الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عند الشافعية، الصحيحُ الوجوب.
وإن كان ملة أخرى ففيه طريقان: منهم من خرَّجه على القولين، وقطع الجمهورُ بوجوب الحكم، فإنهما لا يجتمعان على حاكم واحد، فيستمر خصامُهما في دار الإسلام.
وأهل العهد إذا كانت خصومتُهم مع المسلمين وجب الحكم، وإن اتحدت ملَّتُهم لم يجب الحكم اتفاقًا، نقله بعضُ مصنفي الشافعية رحمهم الله، وإن اختلفت ملَّتُهم، فقيل: يُلْحَقُ باختلاف ملَّة الذميين، وإنما لم يوجب الحكم بين المعاهدين إذا اتفقت ملتهم بناءً على أنَّا إنما التزمنا الكفّ عنهم دون الذَّبِّ والسياسة.
وهذا مأخذ غيرُ ما نحن فيه، فإنَّا إنما ننظر بالنسبة إلى الظلم ووجوب النصرة فيه، لا بالنسبة إلى مآخذ أُخرَ، وهذه أربع مسائل للبحث فيها مدخلٌ بالنسبة إلى الظلم و [وجوب](1) النصرة، تنبني على مسألة نذكرها، وهي في محل النظر.
الحادية عشرة بعد المئتين: [
هل] (2) يُوصَفُ مالُ الكافرِ على الكافر بالحرمة بناءً على القول بأنهم مخاطَبون بالفروع؟
(1) زيادة من "ت".
(2)
سقط من "ت".
فقد قالوا في الأصول: إنّ المسألة معناها أنهم يُعاقَبون عليها في الدار الآخرة (1)، وهذا ممَّا لا يثبت بالعقل وإنما يثبت بالنقل، فإن وُجِدَ دليل يدل عليه فقد ثبتت (2) الحرمة، وترتب عليها الظلم، وترتب عليها وجوب النصرة في المسائل المذكورة، وإن لم يقم دليل عليه، فسبب وجوب الحكم بين المسلم والذمي أنَّ ظلم المسلم للذمي وبالعكس حرام، والأول بمقتضى العهد، والثاني بمقتضى الدين.
وأما في مسألة حكم الذميين أو المعاهدين، فهو يبنى على ما قلناه من أن مالَ الكافرِ على الكافر حرام، أم لا؟
فإن قيل به، دخل في نصرة المظلوم، وإن لم يُقَلْ به، خرج منه (3) ما إذا جاء الحربيُّ لأجل مال الذميّ؛ لأنه لا يكون حينئذٍ من باب الظلم، ويكون عن الذمي من باب الوفاء بمقتضى الذمّة، وبهذا ينظر ما في المسائل المذكورة، وقد يُستدلُّ على أنه ليس من باب الظلم بقوله تعالى:{فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42]، فإنه لو كان ظلمًا لزمه التخصيصُ في نصرة المظلوم، ومخالفة القاعدة الكلية التي فُهمتْ من الشرع في دفع
(1) انظر: "البرهان" للجويني (1/ 92)، و"الإحكام" للآمدي (1/ 191)، و"الإبهاج" للسبكي (1/ 177)، و"الموافقات" للشاطبي (3/ 355).
(2)
في الأصل: "ثبت"، والمثبت من "ت".
(3)
"ت": "عنه".