الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأنفس، وأما التشنيعُ بالصورة المذكورة فيلزمه (1) للدليل المذكور.
إذا ثَبَت هذا، فهل يُؤخذ هذا الحكمُ من الحديث؟
فيه نظرٌ، تُقدَّم عليه مسألة (2) نذكرها الآن.
الثالثة عشرة بعد المئة:
في قاعدة الخطاب مع الموجودين في زمن النّبي صلى الله عليه وسلم، لا يتناول مَنْ بعدَهم إلا بدليل منفصلٍ، هكذا عبّر بعضُ الأصوليين عن هذه المسألة (3)، وذكر بعضُهم أخصَّ من هذه العبارة، وفَرَضَ المسألةَ في نحو:({يَاأَيُّهَا النَّاسُ} [البقرة: 21]، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [البقرة: 104]، والمنسوبُ إلى الحنابلة التعميمُ (4).
وقال بعض المتأخرين: مسمَّيات الألفاظ لها حالتان:
تارةً تكون محكومًا بها نحو: زيدٌ قائمٌ، أو مخاطبةً بخطاب المواجهة نحو: يا زيد ويا عمرو.
وتارةً تكون متعلق الحكم، نحو: اصحبِ العلماءَ.
فالمسميّات في الحالة الأولى يجب أن تكون موجودةً حالةَ
(1)"ت": "فنلتزمه".
(2)
"ت": "ينبني على مسألة". وكتب في الهامش: "تقدم عليه مسألة" ورمز عندها بحرف الخاء، إشارة إلى أنها في نسخة أخرى كذا.
(3)
انظر: "المحصول" للرازي (2/ 634).
(4)
انظر: "الإحكام" للآمدي (2/ 294).
الحكمِ والخطابِ، فإنَّ القضاءَ بالحقيقة (1) في الخارج فرعُ وجودها، [وكذلك التكلم معها ونداؤها](2).
وفي الحالة الثانية: لا تجبُ أن تكونَ موجودة في الخارج، بل اللفظُ حقيقةٌ فيما وُجِدَ وسيُوجد منها، كقول الوالد لولده: اصحبِ العلماءَ، لا فرق فيه بين من كان عالمًا قبل الخطاب ومن سيصير عالمًا بعد ذلك، وكذلك: اقطعوا السارق، وحُدُّوا الزُّناة، واقتلوا المشركين، والله تعالى أعلم (3).
(1)"ت"": "القضايا الحقيقية".
(2)
سقط من "ت".
(3)
نقل هذه القاعدة والكلام عنها عن المؤلف: الزركشي في "البحر المحيط"(4/ 251) وذكر أنه قال ذلك في كتابه الآخر: "شرح العنوان".
قال الشوكاني في "إرشاد الفحول"(ص: 223) بعد أن نقل كلام المؤلف في "شرح العنوان" عن خطاب المواجهة وهو قوله: "الخلاف في أن خطاب المشافهة هل يشمل غير المخاطبين، قليلُ الفائدة، ولا ينبغي أن يكون فيه خلاف عند التحقيق؛ لأنه إما أن ينظر إلى مدلول اللفظ لغة، ولا شك أنه لا يتناول غير المخاطبين، وإما أن يقال إن الحكم يقصر على المخاطبين، إلا أن يدلَّ دليل على العموم في تلك المسألة بعينها، وهذا باطل؛ لما علم قطعًا من الشريعة أن الأحكام عامة إلا حيث يرد التخصيص، انتهى. قال الشوكاني: وبالجملة فلا فائدة لنقل ما احتج به المختلفون في هذه المسألة؛ لأنا نقطع بأن الخطاب الشفاهي إنما يتوجه إلى الموجودين وإن لم يتناولهم الخطاب، فلهم حكم الموجودين في التكليف بتلك الأحكام حيث كان الخطاب مطلقًا، ولم يرد ما يدل على تخصيصهم بالموجودين".