الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فاقتضى هذا النقلُ الخلافَ في الفداءِ بالخيل، وأما بالسلاح: فاذا مُنِع بالخيل ففي السِّلاح أولى.
الثانية والثلاثون بعد المئتين:
ومن ذلك الفداء بالخمر، وقد قدَّمنا تخفيفَ ابنِ القاسم له بالنسبة إلى الخيل، والمنقول عن أَشهب أنه قال: وأما الخمرُ فلا، ولا يدخل في نافلةٍ بمعصية.
وعن سُحنون: لا بأس أن يبتاعَ لهمُ الخمرَ للفداء، وهذه ضرورة.
وفي كتاب ابنه (1) عنه: وإن طلبوا الخمرَ والخنزيرَ والمَيْتةَ أمرَ الإمامُ أهلَ الذمةِ بدفع ذلك إليهم، وحاسَبَهم بقيمته في الجزية، فإن أبى من ذلك أهلُ الذمة لم يُجبروا، ولم يرَ أشهبُ؛ يعني أنه: لا يُفدى (2) بالخمر (3).
قلت: النظر في هذا كلِّه إنما هو راجعٌ إلى اعتبار المصالح والمفاسد، وترجيحِ بعضِها على (4) بعض، وفي النظر إلى العمومات والنصوص في مثل هذا عُسْرٌ شديدٌ، يدور فيه رأسُ من يريد أن يحاوِلَه من الظاهرية [إنْ حاولوه](5)؛ لِمَا يقع فيه من التعارضِ بين
(1) في الأصل: "أبيه"، والتصويب من "ت".
(2)
في الأصل: "يفدو"، والمثبت من "ت".
(3)
وانظر: "التاج والإكليل" لابن المواق (3/ 389).
(4)
في الأصل: "مع"، والمثبت من "ت".
(5)
سقط من "ت".
العمومات، والذي أقولُه الآن بالنسبة إلى النظر إلى المصالح والمفاسد - والعلم عند الله تعالى -: إنّ الحال لا يخلو من أن يتعيَّن الفداء بما ذُكِر (1)، أو لا، فإن تعين الفداء بأحد هذه الأمور؛ بأن لا يرضى العدوُّ إلا بها، فها هنا يقعُ التعارضُ، والأقربُ الجواز، أمّا في حقِّ الخمر؛ فلأنَّ وضعَ اليدِ عليها وعدمَ إراقتها متأخرُ المرتبة في المصلحة عن فِكاك المسلمِ من أسر العدو قَطْعًا؛ لأنَّ ذلك من (2) مرتبة الضرورة، والمنعُ من وضع اليد على الخمر من (3) مرتبة التكميل، والأولُ أرجح، وأمَّا الفداءُ بالسلاح والخيل فهو - وإن كانْ أعظمَ مفسدةً من الفداء بالخمر - إلا أنه يرجُحُ على ترك الفداء بهِ في حال تعيُّن الفداء به لوجوه:
الأول: أنَّ المنعَ من تمكين العدو من السلاح، [من قَبيل منعِ الوسائل، والمنعَ من إذلال المسلمين في الحال](4) من قبيل المقاصد، والثاني راجحٌ على الأول.
الثاني: ما قدمناه من مرتبة الضرورة والتكميل.
والثالث: أنَّ المفسدةَ في إذلالِ العدو والإضرارِ به مفسدةٌ محقَّقةٌ في الحال، والمفسدةُ في استعانةِ العدو به على القتال مفسدةٌ
(1) في الأصل: "ذكروا" والمثبت من "ت".
(2)
"ت": "في".
(3)
"ت": "في".
(4)
سقط من "ت".