الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ممن يكفي في ذلك، فيستحبُّ لغيرهم المشاركةُ في دفع الظلمِ، وهنا (1) تظهرُ فائدةُ المسألةِ التَّاسعة.
وأما الاستحبابُ في حق بعض الناصرين وبعض المظلومين، ففي مثالِ هذا القسمِ قبلَه يقعُ هذا، وهو استحبابُ شُروعِ مَنْ باشرَ الفرضَ غيرُه ممن يكفي في ذلك، والله أعلم.
التاسعة عشرة:
في هذه الأقسام بالنسبة إلى إجابة الدَّاعي.
إن حملناه على الإجابة بالفعل، فقد اختلفَ الفقهاء في وجوبِ إجابة الدّاعي إلى وليمة العُرس (2)، فإن قام الإجماعُ على أنه لا يجبُ
(1)"ت": "وها هنا".
(2)
قال ابن عبد البر في "التمهيد"(10/ 179): لا أعلم خلافًا في وجوب إتيان الوليمة لمن دُعي إليها، إذا لم يكن فيها منكر ولهو.
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح"(9/ 242): وكذا نقل عياض، ثم النووي الاتفاق على القول بوجوب الإجابة لوليمة العرس. قال الحافظ: وفيه نظر. نعم المشهور من أقوال العلماء الوجوب، وصرح جمهور الشافعية والحنابلة بأنها فرض عين، ونص عليه مالك، وعن بعض الشافعية والحنابلة: أنها مستحبة، وذكر اللخمي من المالكية: أنه المذهب، وكلام صاحب "الهداية" يقتضي الوجوب مع تصريحه بأنها سنة، فكأنه أراد وجبت بالسنة وليست فرضًا كما عرف من قاعدتهم، وعن بعض الشافعية والحنابلة: هي فرض كفاية. ثم حكى الحافظ ابن حجر عن الإمام ابن دقيق في "شرح الإلمام" محل وجوبها.
وانظر: "روضة الطالبين" للنووي (7/ 333)، و"الفروع" لابن مفلح (5/ 226)، و"مواهب الجليل" للحطاب (4/ 2).
إجابةُ كلِّ داعٍ بل البعضِ منهم، امتنعَ الحملُ على العموم في الداعين والمدعُوِّين معًا؛ أعني: على سبيل الجمع؛ لأنه إذا امتنع في أحدِهما امتنعَ فيهما قطعًا، فبطلَ القسمُ الأول على هذا التقدير، وكذلك يبطلُ الحملُ على العمومِ في الدَّاعين والخصوصِ في المدعُوِّين لهذا بعينه على هذا التقدير، وأردنا بالداعين (1) هاهنا الداعين إلى وليمة العُرسِ.
وأما العمومُ في حق المدعُوِّين، والخصوصُ في حقِّ الداعين؛ فمنْ أوجبَ الإجابةَ إلى وليمة العرس فقط، أو إلى دعواتٍ مخصوصة، فهذا القسمُ واقعٌ عندَه؛ لأنه يجب على كل مدعُوِّ إجابةُ هذا الدَّاعي الخاص، وهو الداعي إلى وليمة العرس مثلًا.
وأما الخصوصُ بالنسبة إلى الداعين والمدعُوِّين: فغيرُ واقعٍ عند من يرى وجوبَ إجابةِ كلِّ مدعوٍّ إلى وليمةِ العرسِ، ولا يخفى عليك أنَّ هذا النظرَ في العموم والخصوص إنما هو بالنسبة إلى المدعُوِّين، لا إلى كل المكلفين.
أما إذا حملنا الأمرَ على الاستحباب؛ فمن يُوجب الإجابةَ إلى وليمة العرس تعذَّر على قوله القسمُ الأولُ، وهو الحملُ على العموم في الدَّاعين والمدعوِّين معًا؛ لأنَّ إجابةَ وليمة العرس واجبةٌ، فلا مَدْخَلَ للاستحباب فيه، ومن لم يوجبِ الإجابةَ إليها - ولا إلى غيرها - أمكنَ عندَه هذا القسمُ؛ أي: يُستحبُّ لكلِّ مدعوٍّ إجابةُ كلِّ
(1) في الأصل: "بالفاعلين"، والمثبت من "ت".