الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع: البعث بعد الموت:
البعث حق، يجب الإيمان به، وهو المعاد الثاني، فإن الله تعالى جعل لابن آدم معادين وبعثين، فالبعث الأول: مفارقة الروح للبدن، ومصيرها إلى دار الجزاء الأول، والبعث الثاني: يوم يرد الله الأرواح إلى أجسادها، ويبعثها من قبورها، إلى الجنة أو النار، وهو الحشر الثاني.
(1)
وقد حكى العلماء الإجماع عليه، قال ابن حزم:" اتفق جميع أهل القبلة على تنابذ فرقهم، على القول بالبعث في القيامة "
(2)
، ويقول القصري:" الشعبة الخامسة والستون: الإيمان باليوم الآخر: وهو يوم القيامة الذي يكون فيه بعث الأجساد وغيره من الكائنات الأخروية، والإجماع من أهل الإيمان عليه "
(3)
، ويقول الجرجاني:" والمعاد حق ".
(4)
والإمام السمعاني سار في تقريره لعقيدة البعث، على المنهج القرآني، ووافق أهل السنة والجماعة، وبيَّن أن البعث حق، وذكر إنكار المشركين له، ثم بيَّن كيف عالج القرآن الكريم هذا الإنكار، بذكر دلائله، وطرقه، ونُجمل كلام السمعاني في هذا المبحث فيما يلي:
1 ـ تعريف البعث، وبيان معنى الإعادة:
(1)
ابن القيم: الروح: دار الكتب العلمية: بيروت: 74
(2)
ابن حزم: الفِصل: 4/ 66
(3)
القصري: شعب الإيمان: 589
(4)
الجرجاني: اعتقاد أئمة الحديث: 86
قال السمعاني: في تعريف البعث: هو الإطلاق، قال تعالى:{ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} [المؤمنون:16]، فكأنهم حبسوا مُدَّة ثم أُطلقوا
(1)
. وقد سَمَّى الله جل وعلا الإحياء بعثاً، كما قال سبحانه:{فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ} [البقرة:259]؛ لأنه إذا أُحيي يبتعث للأمور.
(2)
وأما الإعادة: فهي الإحياء للبعث يوم القيامة
(3)
، قال تعالى:{قُلِ اللَّهُ يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ} [يونس:34].
2 ـ إنكار المشركين للبعث:
قد حكى الله تعالى إنكار المشركين للبعث، في مواطن عديدة من القرآن، فقال تعالى:{وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ} [الأنعام:29]، يقول السمعاني:" هذا في إنكارهم البعث والقيامة "
(4)
، وفي مثل هذا المعنى في إنكارهم البعث، قوله تعالى:{وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [الرعد:5]. وقد أخبر الله تعالى عمن كان يجادل في أمر البعث وينكره، قال تعالى:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ} [الحج:3]، يقول السمعاني:" الأكثرون على أن الآية نزلت في النضر بن الحارث، وكان ينكر البعث، ويجادل فيه ".
(5)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 468
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 263
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 382
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 98
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 418
والآيات في هذا المعنى كثيرة، تدل على حجود وإنكار المشركين للقاء الله تعالى، قال تعالى:{وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ} [الروم:16]، يقول السمعاني:" أي البعث يوم القيامة "
(1)
، والكفار ليسوا على مرتبة واحدة من التكذيب، فمنهم من كان في شك فيه، كما قال تعالى:{أَلَا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ} [فُصِّلَت:54]، أي: في شك من البعث والنشور
(2)
، ولذا أخبر الله تعالى عنهم أنهم في أمر مريج، فقال سبحانه:{بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [ق:5]، يقول السمعاني:" وكانوا أيضاً يقرون بالبعث مرة، وينكرون البعث مرة، فهذا هو معنى الاختلاط والالتباس "
(3)
، ولذا إنكارهم سيكون عليهم حسرة، كما قال تعالى:{وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ} [الحاقة:50]، أي: البعث حسرة على الكافرين، ثم قال تعالى:{وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} [الحاقة:51]، أي: البعث محض اليقين، وعين اليقين.
(4)
فإن قيل على هذا التقرير: كيف يستقيم قولهم: {إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا} [المؤمنون:37]، ولم يكونوا مقرين بالبعث؟ فالجواب من وجوه: أحدها: أنه على التقديم والتأخير، يعني: نحيا ونموت، والآخر: يموت الآباء، ويحيا الأبناء، والثالث: يموت قوم، ويحيا قوم.
(5)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 201
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 61
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 235
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 6/ 43
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 475
3 ـ ذكر السمعاني رحمه الله دلائل البعث في القرآن الكريم، وهي دلائل سمعية، وأما من جهة إمكانه فدلالة العقل مؤيِّدة لدلالة النقل، يقول ابن القيم:" والصحيح: أن العقل دل على المعاد، والثواب، والعقاب إجمالاً، وأما تفصيله فلا يُعلم إلا بالسمع، ودوام العقاب والثواب، مما لا يدل عليه العقل بمجرده، وإنما عُلِمَ بالسمع ".
(1)
" وبراهين المعاد في القرآن مبنية على ثلاثة أصول: أحدهما: تقرير كمال علم الرب سبحانه، والثاني: تقرير كمال قدرته، والثالث: كمال حكمته ".
(2)
وقد ذكر السمعاني جملة من الدلائل على إمكان البعث منها:
أ ـ الاستدلال بالبداءة على الإعادة: وقد استدل السمعاني على ذلك بعدة أدلة، منها:
ـ قوله تعالى: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذَا كُنَّا تُرَابًا أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [الرعد:5]، يقول السمعاني:" ومعناه: أنك تعجب، فعجب من إنكارهم النشأة الآخرة، مع إقرارهم ابتداء الخلق من الله، وقد تقرر في القلوب، أن الإعادة أهون من الابتداء، فهذا موضع التعجب ".
(3)
ـ وقال تعالى: {أَوَلَا يَذْكُرُ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا} [مريم:67]، يقول السمعاني:" ومعناه: أنا لما قدرنا على إنشاء خلقهم، فنحن على الإعادة أقدر ".
(4)
ـ وقال تعالى: {يَوْمَ نَطْوِي السَّمَاءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ} [الأنبياء:104]، يقول السمعاني:" أي قدرتنا على إعادة الخلق، كقدرتنا على إنشائه ".
(5)
(1)
ابن القيم: حادي الأرواح: دار الكتب العلمية، بيروت، ط 1، 1403 هـ (365)
(2)
ابن القيم: الفوائد: دار الكتب العلمية، بيروت، ط 2، 1393 هـ، (7)
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 87
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 305
(5)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 412
ـ وقال تعالى: {فَسَيَقُولُونَ مَنْ يُعِيدُنَا قُلِ الَّذِي فَطَرَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [الإسراء:51]، يقول السمعاني:" أي: أنشأكم أول مرة، ومن قدر على الإنشاء، فهو على الإعادة أقدر ".
(1)
ـ وقال تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ} [الحج:5]، يقول السمعاني:" وقوله: " لِنُبَيِّنَ لَكُمْ "، أي: نبيِّن لكم أمر الخلق في الابتداء؛ لتستدلوا بقدرة الله في الابتداء، على قدرته على الإعادة ".
(2)
ـ وقال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [يس:77]، يقول السمعاني:" وأما وجه الحجة عليهم في خلق الإنسان من نطفة، هو أن إعادة الخلق، أهون فيما يعقله الناس من إنشاء الخلق ".
(3)
إذن هذه الدلالة فيها أمور ثلاثة:
1 ـ أن الله تعالى سمَّاها النشأة الأخرى، فقال سبحانه:{وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى} [النجم:47]، يقول السمعاني:" وإنما قال " الْأُخْرَى "؛ لأنها ثانية النشأة الأولى، والنشأة الأولى ابتداء الخلق ".
(4)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 248
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 421
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 389
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 305
2 ـ أنه من أبلغ الأدلة في الاحتجاج على المنكرين، ولذا قال تعالى:{أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتَى} [القيامة:40]، أي: أليس الله الذي خلق الإنسان من النطفة، بقادر على أن يحيي الموتى؟ يعني: هو قادر
(1)
. وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تُمْنُونَ (58) أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ} [الواقعة:58 - 59]، نقل السمعاني عن الأزهري قوله:" إن الله احتج عليهم بأبلغ دليل في البعث والإحياء بعد الموت في هذه الآية، وذلك أن المني الذي يسقط من الإنسان ميت، ثم يخلق الله منه شخصاً حياً، وقد كانوا مقرين أن الله خلقهم من النطف، وكانوا منكرين للإحياء بعد الموت، فألزمهم أنهم لما أقروا بخلق حي من نطفة ميتة، يلزمهم أن يقروا بإعادة الحياة في ميت، ومعنى الآية: كما أقررتم بذلك فأقروا بهذا ".
(2)
3 ـ أن الكفار قولهم في البعث متناقض، كما قال تعالى:{إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ} [الذاريات:8]، يقول السمعاني:" ومعنى التناقض في هذا: أنهم أقروا بالنشأة الأولى، وأنكروا النشأة الأخرى، وهذا تناقض؛ لأن من قدر على النشأة الأولى، فهو على النشأة الأخرى أقدر ".
(3)
ب ـ الاستدلال بإحياء الأرض الميتة على البعث: وقد استدل بها السمعاني على إثبات البعث، ومن ذلك:
ـ قوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [الأعراف:57]، يقول السمعاني في وجه الدلالة:" استدل بإحياء الأرض بعد موتها، على إحياء الموتى، وفي ذلك دليل بيِّن ".
(4)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 6/ 111
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 354
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 252
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 190
ـ وقوله تعالى: {وَتَرَى الْأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5) ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الحج:5 - 6]، يقول السمعاني:" فهذا أيضاً دليل على إعادة الخلق، وفي بعض ما يُنقل عن السلف: إذا رأيتم الربيع فاذكروا النشور ".
(1)
ـ وقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَهَا طَلْعٌ نَضِيدٌ (10) رِزْقًا لِلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا كَذَلِكَ الْخُرُوجُ (11)} [ق:9 - 11]، يقول السمعاني:" يعني: كما نحيي الأرض اليابسة، ونخرج منها الأشجار، والزرع، والكلأ، كذلك نحيي الأجساد بعد الموت، ونخرجها من الأرض ".
(2)
ج ـ الاستدلال على البعث بقياس الأولى (بخلق السموات والأرض): واستدل السمعاني ببعض الدلائل منها:
ـ قول تعالى: {أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلَى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ} [يس:81]، يقول السمعاني:" قوله: " بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ " على أن ينشئ خلقاً مثلهم، وقيل: على أن يُعيدهم يوم القيامة، فيكونوا خلقاً كما كانوا ".
(3)
ـ وقوله تعالى: {أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاءُ بَنَاهَا (27) رَفَعَ سَمْكَهَا فَسَوَّاهَا (28) وَأَغْطَشَ لَيْلَهَا وَأَخْرَجَ ضُحَاهَا (29) وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا (30) أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا (31) وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا (32)} [النازعات: 27 - 32]، يقول السمعاني:" استدل عليهم بهذه الآيات في قدرته على البعث، والمعنى: بأن إعادتكم خلقاً جديداً، أشد أم خلق السماء ".
(4)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 422
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 237
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 4/ 390
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 6/ 150
د ـ الاستدلال بالدلائل الواقعة الحاضرة المحسوسة: وهذا فيما بينه الله تعالى، في إحياء بعض الموتى، وهذا استدل به السمعاني على إمكان البعث، ومن ذلك:
ـ قوله تعالى في قصة قتيل بين إسرائيل: {فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتَى} [البقرة:73]، يقول السمعاني:" لأنه أراهم إحياء المقتول، حين ضُرب ببعض البقرة ".
(1)
ـ وقوله تعالى: {وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56)} [البقرة:56]، يعني: أحياكم بعد تلك الموتة بالطور، قال قتادة: أحياهم ليستوفوا آجالهم.
(2)
هـ ـ الاستدلال بالقدرة التامة الشاملة: ومن الأدلة التي استدل بها السمعاني، على إمكان البعث بناء على دلالة القدرة الإلهية:
ـ قوله تعالى في قصة العزير حين أماته الله ثم أحياه، فقال:{فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [البقرة:259]، يقول السمعاني:" فلما ظهرت له قدرة الله تعالى، على عمارة بيت المقدس، وإحياء الموتى، قال " أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ".
(3)
ـ ولما ذكر الله سبحانه وتعالى، دلائل القدرة على الكفار، وأقروا أن فاعلها هو الله تعالى، وأنهم عاجزون عنها، استدل بها عليهم على إنكارهم للبعث، وهي الآيات التي ذكرها المولى في سورة الواقعة، من خلق الإنسان، وإثبات الزرع، وإنزال الماء من السحاب، وخلق الشجر الذي يورى به النار، لما ذكر كل هذه الدلائل، استدل بها عليهم على إنكارهم للبعث، ووجهه:" قال الله تعالى لهم: لما لم تنكروا قدرة الله تعالى على هذه الأشياء، وما فيها من عجيب الصنع، فكيف تنكرون قدرته على بعثكم، وإحيائكم بعد موتكم".
(4)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 94
(2)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 81
(3)
السمعاني: تفسير القرآن: 1/ 265
(4)
السمعاني: تفسير القرآن: 5/ 358
وقوله سبحانه وتعالى: {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} [الطارق:8]، رجح السمعاني أن المراد بالآية:" أنه على إحيائه بعد الإماتة لقادر ".
(1)
(1)
السمعاني: تفسير القرآن: 6/ 203