الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث: أحكام البرزخ:
الحياة البرزخية، وهي التي تكون ما بين الموت إلى البعث، أو ما بين الدنيا والآخرة
(1)
، وما فيها من السؤال والفتنة، والعذاب والنعيم، حق يجب الإيمان به، وقد أجمع عليه العلماء، يقول أبو الحسن الأشعري:" وأجمعوا على أن عذاب القبر حق، وأن الناس يفتنون في قبورهم، بعد أن يحيون فيها، ويُسألون، فيثبت الله من أحب تثبيته "
(2)
، ويقول ابن عبدالبر:" وأهل السنة والجماعة مصدقون بفتنة القبر، وعذاب القبر؛ لتوافر الأخبار بذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ".
(3)
وهذا الذي أجمع عليه العلماء، هو ما قرره كذلك السمعاني، فقال:" واعلم أن سؤال القبر ثابت في السنة، والإيمان به واجب، وقد وردت فيه الأخبار الكثيرة ".
(4)
واستدل السمعاني لإثبات سؤال الملكين للمقبور، بحديث أبي سعيد الخدري، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في جنازة، فذكر لأصحابه أنه يدخل على الرجل في قبره ملكان ويسألانه، فيقولان: من ربك؟ وما دينك؟ ومن نبيك
…
".
(5)
وأما عذاب القبر، فقد أثبته السمعاني، واستدل بدلائل الكتاب والسنة:
1 ـ قال تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} [طه:124]، يقول السمعاني:" روي عن ابن مسعود، وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، أنهم قالوا: عذاب القبر ".
(6)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 490
(2)
الأشعري: رسالة إلى أهل الثغر: 159
(3)
ابن عبدالبر: الاستذكار: دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1421 هـ (2/ 321)
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 115
(5)
أخرجه أحمد في المسند، ح (11000)
(6)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 361
2 ـ قال تعالى: {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (1) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ} [التكاثر:1 - 2]، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: مازلنا نشك في عذاب القبر، حتى نزلت " أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ "
(1)
، نقله السمعاني في تفسيره عن أبي عيسى الترمذي، واستدلوا بقوله في السورة نفسها:(لترون الجحيم ثم لترونها عين اليقين) ويُقال: لترون الجحيم في القبر، ثم لترونها عين اليقين في القيامة
(2)
يقول الإمام الطبري: " وفي هذا دليل على صحة القول بعذاب القبر ".
(3)
3 ـ قال تعالى: {سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ} [التوبة:101]، ذكر السمعاني في أقوال المفسرين في تفسير هذه الآية، أن منهم من قال:" إن العذاب الأول: هو القتل، والعذاب الثاني: هو عذاب القبر ".
(4)
4 ـ قال تعالى: {وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَابًا دُونَ ذَلِكَ} [الطور:47]، يقول السمعاني:" الأكثرون عن أنه عذاب القبر ".
(5)
5 ـ قال تعالى: {النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا} [غافر:46]، قال السمعاني:" أكثر المفسرين أن هذا في عذاب القبر ".
(6)
وأورد السمعاني سؤالاً مفاده:" قوله تعالى: {قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [المؤمنون:113]، فإن قال قائل: هذه الآية تدل على أن عذاب القبر ليس بثابت للكفار؛ لأنه لو كان ثابتاً لم يقولوا: " لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ "؟! والجواب عنه من وجهين: أحدهما: أنه ذهب عن قلوبهم عذاب القبر من هول ما يلقاهم يوم القيامة. والثاني: أنه الله تعالى يرفع العذاب عن أهل القبور بين النفختين، فينسون عذاب القبر، ويستريحون، وإنما يقولون: " لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ " لهذا ".
(7)
(1)
أخرجه الترمذي في جامعه، باب ومن سورة (ألهاكم التكاثر) ح (3355)
(2)
- السمعاني: 6/ 276
(3)
الطبري: جامع البيان: 24/ 580
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 344
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 281
(6)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 23
(7)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 494
إذن: الإمام السمعاني قرر هذه المسائل، موافقاً فيها إجماعات السلف، يقول الإمام أبو الحسن الأشعري:" وأجمعوا أن عذاب القبر حق، قال: وأجمع على ذلك الصحابة والتابعون ".
(1)
يقول ابن تيمية: " اعلم أن مذهب سلف الأمة وأئمتها: أن الميت إذا مات يكون في نعيم أو عذاب، وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه ".
(2)
(1)
الأشعري: رسالة إلى أهل الثغر: 159
(2)
ابن تيمية: مجموع الفتاوى: 4/ 282