الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التسعون بعد الثلاث مئة:
روى مسلم من حديث عبد الله (1) مولى أسماء بنت أبي بكر - وكان خالَ ولدِ عطاء - قال: أرسلتني أسماءُ إلى عبد الله بن عمر، فقالت (2): بلغني أنك تحرِّم أشياءَ ثلاثةً: العَلَم في الثوب، ومِيثرةَ الأُرْجوان، وصومَ رجبٍ كلِّه؟
فقال لي عبدُ الله: أمَّا ما ذكرت من رجبٍ، فكيف بمن (3) يصومُ الأبدَ؟
وأمَّا ما ذكرت من العَلَم في الثوب، فإني سمعتُ عمرَ بنَ الخطابِ يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما يلبسُ الحريرَ مَنْ لا خَلاقَ له"، فخِفْتُ أن يكونَ العَلَمُ منه، وأما مِيثرةُ الأُرْجوان فهذه مِيثرةُ عبدِ الله، فإذا هي أرجوان (4)، فرجعت إلى أسماءَ فخبَّرتُها (5)، فقالت: هذه جُبَّة رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فأخرجت إليَّ جبةً طَيَالسية كِسْرَوَانيَّةً، لها لَبِنةُ ديباجٍ، وفَرْجَاها مكفوفان بالديباج، فقالت: هذه كانت عند عائشة رضي الله عنها حتى قُبِضت، فلما قُبِضت قَبَضْتُها، وكان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يلبسها، فنحن نغسِلُها للمرضى نستشفي بها (6).
(1) في الأصل: "عبيد الله"، والتصويب من "ت" و"ب".
(2)
في الأصل و"ب": "فقال"، والمثبت من "ت".
(3)
في الأصل: "من"، والمثبت من "ت".
(4)
"ت": "ميثرة أرجوان".
(5)
"ت": "فأخبرتها".
(6)
رواه مسلم (2069/ 10)، كتاب: اللباس والزينة، باب: تحريم استعمال إناء الذهب والفضة على الرجال والنساء.
قال الروياني الشافعي: لو كانت جبةَ صوفٍ أو لَبِدٍ يُكَفُّ أكمامُها وجَيْبها (1) وأذيالُها بالحرير المصمَّت أو الديباج، كما يُفعل في العرف؛ لا يحرم لُبسها (2).
وقال الرافعي: يجوز لُبْس الثوب المطرَّف بالديباج والمطرَّز به، وقال: قال الشيخ أبو محمد وغيرُه: والشرط فيه الاقتصارُ على عادة التَّطريف، فإن جاوز العادةَ فيه كان سَرَفًا محرَّمًا (3).
وقد اعتُرض على الاستدلال بالحديث، بأن قيل: لعلَّ هذا الحرير أُحْدِث بعد موتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، لا أنه لَبِسَها وفيها هذا الحرير (4)(5)، فيكون في ذلك حجة على جَوازه، وإذا احتمل، سقطَ التعلُّق به.
قال القاضي عياض: وهذا بعيد جدًا؛ لأن أسماء إنما احتجت
(1)"ت": "جيبها وأكمامها".
(2)
انظر: "بحر المذهب" للروياني (3/ 204 - 205).
(3)
انظر: "فتح العزيز في شرح الوجيز" للرافعي (5/ 30).
(4)
"ت": "ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لبسها وفيها هذا الحرير، ولا صرح به".
(5)
كذا أجاب الباجي في "المنتقى"(7/ 222). قال ابن العربي في "العارضة"(7/ 224 - 225): هذا احتمال فاسد - أي: ما ذكره الباجي -؛ لأن إخراجها لها بصفتها وقولها هذه التي كانت عائشة، نص في كونها بهيئتها؛ لأنهم ما كانوا ليغيروها بما لا يجوز، أو بما يختلف فيه، ثم ينسبونها كذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.