الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يُنسخ محل التخصيص بالعام الوارد عَقيبه أُلغيت دلالته بالكلية على محل التخصيص، [و] لم يبطل العمل بالخاص دائمًا، وفي كل حال؛ لأنه قد عُمل به في الأزمان السابقة على زمن ورود [العام](1)(2).
السادسة عشرة:
إذا وردَ الخاص والعام، ولم يُعلمِ التاريخ، فالخاص مقدم عند من يقدمه على تقدير أن يتأخر العام؛ لأنه ليس للخاص حالة إلا وهو مقدم فيها، فإنه إما أن يتقدم أو يتأخر أو يتقارب، وكيف ما كان فهو مقدم.
وأما من يقدم العام على تقدير تأخيره، فقد ألزم الوقفَ؛ لجواز أن يكون العام متأخرًا، فيتقدم عنده، أو متقدمًا، أو مقاربًا، فيقدم الخاص، ولا دليلَ على تقديم أحدهما.
وعن عبد الجبار بن أحمد (3) في صورة الجهل بالتاريخ: أنه يقدم الخاص كما في الغَرْقى والهَدْمى، فإنَّ جماعةً لو غَرِقوا في سفينة، أو ماتوا تحت الهَدْمِ، أو عمَّهم وجهٌ من وجوه الهلاك، ولم يعلم أيُّهم
(1)"ت": "الخاص".
(2)
انظر: "مختصر ابن الحاجب مع شرحه للأصفهاني"(2/ 311)، و"شرح مختصر ابن الحاجب" للبابرتي (2/ 251).
(3)
هو العلامة المتكلم، القاضي شيخ المعتزلة عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار أبو الحسن الهمذاني، صاحب التصانيف، ومن كبار فقهاء الشافعية، وتصانيفه كثيرة، توفي سنة (415 هـ). انظر:"سير أعلام النبلاء" للذهبي (17/ 244)، و"طبقات الشافعية" للسبكي (5/ 97).
سبق موتُه، فإنهم يجعلون كأنهم ماتوا دفعةً واحدة، ولا يَرِث أحدُهم من صاحبه.
واعترض على هذا بوجوه:
أحدها: أن الأمة ما أجمعت على هذا.
وثانيها: أنه لمّا اشتبه الحالُ لم يحكمْ بإرث أحدهما من الآخر، فكذا هاهنا، لما اشتبه حالُ الحديثين لا يعترض بأحدهما على الآخر.
وثالثها: قال ابن بَرهان (1): إن هذا الاستدلال باطل؛ فإنه تضمَّنَ إثباتَ أحكام اللغة بأدلة الشرع، وحكم اللغة ثابت سابق على الشرع، والمدلولُ لا يكون مقدَّمًا على الدليل.
فأما الوجه الأول: فالجواب عنه أنه مبنيٌّ على المذهب المشهور بين العلماء في عدم توريث الغَرْقَى والهَدْمَى، إذا لم يُعلم سبقُ موتِ أحدهما، فمن وافق على هذا المذهب فعليه الجواب.
وأما الوجه الثاني: فيقال عليه: إنَّ التعارضَ وقع في التقديم والتأخير، ولم يُقضَ بأحدهما على الآخر، والحكم بتقديم الخاص
(1) هو العلامة الفقيه، أبو الفتح أحمد بن علي بن برهان البغدادي الشافعي، كان أحد الأذكياء، بارعًا في المذهب وأصوله، من أصحاب ابن عقيل، ثم تحوَّل شافعيًا، ودرَّس بالنظامية، وتفقه بالشاشي والغزالي، له من المصنفات في الأصول:"الأوسط"، و"الوجيز"، وغير ذلك، توفي سنة (518 هـ). انظر:"سير أعلام النبلاء" للذهبي (19/ 456)، و"طبقات الشافعية" للسبكي (6/ 30).