الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقصودُ بأعيانِ الفاعلين وامتحانِهم، فهو فرضُ كفايةٍ، وما لم يظهرْ فيه ذلك، واقتضى الخطابُ فيه العمومَ، فهو فرضُ عينٍ، إلَّا لمعارضٍ خارجٍ يُخرج اللفظَ عن عمومِهِ (1).
الثَّالثة عشرة:
فيما يمكن من هذه الأقسام بالنِّسبة إلى عيادة المريض (2)؛ أمَّا القسمُ الأول فمقتضاه: أن يجبَ على كل مسلمٍ عيادةُ كلِّ مريضٍ، وهذا القسم ممتنعٌ جزمًا، ولا استمرَّ عليه عملُ الأمَّةِ.
وأمَّا القسم الثَّاني فمقتضاه: أن يجبَ على كلِّ مسلمٍ عيادةُ مُطْلَقِ المرضى؛ أي: أنَّه يجبُ على كلِّ مسلمٍ القيامُ بهذه الوظيفةِ بالجملة، حتَّى يعصيَ من مات ولم يَعُدْ مريضًا ما (3)، وهذا ممكن، بل هو مقتضى الحديث إذا قلنا بالعموم بالنِّسبة إلى المخاطَبين، وقد تعذَّر العمومُ بالنسبة إلى المرضى، فيجيءُ منه ما قلناه، وهو أنْ يجبَ على الجميعِ عيادةُ مطلَقِ المرضى، أو مطْلَقُ عيادةِ المرضى، فإن قامَ الإجماعُ على أنَّ هذه الوظيفةَ لا تجبُ على الأعيانِ بالنسبة إلى مطلقِ العيادة، أو مطلقِ المرضى، امتنعَ هذا (4) القسْمُ لأمرٍ من خارجٍ، لا لعدمِ دَلالةِ اللفظِ عليه.
(1) انظر: "البحر المحيط" للزركشي (1/ 322).
(2)
"ت": "المرضى".
(3)
يعني: مَنْ مات ولم يَعُدْ مريضاً فإنه يُعَدُّ عاصياً.
(4)
في الأصل: "بهذا"، والتصويب من "ت".
واعلمْ أنَّه قد وردَ في بعض فروض الكفايات ما يدل على مثل [هذا](1) الحكمِ، وهو قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:"مَنْ ماتَ، ولَمْ يَغْزُ، ولَمْ يحدِّثْ نَفْسَهُ بالغَزْوِ، ماتَ على شُعْبَةٍ من النِّفَاقِ"(2)، فإنَّ لَفْظَ "مَنْ" للعموم، فيقتضي طلبَ الجهاد، أو العزمَ مِنْ كلِّ أحدٍ عليه (3)؛ أي: على مُطْلَقِ الجهاد.
وأما القسمُ الثالث - وهو الوجوبُ على الكفاية مع العموم في المرضى - فمقتضاه: أن تجبَ في حقِّ كلِّ مريض عيادةُ عائدٍ وجوبًا على الكفاية، يسقطُ بفعل البعض، فهذا قسمٌ مُخْتَلَفٌ فيه؛ لأنّ بعضَ النَّاس يُوجِبُ عيادةَ كلِّ مريضٍ على وجهٍ سنذكره إن شاء الله تعالى، فهذا يقول بهذا القسم وهو محافظٌ (4) على صيغةِ العموم في المريض، وليس محافظاً على العموم في ضمير المخاطَبِيْن، وأمَّا على المذهب المشهور فإنَّما يجب عيادةُ مريضٍ يضيعُ بترْكِ عيادتِهِ، فلا يستقيمُ الوجوبُ في حقِّ جميعِ المرضى على هذا.
وأما القسمُ الرابع: وهو أن يجبَ على الكفاية عيادةُ مطلقِ المريض، لا على العموم، فهذا ثابتٌ على مذهب الجمهور؛ لأنّه
(1) سقط من "ت".
(2)
رواه مسلم (1910)، كتاب: الإمارة، باب: ذم من مات، ولم يغز، ولم يحدث نفسه بالغزو، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(3)
"ت": "فيقتضي طلب الجهاد أو الغزو والعزم عليه من كل أحد".
(4)
"ت": "يحافظ".