الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحدث، ولا يشعر يه.
قلت: الوجه الأول: كأنه أراد التخصيص ليقظة القلب بإدراك حالة الانتقاض، وذلك بعيد (1).
وأما الثاني: فتقريره أن يقول: للقلب مُدْرَكات، وللحواس مدركات، فمدركات الحواس تمتنع، ومدركات القلب على قسمين:
أحدهما: ما تتبع إدراك الحواس وتتفرع عنه، فذلك يمتنع لمواقع إدراك الحواس؛ لتوقفها عليها.
والثاني: ما لا يتبع إدراك الحواس، ولا يتوصل القلب (2) إلى إدراكها من جهة الحواس، فهذا لا يمنعه.
ولا شك أنَّ يقظةَ القلب هو بقاء إدراكه، ونومَه ذهاب إدراكه، وإدراكه على قسمين؛ كما ذكرنا، فلا يلزم الإشكالُ إلا إذا كان النوم حتى طلعت الشمس من مدركات القلب التي لا تتبع الحواس، فأين الدليل على ذلك حتى يلزم الإشكال؟
الثالثة:
قوله عليه السلام: "إنَّ عيني تنامان، ولا ينامُ قلبي"، خرج جواباً عن قول عائشة رضي الله عنها له: أتنام قبل أن توتر،
(1) نقله الحافظ في "الفتح"(5/ 184) عن المؤلف، وقد ضعَّف الحافظ كذلك الجواب الأول والرابع.
(2)
"ت": "مواقع إدراك الحواس"، وهي جملة منسوخة خطأً من السطر السابق.
وهذا كلام لا تعلُّقَ له بانتقاض الطهارة الذي تكلموا فيه، والذي يظهر منه أن هذا الاستفهام سببُه أن يفوت الوترُ باستغراق النوم إلى الصباح.
ولو كان الأمر فيما يتعلق بانتقاض الطهارة، لكان الاستفهام إنما يكون للصلاة بعد النوم، فيقال: أتصلي بعدما نمت؟ فلو قيل عقب هذا: إن عيني تنامان ولا ينام قلبي، اقتضى الجواب حينئذٍ أن نومه صلى الله عليه وسلم لا يوجب الطهارة؛ لأن قلبه لا ينام.
[و] إذا كان الجواب يتعلق بأمر فوات الوتر، لا بأمر انتقاض الطهارة، فيحمل نوم القلب على اطمئنان النفس بالنوم، وسكون القلب إلى استغراقه فيه، وعدم تعلقه بالاستيقاظ (1).
وتحمل يقظته على تعلق القلب باليقظة للوتر، وعدم سكونه ودخوله إلى الاستغراق في النوم.
ومن المعلوم بالعادة التفريقُ بين حالة من شرع في النوم مطمئنَ القلب، وبين من شرع فيه متعلقًا باليقظة، فإن الحالة الأولى تقتضي الاستغراق، والثانية لا تساويها فيه، وعلى هذا التقدير، فتكون يقظةُ قلبه صلى الله عليه وسلم بالتفسير المذكور مقتضيًا للقيام للوتر، وكذلك الإخبار عن عدم نومه، ويكون الجواب منطبقاً على ما وقع عليه السؤال من النوم، لا على ما لم يقع عليه السؤال، وهو الصلاة بعد النوم من غير تجديد
(1)"ت": "الاستنقاض".