الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المرأة والمَزَادتين، وذلك بعيد.
وأما من لا يرى تحديدَ الكثير بالمقدار المعين، ويعتقد فيما دونه أنه يكون كثيراً، فيجوز على هذا المذهب أن يكون الماء كثيراً، ولا يتم الاحتجاجُ على طهارة إناء المشركين.
الرابعة والأربعون:
وقد ظهر لك من الاحتمالين أنه يتوقف الاستدلال أيضاً أن يكون الاستقاء من العزلاوين، لا من ما يجتمع بعد خروجه عنها؛ لأنه لو كان كذلك أمكن أن يكون المجتمع كثيراً، فلا يكون الحديثُ حينئذ دالاً على الوضوء من ماء قليل في إناء مشرك.
الخامسة والأربعون:
ويتوقف الاستدلالُ بالحديث على طهارة إناء المشرك أيضاً، على أن الماء القليل ينجُس بايصال النجاسة؛ لأنه إن لم يثبت ذلك، لم تلزم من جواز استعمال الماء من آنيتهم طهارةُ الأناء؛ لجواز أن يكون الماءُ طاهراً، والإناءُ نجساً على هذا التقدير.
السادسة والأربعون:
هذا الذي ذكرناه فيما تقدم من توقف الدلالة على قلة الماء؛ أعني: ماء المَزَادة، وتأثر الماء القليل بوقوع النجاسة فيه، وأن المزادة لم تبلغ قلتين، وأن كان الاستقاء من فم العزلاء، يقتضي إثباتَ كل واحد من هذه الأمور، وترجيحه على ما يعارضه من وجوه:
أحدها: أن القليل ما نقص عن القلتين.
وثانيها: أن القليل يتأثر بإيصال النجاسة به.
وثالثها: أن المزادة كانت ناقصةً عن القلتين.
ورابعها: أن الاستقاء لم يكن بعد اجتماع قلتين.
فمتى ثبت كلُّ واحد من هذه الأمور، لزم طهارة إناء المشرك جزمًا؛ لأنه إذا ثبت أن القليل ما نقص عن القلتين، وثبت أن ذلك الماء ناقص عنهما بما ذكرناه من الاستبعاد، وثبت تنجُّسُ الماء القليل بايصال النجاسة به، وثبت أن الاستقاء قبل اجتماع قلتين، ثبت طهارة إناء المشرك جزماً؛ لأنه لو لم يكن طاهراً لثبت مجموع مركبٌ من نجاسة آنيتهم، وقلة الماء عن الحد المعتبر، وبتنجس القليل بإيصال النجاسة به، والوضوء به مع وصف القلة.
فلو ثبت نجاسة آنيتهم حينئذ لم يجُزِ الوضوءُ بماء المزادة قطعاً، لكن جاز بالحديث؛ أعني: حديث عمران بن الحصين هذا، فينتفي هذا المجموع، وانتفاؤه ليس بانتفاء أحد هذه الأمور الأُول، لأنا تتكلم علي تقدير ثبوتها، فانتفاؤه بانتفاء نجاسة آنيتهم، فتكون طاهرة.
فأما إثبات نقصان ماء المزادة عن القلتين، فقد ذكرنا ما فيه.
وأما إثبات أن القلتين هو القدرُ المعتبر في دفع النجاسة عن الماء، فبحديث القلتين.
وأما إثبات نجاسة الماء القليل بوقوع النجاسة فيه، فبمفهوم حدايث القلتين، أو بغيره.
وأما إثبات الوضوء به قبل كثرته، فبما ذكرنا من مرجوحيّة ذلك