الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بقصد الواقف للرؤية المحرَّمة، بل ندَّعي أنَّ بعضَ القرائن والأحوال في إعداد آلات الشرب ربّما تكون أقوى.
وقد ذكر بعضُ المتكلمين في شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يغلِبَ على ظنِّ الآمر أو الناهي أن المعروف لا يُفعل وأن المنكر يَقعُ، نحو أن يراه لا يتهيأ للصلاة وقد ضاق وقتُها، أو يهيئ آلاتِ شرب الخمر، وهذا يقتضي أنَّ تهيئَةَ (1) آلات الشرب منكر يقتضي الإنكار.
الرابعة والثمانون بعد المئتين:
شرطوا في إنكار المنكر أن يكون كونُه منكرًا معلومًا بغير اجتهاد، وكل (2) ما هو في محل الاجتهاد فلا حِسبة فيه، فليس للحنفيِّ أن ينكرَ على الشافعي أكلَ الضبِّ والضَّبع ومتروكِ التسمية، ولا للشافعي أن ينكر على الحنفيِّ شربَ النَّبيذ الذي ليس بمُسكر، وتناولَه ميراثَ ذوي الأرحام، وجلوسَه في دارٍ أخذها بشُفْعة الجوار، وغيرَ ذلك من مجاري الاجتهاد (3).
ولسائلٍ أن يسأل فيقول: قد جعلتم من جملة نصر المظلوم إيفاءَ الحقوق المالية إذا أُخذت على وجه التعدّي، وهذا النوع مما يقع فيه الاختلاف عن العلماء؛ كإتلاف خمر الذميِّ عليه عمدًا أو تعديًا، فإنَّ
(1) في الأصل و"ب": "تهيئ"، والمثبت من "ت".
(2)
"ت": "فكل".
(3)
انظر: "إحياء علوم الدين" للغزالي (2/ 326).
مالكًا وأبا حنيفةَ يغرّمان المُتلف (1)، والشافعيُّ لا يُغرِّمه (2)، وحصل الاتفاق على أنه إذا رُفع إلى الحاكم شيء من هذا النوع قبل أن يحكم فيه غيرُه بشيء: أن عليه أن يحكُمَ بموجب اجتهاده؛ فعلى المالكيِّ والحنفيِّ أن يحكما بالتغريم، وعلى الشافعي أن لا يحكم به، وحينئذ نقول: أحدُ الأمور الثلاثة لازمٌ، وهو إما أن لا يكون شيء من مسائل الاجتهاد داخلًا تحت حقيقةِ الظلم عند من يعتقد التغريمَ فيها، أو يكون (3) ما ذكرتموه من العموم والخصوص فيما بين الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صحيحًا، أو يكون العموم الذي ذكروه في اشتراط أن لا يكون في محل الاجتهاد مخصوصًا لا على حقيقته، واللوازمُ الثلاثةُ منتفيةٌ.
بيان لزوم أحد الأمور الثلاثة: أنَّ ما هو من هذا النوع لا يخلو إمّا أن (4) يكون داخلاً تحت حقيقة الحكم عند من يرى التغريم، أو لا.
فإن لم يكن فهو أحدُ الأمور الثلاثة.
وإن كان [داخلًا](5) تحت حقيقة الظلم؛ فإما أن يكون داخلًا
(1) انظر: "الهداية" للمرغيناني (4/ 21)، و"التاج والإكليل" لابن المواق (5/ 280).
(2)
انظر: "فتح الوهاب" لزكريا الأنصاري (1/ 397).
(3)
في "ت": "لا يكون".
(4)
"ت": "من".
(5)
زيادة من "ت".
تحت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أو لا.
ومتى (1) لم يكن داخلًا تحته لزم بطلان ما ذكرتموه من العموم (2).
وإن كان داخلًا تحته وقد حصل الاتفاق على وجوب حكم الحاكم بما أدى إليه اجتهادُه فيه، فحينئذٍ يكونُ بعضُ أنواع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يُشترط فيه الاتفاق، ويجري في محلِّ الاجتهاد، [فـ] (3) ـيلزم تخصيصُ قولهم العامّ في: أنه (4) يشترط أن لا يكون في محل الاجتهاد، وهو أحد الأمور الثلاثة.
وبيان انتفاء اللوازم الثلاثة؛ أما كونُه ليس بظلم فظاهر الانتفاء؛ لأن الظلمَ الماليَّ هو التعدي على مال الغير، وهذا تعدٍّ على (5) مالِ الغير، فيكون حدُّ الظلم منطلقًا عليه.
وأما كونُ النصرة بردّ الظُّلامة في صور الخلاف داخلًا تحت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلوجهين:
أحدهما: أنه ليس المرادُ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
(1) في الأصل: "من"، والمثبت من "ت".
(2)
في "ت" زيادة: "والخصوص بينهما؛ لأن الخاص داخل تحت العام، وهو أحد أجزاء العام". في الأصل: "فإنه"، والمثبت من "ت".
(3)
زيادة من "ت".
(4)
في الأصل: "فإنه"، والمثبت من "ت".
(5)
في الأصل: "إلى"، والتصويب من "ت".
إيرادَ صيغةِ الأمر والنّهي، وإنما المرادُ إزالةُ المنكرِ والحملُ على المعروف، فإذا فعل ذلك في إلزام الغرامة في هذه الصور (1) المختلفِ فيها، فقد وُجد الأمر بالمعروف والنهيُ عن المنكر، أو ما ينطلق عليه ذلك.
والدليلُ على أن المراد بالأمرِ بالمعروف والنهيِ عن المنكر ما قلناه: الاتفاقُ على أنَّ من رأى خمرًا بيد إنسان مثلًا، فأراقها من غير كلمةٍ قصد بها الأمر أو النهي، أنه خرج عن العُهدةَ (2)، وأنه لا يعصي بترك صيغة الأمر أو النهي، وإذا كان المطلوبُ إزالةَ المنكر، فردُّ الظلامة إزالة الظلم، فيدخل (3) تحت الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
والوجه الثاني: لو سلّمنا أن الصيغة مطلوبةٌ، أعني: صيغةَ الأمر والنهي، [وأعني بكونها مطلوبة؛ أي: معتبرة في حقيقة الأمر والنهي] (4)، لكان لنا أن نقول: إنَّ للقاضي الأمرَ والنهي بما يراه حقًّا، فلنفرضْهُ قد أمَرَ بالتغريم في مسألة خمر الذمّي، أو أَمَرَ بردِّ السَّاجَة وهدمِ البناء في مسألة - غصب السَّاجة وإدراجِها في البناء، فأمْرُه هذا أمرٌ بمعروف عنده، وقد جاز له ذلك، فقد جاز الأمر بالمعروف والنهي
(1) في الأصل: "الصورة"، والمثبت من "ت".
(2)
أي: أدّى الواجب الذي في ذمته.
(3)
في الأصل: "ليدخل"، والمثبت من "ت".
(4)
زيادة من "ت".