الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التفهيم، وربما يُتْعَبُ (1) مع بعضهم في تفهيمه، فكيف نقول: إنَّ لفظَه محمولٌ عليه؛ ويمينُه بارَّةٌ بما لم يخطر بباله؟! ولا شكَّ أن (2) حالةَ الإطلاق، لم يكن كلامُه لغوًا ولا هَذْرًا لا معنى له، فله معنى أراده قطعًا، فكيف يَبَرُّ بموافقته ما لم يفهم (3) إلا بعد قوله المفتي له، وإنما [هذا](4) يَرْجِعُ إلى القاعدة التي قدَّمناها، وهو أنه لم يُرِدْ إلا مطلقَ الماء وجنسَه، لا الجزئية المعينة، وإنما فَقَدَ بعد إطلاقِهِ اللفظَ استحضارَ النيّة التي كانت عند الإطلاق، فإذا قيل له: هل نويتَ جنسَ الماء؟ لم يستحضر ذلك، والله أعلم.
نعم لا أسترسل في هذه القاعدة استرسالًا يفعلُه بعضُ من يرى بها، وإنما الذي ينبغي: أن ينظر إلى القرب في دلالة الحال على وجودِ النيّة والبعدِ من ذلك، والله أعلم.
الثامنة والسبعون:
الذي ذكرناه في اليمين على اللحم أقوى مما ذكرناه هاهنا، والسببُ في قوته: أنه يمكن المُدَّعي أن يدّعيَ انتقالَ اللفظِ إلى الخصوص بوضعٍ عرفي، فيقوله: إن أهل العرف نقلوا لفظَ اللحمِ عند الإطلاق إلى اللحم الفلانيّ، فيصير حملُ اللفظِ على
(1)"ت": "تعبت".
(2)
"ت": "أنه".
(3)
"ت": "بمواقعة ما لم يفهمه".
(4)
زيادة من "ت".
الحقيقةِ العرفيةِ كحمله على الحقيقة الوضعية.
ومسألةُ بِسَاطِ اليمين لا يُدَّعى فيها ذلك، ولا يقال: إنّ قولَ الحالف: والله لا أكلتُ، نُقِلَ عُرفًا (1) إلى خصوصِ ما خُوطِب بأكله (2)، وقد قدمنا ما في هذه الدعوى، والمسألتان تشتركان في أمرٍ عالم، وهو حملُ اللفظ على ما يقتضيه حملُه عليه عرفاً؛ إمّا بطريق النقل العرفي للاسم، أو بطريق الدَّلالةِ العرفيَّةِ على التخصيص، والدلالةُ العرفيةُ أعمُّ من الدلالة العرفية في نقل موضوع اللفظ، وإذا أردت العبارةَ في مسألة البساطِ لتردَّه إلى الحديث؛ أعني: قوله: "يرحمك الله"، فله طريقان:
أحدهما: أن يقال: لو لم يَعْتَبِرْ ما دلَّ عليه البساطُ عند احتمال اللفظ لغيره، وعدمَ تذكُّرِ نية التخصيص، لما اكتفى بقوله:"يرحمك الله" في مثل هذه الصورة؛ أعني: صورة ما إذا قال: "يرحمك الله" ولم تحضرهُ نيةُ الدعاء، لكن (3) اكتفى به عملًا بظاهر الحديث، وهو قولُه:"وليقلْ: يرحُمك الله"، فإنَّ ظاهرَه يقتضي الاكتفاءَ به مطلقًا، قَصَدَ الدعاءَ أو لم يقصِدْ.
بيانُ (4) الملازمةِ: أنه لو لم يعتبرْ، لكان ذلك للاحتمال المعارض
(1) في الأصل: "عرف"، والمثبت من "ت".
(2)
"ت": "بأكلٍ".
(3)
"ت": "لكنه".
(4)
"ت": "فإن".