الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ـ ويقول الإمام ابن تيمية: " وأما علوه على العالم، ومباينته للمخلوقات، فمتفق عليه بين الأنبياء والمرسلين، وسلف الأمة وأئمتها " (
1).
16 ـ الاستواء على العرش:
قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف:54]، أثبت الإمام السمعاني هذه الصفة، على ما يليق بجلال الله وعظمته، ورد على المخالفين:
أ ـ إثبات الصفة: يقول السمعاني: أهل السنة يقولون: إن الاستواء على العرش، صفة لله تعالى، بلا كيف، والإيمان به واجب، كذلك يُحكى عن مالك بن أنس، وغيره من السلف، أنهم قالوا في هذه الآية: الإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة "
(2)
.
وقال في موطن آخر: " قد بينا مذهب أهل السنة في الاستواء، وأن نؤمن به، ونكل علمه إلى الله تعالى، ومن غير تأويل ولا تفسير "
(3)
.
وقال: " اعلم أن مخارج الاستواء في اللغة كثيرة: وقد يكون بمعنى العلو، وقد يكون بمعنى الاستقرار، وقد يكون بمعنى الاستيلاء ـ على بُعد ـ، وقد يكون بمعنى الإقبال. والمذهب عند أهل السنة: أنه يُؤمن به، ولا يكيف "
(4)
.
ب ـ الرد على المخالفين: ذكر السمعاني أن المعتزلة أولت صفة الاستواء بالإستيلاء، واستدلوا ببيت من الشعر:
(قد استوى بشر على العراق
…
***
…
من غير سيف ولا دم مهراق)
وقد رد عليهم السمعاني من عدة أوجه:
الأول: أنه هذا خِلاف منهج السلف، فقال:" وأما أهل السنة فيتبرؤون من هذا التأويل، ويقولون: إن الاستواء صفة لله تعالى، بلا كيف، والإيمان به واجب "
(5)
.
(1)
((ابن تيمية: الجواب الصحيح: 4/ 318، مجموع الفتاوى: 5/ 258
(2)
((السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 188، وقال السمعاني في تفسير قوله تعالى:{ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ} [البقرة:29]: " قال ابن عباس وأكثر المفسرين من السلف: أي ارتفع وعلا إلى السماء ". تفسير القرآن: 1/ 63
(3)
((السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 366
(4)
((السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 320
(5)
((السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 188
الثاني: أنه باطل من جهة اللغة العربية، وذلك أن العرب لا تعرف الاستواء بمعنى الاستيلاء، " حُكي عن أحمد بن أبي دؤاد ـ وكان من رؤوس المعتزلة ـ أنه قال لابن الأعرابي: أتعرف العرب الاستواء، بمعنى الاستيلاء؟ فقال: لا، ويُحكى أن هذه المسألة، جرت في مجلس المأمون، فقال بشر المريسي: الاستواء بمعنى الاستيلاء، فقال له أبو السمراء ـ وهو رجل من أهل اللغة ـ: أخطأت يا شيخ، فإن العرب لا تعرف الاستيلاء، إلا بعد عجز سابق "
(1)
.
وما نُقل عن بعض أهل اللغة، من تسمية الاستواء استيلاء، فهذا على بُعد، كما قال السمعاني، " وذكر الزجاج، والنحاس، وجماعة من النُحاة من أهل السنة: أنه لا يُسمى الاستواء استيلاء في اللغة، إلا إذا غلب غيره عليه، وهذا لا يجوز على الله تعالى "
(2)
، بل المشهور عن العرب، أن الاستواء يكون بمعنى الارتفاع والاستقرار، " قال تعالى:{فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ عَلَى الْفُلْكِ} [المؤمنون:28]، أي: استقررت وجلست، وقد يكون الاستواء بمعنى الارتفاع، قال الخليل: دخلنا على أبي ربيعة الأعرابي، فقال لنا: استووا، أي: ارتفعوا "
(3)
.
وقد اتفق أهل السنة والجماعة، على إثبات هذه الصفة لله تعالى، يقول الإمام ابن تيمية:"فالآيات الكثيرة، والأحاديث الكثيرة، وإجماع السلف، يدل على أن الله فوق العرش "
(4)
.
(1)
((السمعاني: تفسير القرآن: 2/ 366
(2)
((السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 320
(3)
((السمعاني: تفسير القرآن: 3/ 472
(4)
((ابن تيمية: مجموع الفتاوى: 16/ 397