الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[بالقود بالسيف، فما أنزله القاتلُ بالمقتول من الألم الزائد ظلمٌ للمقتول، فإذا أنزل به ما يقابله في جرأته فقد نصر فيه](1).
والمخالف إمّا أن يَمنعَ عدمَ النصرة بعد القتل بالسيف، أو يقيم دليلاً على اعتبار القدر الزائد، ويدخل تحت هذه القاعدة مسائلُ.
السادسة بعد المئتين:
اختلفوا على [الجناية على](2) العبد فيما دون النفس، على مذاهب:
أحدها: أرشُ ما نَقَصَ من قيمته فقط، وربما عُبِّر عن القيمة بالثمن، فقيل: ما نقص من ثمنه، وهذا مروي عن الحسن (3)، [ومن طريق عبد الرزاق، عن معمر، عن الزُّهْري: أن رجالاً من [العلماء](4) ليقولون: العبيد والإماء [سلع](5) يبلغ فينظر ما نقص ذلك من أثمانهم (6)، وهذا مذهب الظاهرية] (7)(8).
(1) في الأصل و"ب": "ينزل بالقاتل أنزله بالمقتول، فإن القدر الزائد من الألم ظالم للمقتول، فإذا نزل ما يقابله في جزائه فهل ينصر فيه؟ "، والمثبت من "ت".
(2)
في الأصل: "الخيار في"، والمثبت من "ت".
(3)
رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(27230)، عن الحسن في حر أصاب من عبد شيئًا، قال: يرد على مولاه ما نقص من ثمنه.
(4)
بياض في الأصل و"ب"، والمثبت من "مصنف عبد الرزاق".
(5)
زيادة من"ب".
(6)
رواه عبد الرزاق في "المصنف"(18142).
(7)
سقط من "ت".
(8)
انظر: "المحلى" لابن حزم (8/ 150).
وثانيها: أن خَراجَ العبدِ من قيمته كخراج الحرِّ من ديته، فعلى هذا في كل واحد من عينه ويده ورجله نصفُ قيمته، ورُوي هذا عن عمر رضي الله عنه من طريق عبد الرزاق، عن ابن جُرَيج، عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، عن أبيه: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: وعَقْلُ (1) العبد في ثمنه كعقل الحر في ديته (2).
ورُوي أيضًا عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه (3).
[و](4) الروايةُ عن عمر منقطعةٌ فيما بين عمر بن عبد العزيز وعمر ابن الخطاب رضي الله عنهما؛ إذ لم يلْقَه (5)، ولعلّه اشْتُهِر عندهُ (6) فنقله.
ومن طريق عبد الرزاق، عن مَعْمَر، عن سعيد بن المُسَيِّب قال: جِراحاتُ العبيد في أثمانهم بقدر جِراحات الأحرارِ في دِيَاتِهم (7).
(1) عَقَلَ القتيلَ: وَداه. انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 931)، (مادة: عَقَل).
(2)
رواه عبد الرزاق في "المصنف"(18150).
(3)
انظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (6/ 238 - 239).
(4)
زيادة من "ت".
(5)
انظر: "التلخيص الحبير" لابن حجر (4/ 36).
(6)
"ت": "عندهم".
(7)
رواه عبد الرزاق في "المصنف"(18142)، وابن أبي شيبة في "المصنف"(27228).
قال بعضُهم (1): وهو قول الشَّعْبي والنَّخَعِيّ وعمرَ بن عبد العزيز والشافعي وسفيان الثَّوري والحسن بن حي (2) وشُرَيْح، إلا أنَّ الحسن قال: إنْ بَلغ فيه جميعَ القيمة لم يكن له إلا أن يسلِّمَه ويأخذَ قيمَتَه، أو يأخذَ ما نقصه (3).
وثالثها: مذهب مالك رحمه الله تعالى: أن الواجب في جراحه (4) ما نقصه بعد بُرْئه إلا في أربع جراحات: المُوضحة (5) والمَأْمُومة (6) والجَائِفَة (7) والمُنَقِّلة (8)، فإن الواجبَ فيها من قيمته (9) بمنزلتهنَّ من دية الحر، هذا هو المعروف من مذهبه (10).
(1) هو ابن حزم.
(2)
في الأصل و"ب": "الخزرجي"، والمثبت من "ت" و"المحلى" لابن حزم.
(3)
انظر: "المحلى" لابن حزم (8/ 151) وعنه نقل المؤلف رحمه الله هذه المسألة.
(4)
" ت ": "جراحته".
(5)
المُوضحة: الشجَّةُ التي تُبدي وَضَحَ العظام، أي: بياضه. انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 224)، (مادة: وضح)، و"المطلع" لابن أبي الفتح (ص: 367).
(6)
شجَّة مأمومة: بلغتْ أمَّ الرأس. انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 971)، (مادة: أمم).
(7)
الجائفة: طعنة تبلغُ الجوف. انظر: "القاموس المحيط" للفيروز أبادي (ص: 718)، (مادة: جوف).
(8)
المُنَقّلَة كمحدّثة: الشجَّةُ التي تنقل العظم، أي: تكسره حتى يخرج منها فَرَاشُ العِظام. انظر: "القاموس المحيط" للفيروزأبادي (ص: 959)، (مادَّة: نقل)، و"أنيس الفقهاء" (ص: 294).
(9)
في الأصل: "قيمتها"، والمثبت من "ت".
(10)
انظر: "مواهب الجليل" للحطاب (6/ 247).
وقد رويَ عن مالك فيما حكى ابنُ حزم: إذا قطع يدي (1) عبد أو فَقَأَ عينَه، أُعتق عليه، وغَرِم قيمتَه كاملةً لسيده (2)، وهذه المسألة إحدى المسائل التي اختارها المُزَنيّ للرد على مالك فيها، وهي (3) ثلاثون مسألةً جمعها في كتاب، وأجابه عنه من المالكية أبو بكر الأَبْهَري (4) وأبو محمد عبد الوهاب القاضي (5) رحمهم الله تعالى.
ورابعها: أن جِراحَ العبدِ في قيمته كجراح الحرِّ في ديته إلا أن تبلغَ قيمةُ العبدِ عشرةَ آلاف درهمٍ فصاعدًا، أو تبلغَ قيمةُ الأمَةِ خمسةَ آلافِ في رهمٍ فصاعدًا، فلا يبلغُ بأرش تلك (6) الجراحة مقدارها من دية الحرِّ أو الحرة، لكن يحطُّ من ذلك [قيمتَها](7) وحصتها من عشرة دراهم في العبد، وحصتها من خمسة دراهم في الأمة، إلا أن يكون
(1)"ت": "يد".
(2)
انظر: "المحلى" لابن حزم (8/ 152). وانظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (8/ 112).
(3)
في الأصل "وهو"، والتصويب من "ت".
(4)
انظر: "الفهرست" لابن النديم (ص 283)، و"الديباج المذهب" لابن فرحون (ص: 257).
(5)
انظر: "ترتيب المدارك" للقاضي عياض (2/ 692). وممن ردّ على المزني في هذه المسائل الإمام الفقيه أبو الفضل بكر بن العلاء القشيري المتوفى سنة (344 هـ)، كما في "الديباج المذهب" لابن فرحون (ص: 100).
(6)
في الأصل: "تألم"، والتصويب من "ت".
(7)
سقط من "ت"، وكذا من المطبوع من "المحلى" لابن حزم.
قطعَ أذناً فَبرِأ، أو نتفَ حاجبًا فَبرِأَ، ولم ينبت، فليس فيه إلا ما نقصه، وهذا محكيٌ عن أبي حنيفةَ رحمة الله عليه.
فإن بلغ من الجناية على العبد ما لو جنى على حرٍّ لوجب فيه الديةُ كلُّها، فليس له إلا إمساكُهُ كما هو، ولا شيء له، أو إسلامُه إلى الجاني، وأخذ جميع قيمته، ما لم تبلغْ عشرةَ آلافِ درهمٍ فصاعدًا، فليس له إلا عشرةُ آلافِ درهم غيرَ عشرةِ دراهم، وفي الأمةِ نصفُ ذلك، وقد نُقل في المسألة غيرُ هذه الأقاويل التي ذكرناها (1).
أما القول الأول - وهو تضمين الجراحات بما نقص من القيمة مطلقًا - فظاهر، وطريقُ الاستدلالِ عليه من الحديث أن يقالَ: قد عُلِمَ جزمًا أن مقصودَ التضمين في الجنايات على الأموال جبرُ ما فات على المالك بالجناية، والجبرُ يقتضي (2) المماثلةَ والمساواةَ، فما نقص أو زاد فهو ظلم؛ إما للمالك أو للجاني، فحينئذ نقول: لو كانت جراحُ العبدِ من قيمته كجراح الحرِّ من ديته، لزم إما الظلم للمالك أو الجاني.
بيانُ الملازمة: أنه إذا لو قَطعَ يدَ عبدٍ يساوي مئةً (3)، فنقَصَ من قيمته ثلاثون، فإيجابُ الخمسين مع حصول الجبر بثلاثين ظلمٌ
(1) انظر: "المحلى" لابن حزم (8/ 152)، وعنه نقل المؤلف رحمه الله مذاهب العلماء التي ذكرها.
(2)
"ت": "والجبر مقتضى".
(3)
"ت": "يساوي من قيمته"، وكتب في الهامش:"لعله خمسين".