الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عنهما - لعذر معيَّن، فالظاهر أنها قضية واحدة، فيرجع (1) الأمرُ فيها إلى ما قلناه فيما إذا كان المخرج واحدًا، والله أعلم.
الثامنة والثمانون بعد الثلاث مئة:
قال الرافعي الشافعي - رحمة الله عليهما -: وعَدَّ الأئمةُ القَزَّ من الحرير، وحرَّموه على الرجال، وإن كان كَمِدَ اللون، وادَّعى صاحبُ "النهاية" وِفاقَ الأصحاب [فيه](2)، ثم حكى أن في "التتمة" حكايةَ وجه: أنه لا يحرم؛ لأنه ليس من ثياب الزينة (3).
قلت: إن كان مرادُه بالقزّ ما نطلقه نحن في زماننا عليه، فليس يخرجُ عن اسم الحرير، وإذا كان اسمُ الحريرِ منطلقًا عليه وجب أن يحرم، ولا معنى لاعتبار اللون وكُمُودَتِهِ، ولا لكونه من ثياب الزينة، فكلاهما تعليلٌ ضعيفٌ لا أثرَ له بعد انطلاق الاسم عليه (4).
التاسعة والثمانون بعد الثلاث مئة:
أجاز (5) الشافعيةُ لُبْسَه لدفع
(1)"ت": "فرجع".
(2)
سقط من "ت".
(3)
انظر: "فتح العزيز في شرح الوجيز" للرافعي (5/ 29).
(4)
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(10/ 295): ولم يتعرض - أي: ابن دقيق - لمقابل التقسيم، وهو وإن كان المراد به شيئًا آخر، فيتجه كلامه، والذي يظهر أن مراده به رديء الحرير، ونحو ما تقدم في الخز، ولأجل ذلك وصفه بكمودة اللون، والله أعلم.
(5)
"ت": "اختار".
القمل (1)، وقد خرَّج مسلم من حديث همَّام قال: ثنا قتادة: أن أنسًا أخبره: أن عبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام شَكَوَا إلى النبي صلى الله عليه وسلم القملَ، فرخَّص لهما في قميص الحرير، في غَزَاةٍ لهما (2).
فهذه الرواية فيها الرخصة للقمل، وفيها ما يدل على السفر أيضًا، وذكر (3) القاضي عياض - رحمه الله تعالى - حديثَ الحكة وحديث القملِ في الغزاة اللذين قدمناهما، وقال: مذهبُ مالك - رحمه الله تعالى - مَنْعُه في الوجهين، وبعضُ أصحابِه يبيحه فيهما (4).
وقال شيخُه القاضي أبو الوليد بن رشد المالكيُّ: ولا اختلاف في أنَّ لباسَ الرجالِ له في الحرب محظورٌ، لا يباح إلا مِنْ ضرورة، فقد أَرْخَصَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف والزُّبير بن العوَّام في قميص الحرير، لحكةٍ كانت بهما.
قال: وكره ذلك مالك، ولم يرخص فيه (5)، إذ لم يبلغه الحديث، والله أعلم، وقد روي عنه: أنه أَرْخَصَ فيه للحكَّة على ما في الحديث (6).
(1) انظر: "المجموع شرح المهذب" للنووي (4/ 381).
(2)
رواه مسلم (2076/ 26)، كتاب: اللباس والزينة، باب: إباحة لبس الحرير للرجل إذا كان به حكة أو نحوها. وعنده: "في قمص الحرير".
(3)
"ت": "وحكى".
(4)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (6/ 585).
(5)
"ت": "يرخصه".
(6)
انظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد (3/ 432).