الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحادية والثمانون بعد الثلاث مئة:
ظاهرُ النهي عن لبس الحرير التحريمُ، وقول الشافعي رضي الله عنه: وأكره لُبسَ الديباج (1)، محمولٌ على أن المرأد بالكراهة التحريمُ، والمتقدِّمون يطلقون مثلَ هذا [اللفظِ](2) ويريدون التحريم.
الثانية والثمانون بعد الثلاث مئة:
هذا التحريم متعلق بالرجال، وهو كالمتَّفق عليه؛ لكثرته وشهرته، وعن "الاستذكار": أنه لا خلافَ: أن ما كان سَداه ولُحْمتُه حريرًا أنه لا يجوز للرجال لباسُه (3).
وقد تقدم حكايةُ كلامِ القاضي في مسألة الخاتم (4).
الثالثة والثمانون بعد الثلاث مئة:
المشهورُ المستفيضُ قولًا وفعلًا: لباسُ النساءِ الحريرَ، وفيه خلافٌ (5) قديم، فقد ثبتَ عن ابن الزُّبير رضي الله عنهما أنه قال:"ألا لا تُلبِسُوا نساءَكم الحريرَ"،
(1) الَّذي وجدته في "الأم"(1/ 221) قول الإمام الشافعي رحمه الله: ولو توقَّى المحارب أن يلبس ديباجًا أو قزًا ظاهرًا كان أحب إليَّ، وإن لبسه ليحصنه، فلا بأس به إن شاء الله تعالى؛ لأنه قد يرخص له في الحرب، فيما يحظر عليه في غيره.
(2)
زيادة من "ت".
(3)
انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (8/ 318).
(4)
في المسألة الثالثة والخمسين بعد الثلاث مئة.
(5)
"ت": "قول".
أخرجه مسلم (1).
وروى النسائي من حديث يوسفَ بنِ مَاهِك: أن امرأةً سألتِ ابنَ عمرَ رضي الله عنهما عن الحرير فقال لها ابن عمر: مَنْ لَبِسَهُ في الدُّنيا لم يلبَسْه في الآخرة (2).
وروى النسائيُّ أيضًا من حديثِ عمرو بنِ الحارثِ: أن أبا عُشانة المَعَافِريَّ (3) حدَّثه: أنه سمع عقبةَ بنَ عامر يخبر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمنعُ أهلَه الحليةَ والحريرَ، ويقول: إنْ كنتُمْ تُحبونَ حِلْيَةَ الجنةِ وحريرَها فلا تلبسوها (4) في الدُّنيا (5).
وللجواز دلائلُ منها: ما ثبتَ في الصحيح من حديثِ زيدِ بن وهبٍ، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كَساه رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حُلَّةً سُيَرَاءَ، فخرجْتُ فيها، فرأيتُ الغضبَ في وجهِهِ،
(1) رواه مسلم (2069)، كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء.
(2)
رواه النسائي في "السنن الكبرى"(9595)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(4/ 251).
(3)
في الأصل: "أن أبا عشانة بن عامر"، وقد سقط من "ت" و "ب" قوله:"بن عامر"، ولعل المراد:"المعافري" كما أثبت من مراجع التخريج؛ لأن أبا عشانة اسمه: حي بن يومين، كما أفاده ابن حبان في "صحيحه".
(4)
في الأصل: "تلبسوه"، والمثبت من "ت" و"ب".
(5)
رواه النسائي (5136)، كتاب: الزينة، باب: الكراهية للنساء في إظهار الحلي والذهب، والإمام أحمد في "المسند"(4/ 145)، وابن حبان في "صحيحه"(5486)، والحاكم في "المستدرك"(7403).
قال: فشقَقْتُها بين نسائي. وهو متَّفقٌ عليه، واللفظ لمسلم (1).
وعن أبي صالح الحنفيِّ، عن علي: أن أُكَيْدِرَ دُومةَ أهدى إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم ثوبَ حرير، فأعطاه عليًّا رضي الله عنه فقال: شقَقْتُه خُمُرًا بين الفواطِمِ، وفي رواية: بين النسوة، أخرجه مسلم (2).
واشتهر في هذا الاستدلال بما (3) جاء في الذهب والحرير من تحريمه على الرجال، وحلّه للنساء.
ومنه: ما روى سعيدُ بنُ أبي هند، عن أبي موسى الأشعري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ اللهَ أحلَّ لإناثِ أمتي الحريرَ والذهبَ، وحرَّمَهُ على ذكورِها"، أخرجه النسائي (4)، واعتمده ابنُ حزم، قال: وهو أثرٌ صحيحٌ؛ لأنَّ سعيدَ بن أبي هندٍ ثقةٌ مشهورٌ، روى عنه نافعٌ، وموسى ابن مَيْسَرة (5).
والذي ذكره من توثيق سعيدٍ صحيحٌ، ولكن لا يكفي ذلك في الحكم بالصحة، بل لابد من شرط آخر، وهو الاتصالُ وعدمُ الانقطاع، ولم يضع ابنُ حزم نظرَه عليه، ولا وجَّه - والله أعلم - فِكْرَه
(1) رواه البخاري (2472)، كتاب: الهبة وفضلها، باب: هدية ما يكره لبسه، ومسلم (2071)، كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء.
(2)
رواه مسلم (2071)، (3/ 1645)، كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء.
(3)
"ت": "ما".
(4)
وتقدم تخريجه قريبًا.
(5)
انظر: "المحلى" لابن حزم (10/ 86).
إليه (1)، وكان يلزمُه ذلك قبلَ الحكم بصحته.
وقد ذكرَ أبو العباس أحمد بن محمد بن عيسى الأندلسي الداني في كتاب "الإيماء" عن الدَّارقطني: أن سعيدَ بن أبي هند لم يسمعْ عن (2) أبي موسى شيئًا (3)، فعلى هذا يفوت شرطُ الاتصال.
واشتُهر أيضًا الاستدلالُ بما رُوي عن علي رضي الله عنه في هذا، وهو حديثٌ رواه أبو داود من حديث يزيد بن [أبي](4) حبيب، عن أبي
(1) في الأصل: "عليه"، والمثبت من "ت".
(2)
"ت": "من".
(3)
قال الزين العراقي: لا حجة إلى إبعاد النجعة في حكايته - أي: ابن دقيق - من كتاب غريب ومؤلف غريب، فقد ذكره ابن أبي حاتم في كتاب "المراسيل"، ومن ثم ضعَّفَ ابنُ حبان الخبر وقال: معلول لا يصح.
قال الزين: وقد يجاب أنه يرتفع بالشواهد إلى درجة الصحة، كما يتأكد المرسل بمجيئه من غير ذلك الوجه. كذا نقله المناوي في "فيض القدير"(3/ 380).
قلت: أراد الإمام ابن دقيق كلام الدارقطني، فجاء ذكر كتاب:"الإيماء" عرضًا لا قصدًا. وقول الدارقطني: أن سعيد بن أبي هند لم يسمع عن أبي موسى شيئًا، ذكره في "العلل" له (7/ 241).
وما نقله الزين العراقي عن ابن أبي حاتم؛ ذكره في "المراسيل"(ص: 75). وما نقله عن ابن حبان، ذكره في "صحيحه"(12/ 250)، حديث رقم (5434).
(4)
زيادة من "ت".