العلامة، شيخ المحدثين، صنف وخرّج، وجرّح وعدّل، وصحح وعلل، وكان من بحور العلم على تشيع قليل فيه. الذهبي: سير أعلام النبلاء: (12/ 572).
(6)
ابن حزم: علي بن أحمد بن سعيد بن حزم (384 هـ - ت 456 هـ)، الإمام الأوحد، البحر، ذو الفنون والمعارف، الفقيه، الحافظ، الأديب، الوزير. له مصنفات جليلة منها: كتاب المحلى، والفِصل في الملل. الذهبي: سير أعلام النبلاء: (13/ 374) ..
والإمام أبو إسحاق الشيرازي
(1)
، والإمام الماوردي
(2)
، وغيرهم كثيرون.
إضافة إلى ذلك، فقد أُسست المدارس النظامية العالية، التي تُشبه الجامعات في عصرنا الحاضر، أسسها الوزير الحسن الطوسي
(3)
، الملقب بنظام الملك، وكانت أيامه أيام دولة العلم والعلماء، فقد وجه عنايته الفائقة، وهمته الصادقة، للتعليم ونشر العلم على مذهب أهل السنة والجماعة، وبذل غاية وسعه في تأسيس المدارس التي عرفت بالمدارس النظامية، نسبة إليه
(4)
.
وكذا السلطان مسعود بن محمود الغزنوي، فقد كان شغوفا بالعلم والعلماء، وبإنشاء مؤسسات التعليم، فأنشأ في بلاده كثيرا من المساجد، والمدارس، والرباطات؛ لنشر علم القرآن والسنة، والثقافة الإسلامية، وسائر العلوم الكونية المعروفة في زمانه
(5)
.
(1)
أبو إسحاق: إبراهيم بن علي بن يوسف الشافعي (393 هـ - ت 476 هـ)، الإمام، القدوة، المجتهد، صنف في الأصول والفروع والخلاف والمذهب، كان زاهدا، ورعا، متواضعا، كريما. من كتبه: المهذب واللمع. الذهبي: سير أعلام النبلاء: (14/ 9).
(2)
الماوردي: علي بن محمد حبيب (364 هـ - ت 450 هـ)، أقضى قضاة عصره، من العلماء الباحثين، أصحاب التصانيف الكثيرة النافعة، نسبته إلى بيع ماء الورد، من كتبه: الحاوي، وأدب الدنيا والدين. الزركلي: الأعلام (4/ 327).
(3)
الحسن الطوسي: الحسن بن علي بن إسحاق الطوسي (408 هـ - ت 485 هـ)، الوزير الكبير، عاقل، سائس، خبير، سعيد، متدين، محتشم، عامر المجلس بالقراء والفقهاء، أنشأ المدرسة الكبرى ببغداد، وأخرى بنيسابور، وأخرى بطوس، ورغب في العلم، وأدر على الطلاب الصلات، وأملى الحديث، وبعد صيته. الذهبي: سير أعلام النبلاء: (14/ 144).
(4)
عبدالرحمن حبنكة: الحضارة الإسلامية: (590).
(5)
عبد الرحمن حبنكة: الحضارة الإسلامية: (617).
وأما مرو التي كان منها الإمام السمعاني، فقد كانت موئل العلماء، ومرجع الحكماء، ومهوى طلاب العلم، فهي في شهرتها: علم على رأسه نار. فقد تهيأت مرو بما فيها من جوامع، وخزائن وقفية
(1)
، وعلماء؛ لأن تكون معقلا للعلم والعلماء.
وهذا يُظْهر جليا ما تمتعت به هذه المنطقة من ازدهار علمي وثقافي، نشأ عنه نخبة من العلماء الأفذاذ، وهذا بدوره أنتج حركة التأليف والتصنيف في مختلف العلوم.
(1)
الحموي: معجم البلدان: (5/ 114).