الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخامسة والعشرون بعد الثلاث مئة:
ومن صورهِ: بَداءةُ الكفار بالسلام: وقد روى شعبةُ، عن سُهيل بن أبي صالح قال: خرجتُ مع أبي إلى الشَّام، فجعلوا يمرّون بصوامعَ فيها نصارى، فيسلِّمون عليهم، فقال أبي: لا تبدؤوهم بالسَّلام، فإن أبا هريرة حدّثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لا تَبْدَؤُوهُمْ [بالسَّلامِ] (1)، وإذا لَقيتُموهُمْ [في طريق] فاضطَرُّوهُم إلى أضيقِ الطريقِ"(2).
وذكر (3) أبو الوليد بن رشد: [أنَّ](4) مِنْ أهل العلم مَنْ أجاز أنْ يُبدأَ أهلُ الذمَّة بالسَّلام، وهو خلافُ ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم (5).
= وابن ماجه (3701)، كتاب: الأدب، باب: السلام على الصبيان والنساء.
ورواه الترمذي (2697)، كتاب: الاستئذان، باب: ما جاء في التسليم على النساء، من حديث عبد الحميد بن بهرام: أنه سمع شهر بن حوشب يقول: سمعت أسماء بنت يزيد تحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ في المسجد يومًا، وعصبة من النساء قعود، فألوى بيده بالتسليم. وأشار عبد الحميد بيده. قال الترمذي: هذا حديث حسن.
قال أحمد بن حنبل: لا بأس بحديث عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب.
(1)
زيادة من "ت".
(2)
رواه مسلم (2167)، كتاب: السلام، باب: النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وأبو داود (5205)، كتاب: الأدب، باب: في السلام على أهل الذمة، والسياق له، وغيرهما.
(3)
"ت"؛ "وذكر القاضي".
(4)
سقط من "ت".
(5)
انظر: "المقدمات الممهدات" لابن رشد (3/ 443).
قلت: لعله أخذ بالعموم في قوله صلى الله عليه وسلم: "أَفشُوا السلامَ بينكم"(1)، ولم يجعلِ الخطاب مخصوصًا بالمسلمين، [وهذا القول حكاه القاضي عن غير واحد] (2) من السلف فقال: وقد اختلف العلماءُ في ردِّ السلام على أهل الذمّة، فألزمه جماعةٌ إلزامَ (3) الردِّ على المسلمين لعموم الآية والحديث، وهو مذهب ابن عباس، والشعبي، وقَتادة.
وذهب غيرُهم إلى أنَّ الآية والحديث مخصوصان بالمسلمين بدليل تفسير هذه الأحاديث التي في الباب، وأنّه لا يردُّ عليهم، ورواه (4) أشهب وابن وهب، عن مالك، قال: فإن رددتَ فقلْ: عليك.
والذي تقدَّم من قول من قال: يرد بـ: (عليك السلام)، ذكره القاضي عن ابن طاووس، ومما يُستدلُّ به على إباحة السلام قوله تعالى:{قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [مريم: 47]، وقوله تعالى:{سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ} [الزخرف: 89]، وأُجيب: بأنه لم يَقصد به التحية، وإنما قَصد به المقاطعة (5) والمتاركة (6)، والله أعلم.
(1) تقدم تخريجه.
(2)
في الأصل: "حكى القاضي من السلف"، والمثبت من "ت".
(3)
في الأصل: "التزام"، والمثبت من "ت".
(4)
"ت": "رواه".
(5)
في الأصل: "المناعة"، والمثبت من "ت"، وفيها:"لم تُقصد التحية، وإنما قُصدت المقاطعة".
(6)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (7/ 49).