الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الذهن إلى لباسِ (1) الإنسان لنفسه، ولو قيل: إنه لا يتناول الإلباسَ أصلًا؛ لكان كما قالته المالكيةُ في مسألة الاستنابة في الحج: إن الآية إنما تدل على الحجِّ لا على الإحجاج، وحَجُّ البيتِ: مصدر حَجَّ يَحُجُّ، وإحجاجُه: مصدُر أَحَجَّ يُحِجُّ، فالآية تقتضي الحجَّ بنفسه لا الإحجاج، إلا أن غايةَ هذا: أن الآيةَ لا تدل على الإحجاج، وذلك لا يمنع من أخذه من الحديث.
الأولى بعد الأربع مئة:
قال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي في كتاب "سراج المريدين"(2) في أثناء الكلام على لباس المرأة: وهاهنا مسألةٌ حسنة، وهي أن المرأة لها لباسُها وفراشها من الحرير والذهب، وإذا (3) جاءها زوجُها جَالَسها عليه وضَاجَعَها فيه، وإن دعاها إلى فراشه جاءت إلى إزاره وكسائه، ولا يلزمها إذا أراد الإتيانَ إليها أن تخرجَ [له](4) من بيتها إلى بيتِ فراشه الصوف، كما لا يلزمها أن تتجرَّدَ له إلى مِدْرعته الصوف، ولا خلافَ بين الأُمَّة أن يخالطَها وعليها ثوب الذهب، فيكون ثوبُها لهما لِفاعًا واحدًا.
ثم قال بعد ذلك: وروى محمد بن أحمد بن حماد، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا محمد بن فُضَيل، عن الأعمش، عن حبيب، عن
(1) في الأصل: "لإلباسه"، والمثبت من "ت".
(2)
انظر: "الديباج المذهب" لابن فرحون (ص: 282).
(3)
"ت": "فإذا".
(4)
سقط من "ت".
كُرَيب، عن ابن عباس قال: بعثني أبي إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم في إبل أعطاه إياها من الصدقة، فلما أتاه -[وكانت ليلةَ ميمونة]، وكانت ميمونة خالته (1) قال: فأتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم المسجدَ، وصلَّى العشاء، ثم جاء وطرح ثوبَه، ودخل مع امرأته في ثيابها (2).
ثم قال بعد ما ذكره من ألفاظ الحديث، إلى قوله: فدخل على (3) امرأته في ثيابها، فهو فقه الحديث الَّذي قصدنا منه أن الزوجَ يأتي امرأتَه فيدخل في ثيابها الحرير والذهب من لباسها.
قلت: أدلةُ تحريم الذهب والحرير على الرجال عامَّةٌ تتناول هذه الصورةَ التي ذكرها، وإخراجُها عن تلك الدلائل العامة تخصيصٌ يحتاج إلى دليل شرعي يدل عليه، وكأن ما ذكره يلتفت إلى قاعدة التبعية وإعطاءِ التابع حكمَ المتبوع، إلا أنها قاعدةٌ مضطربةٌ لا تجري على قانون واحد، وهي ذَاهِبةٌ إلى طريق الاستحسان، أو شبيهٍ بها (4).
وما ذكره من أنه يخالطها وعليها ثوب الذهب، فيكون ثوبُها لهما لَفَاعًا واحدًا، وأنه لا خلاف فيه، فإن (5) أراد أن يَمَسَّ (6) ثيابها عند
(1)"ت": "جالسة".
(2)
رواه النسائي في "السنن الكبرى"(1339)، وابن عبد البر في "التمهيد"(13/ 216)، من طريق ابن فضيل، به.
(3)
"ت": "مع".
(4)
في الأصل: "فيها"، والمثبت من "ت".
(5)
"ت": "فإن كان".
(6)
"ت": "يماسّ".