الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال: المعنى من ثلاثة أحوال.
ولفظة (في) هاهنا مستعملة حيث يقول صلى الله عليه وسلم: "ولا تأكلُوا في صِحَافها"، فانظر هاهنا في أنَّ كلمةَ (في) محمولةٌ على الظَّرفية، أو بمعنى (من) على مذهب من يرى ذلك، والحكم الشرعي في التحريم يتعلق بذلك.
العاشرة:
الَّذي يمنع من حمله (1) على الظرفية أنه لو كان قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تشربوا في آنيةِ الذَّهب والفضَّة، ولا تأكلوا في صِحافها" محمولًا على الظرفية والوعاء الَّذي مُثِّل بقولهم (2): زيد في الدار، والمال في الكيس، لما كان اللفظ متناولًا إلا لتحريم الأكل والشرب، بحيث يكون الإناءُ ظرفًا لهما، وذلك بعيد و (3) ممتنع.
أما أولًا: فإنه حمل اللفظ على صورةٍ مخالفة للعادة لا تقع إلا نادرًا، وحينئذ يحرم.
وأما ثانيًا: فلأنه لا يكونُ تحريمُ (4) الصورة المعتادة بطريق اللفظ، وهذا إن صحَّ فيه القياسُ لم نَرَ أحدًا فَعَلَهُ، وليس صحة القياس فيه بالظاهر (5)، وأعني يالصورة المعتادة: أن يأخذَ المأكولَ من الإناء
(1)"ت": "من أن يحمل".
(2)
في الأصل: "قولهم"، والمثبت من "ت".
(3)
"ت": "أو".
(4)
"ت": "لا يكون الحكم في".
(5)
"ت": "بالظهارة".
ويرفعه إلى فيه ويأكله.
وأما ثالثًا (1): فلأن أهلَ العرف يطلقون على من فعل هذا أنه أكل في صِحَاف الذهب والفضة، وإذا كان كذلك (2) على معنى (من) فيتناول حيحئذ الصورةَ المعتادةَ، ولا تنافي بين معنى (من) الَّذي هو لابتداء غاية الأكل، وبين معنى الظرفية، فيكون حينئذ اللفظُ متناولًا لهما معًا، إلا أنه يُعَدُّ حملُ اللفظ على مجازه بسبب تعذُّرِ حملِهِ على حقيقته، أو يُعدُّ حملُه على حقيقته (3)، فالذين يمنعون من كون (في) بمعنى (من): إن ردُّوه إلى معنى الظرفية بطريق التأويل فهو مجاز، ويتعين ترجيح أحد المجازين [على الآخر](4)، وإن قصروه على معنى الظرف، فعليهم الجواب عما ذكرناه مما يبعُد حملُه على ذلك، وليس يبعد (5) أن ينازِعَ منازعُ منهم في معنى الظرفية، وأنها لا تقتضي الاقتصارَ على الصورة التي استبعدناها، وهو أن يكون الإناء ظرفًا للفم عند تعاطي الأكل والشرب، لكنه مقتضى تمثيلهم (6) بقولهم: المال في
(1) في الأصل و"ب": "بالباء"، والتصويب من "ت".
(2)
"ت": "ذلك".
(3)
في الأصل بعد قوله: "حقيقته": "الحادية عشرة: الذين يمنعون
…
". وقد أثبت ما في "ت" هنا؛ لاتساق الكلام مع سابقه وانتظامه.
(4)
زيادة من "ت".
(5)
"ت": "ببعيد".
(6)
"ت": "يقتضي تمثيله".