الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الخامس: التفاضل بين الصحابة، وإثبات خلافة الأئمة الأربعة الراشدين:
تطرق السمعاني رحمه الله لهاتين المسألتين، وكان فيهما موافقاً لمنهج السلف؛ فقد نُقل الإجماع على التفاضل بين الصحابة، فأجمعوا على أن خير الصحابة أهل بدر، وخير أهل بدر العشرة، وخير العشرة، الأئمة الأربعة: أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي ـ رضوان الله عليهم ـ، وأجمعوا أن إمامتهم كانت عن رضى من جماعتهم، وأن الله تعالى ألف قلوبهم على ذلك، لما أراده من استخلافهم جميعاً.
(1)
وقد ذكر السمعاني في كتابه (قواطع الأدلة) طبقات الصحابة، فقال:
فأعلاهم رتبة العشرة الذين شهد النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالجنة، والطبقة الثانية: أصحاب دار الندوة، والطبقة الثالثة: طائفة هاجروا إلى الحبشة، وهي الهجرة الأولى، والطبقة الرابعة: هم الذي بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم عند العقبة، وهؤلاء كانوا من الأنصار، والطبقة الخامسة: هم أصحاب العقبة الثانية، وأكثرهم من الأنصار، وقيل: بل كلهم من الأنصار، والطبقة السادسة: المهاجرون الأولون، والطبقة السابعة: أهل بدر، والطبقة الثامنة: المهاجرون بين بدر والحديبية، والطبقة التاسعة: أهل بيعة الرضوان بالحديبية، والطبقة العاشرة: المهاجرون بين الحديبية والفتح، والطبقة الحادية عشر: قوم أسلموا يوم الفتح، والطبقة الثانية عشر: صبيان رأوا مدة النبي صلى الله عليه وسلم، وأطفال حملوا إليه.
(2)
وقد ذكر السمعاني علة التفاضل بين الصحابة في قوله تعالى: {لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا} [الحديد:10]، فقال:" أي: لا يستوي من أنفق وقاتل قبل فتح مكة، ومن أنفق وقاتل بعد فتح مكة؛ وإنما لم يستويا؛ لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نالهم من التعب، والمشقة، والمكروه، والشدة، قبل الفتح، مالم ينلهم بعده ".
(3)
(1)
ابن القطان: الإقناع: 1/ 66
(2)
السمعاني: قواطع الأدلة: 1/ 390
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 367
وما يتعلق بأمر الخلافة فإن المستقر عند أهل السنة والجماعة، أن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة، فأبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، وهذا ما تواتر فيه النقل عن الأئمة.
(1)
وقال السمعاني عند تفسيره قوله تعالى: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النور:55]: " واستدل أهل العلم بهذه الآية، على صحة خِلافة الخلفاء الراشدين، وهم: أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي رضي الله عنهم، ومن المشهور المعروف برواية حماد بن سلمة، عن سعيد بن جمهان، عن سفينة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الخلافة بعدي ثلاثون سنة "
(2)
(3)
.
وقال في موطن آخر، عند تفسير قوله تعالى:{قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ} [الفتح:16]: " أصح الأقاويل: أنهم بنو حنيفة، أولو بأس شديد، حيث قاتلوا المسلمين مع مسليمة الكذاب. والقول الثاني: هو هوازن وثقيف، والقول الثالث: أنهم فارس، وكان الحرب معهم أشد حرب على المسلمين، في زمان عمر رضي الله عنه. وفي القول الأول، وفي هذا القول، دليل على خلافة أبي بكر وعمر؛ لأنهما دعوا المسلمين إلى قتال مسيلمة، وقتال فارس "، ثم قال:" وأصح الأقاويل هو القول الأول ".
(4)
(1)
انظر: ابن تيمية: مجموع الفتاوى: 3/ 153، اللالكائي: شرح أصول الاعتقاد: 1/ 198، الأصبهاني: الحجة في بيان المحجة: 2/ 281
(2)
أخرجه الترمذي في جامعه، باب ما جاء ي الخلافة، ح (2226)
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 544، انظر: ابن حزم: الفِصل: 4/ 89، الإيجي: المواقف: 3/ 621
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 198