‌2 ـ العبادة في الاصطلاح: - آراء السمعاني العقدية

معنى نعبد: نخضع، ونذل، ونعترف بربوبيتك.

(1)

‌

‌2 ـ العبادة في الاصطلاح:

عَرَّف الإمام السمعاني العبادة، بأنها الطاعة مقرونة بالتذلل والخضوع، وهو المراد في لغة العرب؛ لأن أصل العبودية الخضوع والتذلل

(2)

، فمعنى قوله تعالى:" إِيَّاكَ نَعْبُدُ "(الفاتحة 5)، نعبدك خاضعين

(3)

؛ لأن الطاعة قد تأتي بمعنى الانقياد، كقوله تعالى:" وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ (26) "(الروم 26)، فالقنوت هنا: الطاعة، وليس المراد بها طاعة العبادة، وإنما طاعة بمعنى الانقياد.

(4)

وقد فُرِّق بين العبادة والطاعة، من جهة الخضوع والإنعام، فالفرق:" أن العبادة غاية الخضوع، ولا تستحق إلا بغاية الإنعام، ولهذا لا يجوز أن يعبد غير الله تعالى، ولاتكون العبادة إلا مع المعرفة بالمعبود. والطاعة فعل ذلك الواقع، على حسب ما أراده المريد، متى كان المريد أعلى رتبة ممن يفعل ذلك، وتكون للخالق والمخلوق، والعبادة لا تكون إلا للخالق. والطاعة في مجاز اللغة، تكون اتباع المدعو الداعي إلى ما دعاه إليه، وإن لم يقصد التبع، كالإنسان يكون مطيعاً للشيطان، وإن لم يقصد أن يطيعه، ولكنه اتبع دعاه وإراداته"

(5)

.

وقد عَرَّف الإمام ابن تيمية العبادة، بمعناها الواسع الذي يشمل كل الدين، فقال:" العبادة: هي اسم جامع كل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال، والأعمال الباطنة والظاهرة "

(1)

، ولذا قال في مقام آخر:" فإذا أمر بعبادة الله مطلقاً، دخل في عبادته كل ما أمر الله به، فالتوكل عليه مما أمر به، والاستعانة مما أمر به "

(2)

.

والعبادة في حقيقتها " اسم يجمع كما الذل ونهايته، وكما الحب لله ونهايته، فالحب الخلي عن ذل، والذل الخلي عن حب، لا يكون عبادة، وإنما العبادة ما يجمع كمال الأمرين، ولهذا كانت العبادة لا تصلح إلا لله "

(3)

.

وقيل في تعريف العبادة:

ـ " هي الأفعال الواقعة على نهاية ما يمكن من التذلل والخضوع، والمجاوزة لتذلل بعض العباد لبعض "

(4)

ـ " هو فعل المكلف على خِلاف هوى نفسه؛ تعظيماً لربه "

(5)

.

وقد ذكر أهل التفسير أن العبادة في القرآن على وجهين

(6)

:

1 ـ التوحيد، ومنه قوله تعالى:" وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا "(النساء 36)، أي وحدوه، وكذلك كل ما ورد في دعاء الأنبياء قومهم.

2 ـ الطاعة، ومنه قوله تعالى:" تَبَرَّأْنَا إِلَيْكَ مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ (63) "(القصص 63)

وقد فَسَّر الإمام السمعاني العبادة بمعنى الطاعة، ففي قوله تعالى:" وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ "(العنكبوت 16). يقول: " إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ": أي: أطيعوا الله، واحذروا معصيته "

(7)

.