الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أحدها: أن يقصدَ المشمّت الدعاءَ، فهذا يكون ممتثلًا جزمًا، آتيًا بما أُمِر به.
وثانيها: أن يقصِدَ صرفَه إلى الخبر، فهذا لا يكون ممتثلًا على مقتضى ما قلناه، وأنَّ كونَه دعاءً داخلٌ (1) تحت الأمر (2).
وثالثها: أن يُطْلِقَ اللفظَ إطلاقًا، ولا يحضرُهُ بعدُ أَنّه قصد الدعاء أو الخبر، فمقتضى ظاهرِ الحديث الاكتفاءُ به؛ لأنَّه قد أتى بما أُمِرَ به، وهو قوله:"يرحمك الله".
ففيه دليلٌ على أنَّ اللفظَ عند الإطلاق وعدم الاستحضارِ لنية التخصيص بعدهُ، يُحمل على ما الغالب إرادتُه؛ لأنه لو لم يكن كذلك؛ أعني: أنه (3) لا يكونُ الأصلُ حملَه على ما الغالب إرادته، لَمَا اكتفى بقوله:"يرحمك الله" في هذه الصورة؛ [لأنّه لم يكُ آتيًا بما دخل تحت الأمر، وهو الدعاء](4)، لكنه اكتفى به عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم:"وليقل: يرحمك الله"، والإتيانُ بالمأمورِ به يقتضي الإجزاءَ.
الحادية والسبعون:
فإذا تقرر هذا جاءك تحت هذا مسائلُ من
(1) في الأصل: "داخلًا"، والمثبت من "ت".
(2)
أي: الذي يعتمد الإخبار، لا الدعاء، لا يكون آتيًا بما أمر به من تشميت العاطس؛ بناءً على أن أمر الشارع يتحقق بالدعاء للعاطس، فلفظ:"يرحمك الله"، مأمور به، ومأمور بأن يراد به الدعاء.
(3)
في الأصل "أن"، والمثبت من "ت".
(4)
سقط من "ت".
أحكامِ الأيمان، منها:
أنّ البدويَّ إذا أطلقَ لفظَ البيتِ في يمينه، وقال: لا أدخل بيتًا، فإنه يُحمل على بيتِ الشَّعر حتى يحنَثَ بدخوله؛ لأن الغالب إرادتُه مع وضع اللفظ له.
وبهذا علَّل بعضُ مصنفي الشافعية حملَ هذ اللفظ من البدوي على بيتِ الشعر، وقال: فإذا (1) أطلقه من يغلب عليه إرادتُه كالبدوي حُمِل عليه؛ لاجتماع الوضع وغلبةِ الإرادة.
فتراه اعتَبرَ غلبةَ الإرادة، وهو دليل على أن النيّةَ (2) لإرادة بيت الشَّعْر لم تُستحضَر؛ لأنها لو استُحْضِرَت لم يحتجْ إلى التعليل بغلبة الإرادة (3).
فإن قلت: إنما اعتبر غلبة الإرادة عند موافقةِ الوضعِ لذلك؛ لأنَّ لفظَ البيتِ حقيقةٌ في بيت الشَّعْر؛ بدليل أنه يجيء في القُرويِّ أوجه:
أحدها، وهو النص أنه: كالبدويّ.
والثاني: أنه لا يحنث إلا بالبيت المبنيّ.
والثالث: إن قَرَبتْ قريتُه من البادية بحيث يطرُقُونها ويناطقونهم فيها، فهو كالبدوي، وإن لم يكن كذلك، لم يحنث (4).
(1)"ت": "إذا".
(2)
في الأصل زيادة: "الإرادة وهو دليل على أن النية".
(3)
من بداية الفائدة إلى هنا: نقله الزركشي في "المنثور"(3/ 130).
(4)
انظر: "الوسيط" للغزالي (7/ 226).