الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المطلب الأول: حقيقة مسمى الصحبة:
الصحبة فضل، ومنَّة، وإنعام من الله، فمن حَظِي بها، حَظي بخيري الدنيا والآخرة، يقول ابن العربي:" وفائدة صحبته في الدنيا: الفتح، وفي الآخرة: النجاة من النار ".
(1)
والذي عليه جمهور السلف والخلف: أن الصحابي هو من رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمناً به، ومات على الإسلام، وإن لم تطل صحبته، وإن لم يرو عنه شيئاً.
(2)
(1)
ابن العربي: عارضة الأحوذي: مكتبة ابن تيمية: القاهرة، (13/ 123)
(2)
ابن كثير: الباعث الحثيث: دار الكتب العلمية، بيروت، ط 2، (179)، ابن حجر: فتح الباري: 4/ 6
والإمام السمعاني ذكر في كتابه القواطع، أن مسمى الصحبة عند الأصوليين، ومن حيث اللغة والظاهر، أنه يقع على من طالت صحبته، وكثرت مجالسته للنبي صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر مسمَّى الصحبة عند أهل الحديث، وهو أنهم يطلقون اسم الصحابة على كل من روى عنه حديثاً، أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة، وهذا لشرف منزلة النبي صلى الله عليه وسلم، فأعطوا الكل ممن يراه حكم الصحبة، ورجح هذا القول، ولذا قال:" فكل من روى عنه، أو رآه فهو قرنه الذي بُعث فيه، إلا أنه مع هذا لا بُدَّ من رؤية أو رواية للإجماع "
(1)
. وهذا القول ذهب إليه جماهير الأمة سلفاً وخلفاً، وممن نص على الإكتفاء لثبوت الصحبة بمجرد الرؤية ولو لحظة، ولو لم يقع معها مجالسة، أو مماشاة، ولا مكالمة، لشرف النبي صلى الله عليه وسلم، مالك وأحمد وغيرهما من الأئمة، قال مالك: من صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة، أو شهراً، أو يوماً، أو رآه مؤمناً به، فهو من أصحابه، له من الصحبة بقدر ذلك
(2)
، وقال علي بن المديني: من صحب النبي صلى الله عليه وسلم، أو رآه ولو ساعة من نهار، فهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وقال البخاري: من صحب النبي صلى الله عليه وسلم أو رآه من المسلمين، فهو من أصحابه
(3)
. وقد حكى بعض العلماء الإجماع على ذلك.
(4)
(1)
السمعاني: قواطع الأدلة: 1/ 392
(2)
ابن تيمية: مجموع الفتاوى: 4/ 265، 20/ 298 - 35 - 59
(3)
السخاوي: فتح المغيث: مكتبة السنة، مصر، ط 1، 1424 هـ (4/ 78)
(4)
ابن القطان: الإقناع: 1/ 66