الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولما كان الإيمان كذلك، لم يجز لكل أحد أن يصف نفسه بكونه مؤمناً حقاً، قال تعالى:{أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال:4]، يعني: إيماناً لا شك فيه، يقول السمعاني:" وفيه دليل لأهل السنة، على أنه لا يجوز لكل أحد أن يصف نفسه بكونه مؤمناً حقاً؛ لأن الله تعالى، إنما وصف بذلك قوماً مخصوصين، على أوصاف مخصوصة، وكل أحد لا يتحقق في نفسه وجود تلك الأوصاف ".
(1)
المطلب الثاني: تعريف الكفر:
المسألة الأولى: تعريف الكفر في اللغة:
أ ـ في اللغة: يقول السمعاني: " فالكفر مأخوذ من الكَفْر، وهو الستر والتغطية، ومنه يُقال لليل كافر؛ لأنه يستر الأشياء بظلمته، وسُمِّي الزارع كافراً؛ لأنه يستر الحب بالتراب، ويُسمى الكافر كافراً؛ لأنه يستر نعم الله تعالى بكفره، ويصير في غطاء من دلائل الإسلام وبراهينه ".
(2)
ولا يخرج ما ذكره السمعاني في معنى الكفر في اللغة، عما ذكره علماء اللغة في هذا المقام، يقول الجوهري: " الكفر ضد الإيمان، وقد كفر بالله كفراً، وجمع الكافر، كفار، وكفرة، وجمع الكافرة، الكوافر، والكفر أيضاً جحود النعمة، وهو ضد الشكر، وقد كفره كفوراً وكفراناً. والكفر بالفتح التغطية
…
والكَفْر أيضاً القرية، والكفر أيضاً القبر .. ، والكفر أيضاً ظلمة الليل وسواده، ومنه سُمي الكافر؛ لأنه يستر نعم الله عليه
…
والكافر الزارع؛ لأنه يُغطي البذر بالتراب ".
(3)
والله تعالى سمى الكفر ظلمات، قال تعالى:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} [البقرة:257]، يقول السمعاني:" يعني: من الكفر إلى الإسلام، وإنما سُمي الكفر ظلمات؛ لأنه طريق الكفر مشتبه ملتبس "
(4)
، وقال:" وسُمي الكفر ظلمة؛ لأنه يتحير في الظلمة ".
(5)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 248
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 45
(3)
الجوهري: الصحاح: 2/ 807
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 260
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 23
وقد يُطلق الفسق ويراد به الكفر، قال تعالى:{قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْمًا فَاسِقِينَ} [التوبة:53]، يقول السمعاني:" والفسق ها هنا هو الكفر".
(1)
وقد قيل: أصل كل كفر الكسل، ولذلك عَبَّر الله جل وعلا بالكسل حين ذكر صلاة المنافقين، فقال:{وَلَا يَأْتُونَ الصَّلَاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى} [التوبة:54]، أي: متثاقلين، قال السمعاني:" فإن قيل: كيف ذكر الكسل في الصلاة، ولا صلاة أصلاً؟ قلنا: الذم واقع على الكفر الذي يبعث على الكسل، فإن الكفر مكسل، والإيمان منشط، ويُقال: أصل كل كفر الكسل ".
(2)
والكفر ناشئ عن الاستكبار، لذلك قال تعالى:{وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا} [الأعراف:36]، قال السمعاني:" إنما ذكر الاستكبار؛ لأن كل مكذب، وكل كافر مستكبر، وإنما كذب وكفر تكبراً "
(3)
، ولما كان كذلك، كان كل كافر بالله تعالى خاسراً، كما قال تعالى:{وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْكَافِرُونَ} [غافر:85]، وكل كافر بالله تعالى ذليل، قال تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ} [المجادلة:20]، أي: الأقلين، وكل كافر ذليل، وكل مؤمن عزيز.
(4)
وأول من سن الكفر إبليس، يقول السدي: ما من كافر يدخل النار، إلا وهو يلعن إبليس؛ لأنه أول من سن الكفر.
(5)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 317، يقول السمعاني في سبب تسمية الكافر فاسقاً في قوله:{وَلَكِنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ فَاسِقُونَ} [المائدة:81]، قيل معناه: خارجون عن أمر الرب، والكفار خارجون عن كل أمره، وقيل: معناه: متمردون، أي: هم مع كفرهم متمردون. تفسير السمعاني: 2/ 7
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 317
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 179
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 35 - 393
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 49