الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانيًا: تعريف مختلف الحديث في اللغة والاصطلاح:
عند الحديث عن المشكل لا بد من الإشارة إلى معنى المختلف، لأن ثمة علاقة بينهما:
أ- فالمختلف في اللغة:
المختلف: مأخوذ من الاختلاف، والاختلاف مصدر فعل: اختلف، والمختلِف -بكسر اللام-: اسم فاعل، والمختلَف -بفتح اللام- اسم مفعول، والاختلاف ضد الاتفاق، يقال: تخالف الأمران واختلفا: أي لم يتفقا، وكل ما لم يساو فقد تخالف واختلف
(1)
.
ب - مختلف الحديث اصطلاحًا:
عرفه علماء المصطلح بعدة تعريفات متقاربة
(2)
، أكتفي منها بتعريف النووي رحمه الله، حيث عرفه:"بأن يأتي حديثان متضادان في المعنى ظاهرًا"
(3)
.
ثالثًا: الفرق بين مشكل الحديث ومختلف الحديث:
ظهر من خلال تعريف كل من المشكل والمختلف أن بينهما علاقة وشبهًا، وبناءً عليه يحسن التنبيه على ما بينهما من الفرق، وذلك على النحو التالي:
1 -
أن مختلف الحديث يعني: التعارض الظاهري بين حديثين أو أكثر كما تقدم، فإذا لم يوجد هذا التعارض فإنه لا يتحقق معنى (مختلف الحديث).
- بينما مشكل الحديث يشمل حالات كثيرة تختلف فيما بينها بحسب سبب الإشكال:
(1)
انظر: القاموس المحيط (3/ 186)، ولسان العرب (9/ 91)، والمصباح المنير للفيومي (179) كلهم مادة (خلف).
(2)
للاطلاع على هذه التعريفات انظر: نزهة النظر بشرح نخبة الفكر لابن حجر (33)، ومختلف الحديث للدكتور نافذ حسين حماد (13).
(3)
التقريب للنووي مطبوع مع شرحه تدريب الراوي (2/ 180).
أ - فقد يكون سبب الإشكال تعارضًا ظاهريًا بين حديثين أو أكثر، وهو ما يعرف بـ (مختلف الحديث).
ب - وقد يكون سببه غموضًا في دلالة لفظ الحديث على معناه لسبب في اللفظ ذاته، بحيث لا بد من قرينة خارجية تزيل خفاءه، كأن يكون لفظًا مشتركًا بين عدة معان، فلا يفهم أيها المقصود من اللفظ إلا بقرينة خارجية تعيِّنه.
ج - وقد يكون سبب الإشكال تعارضًا ظاهريًا بين آية وحديث.
د - وقد يكون سببه معارضة الحديث للإجماع أو القياس.
هـ - وقد يكون سببه مناقضة الحديث للعقل.
2 -
أن العمل في مختلف الحديث لإزالة التعارض بين الحديثين لا بد أن يكون جاريًا على القواعد التي رسمها أهل العلم عند وجود التعارض فيُحاول المجتهد التوفيق بين الأحاديث المختلفة بالجمع إن أمكن، فإن تعذر فالنسخ إن تحقق الناسخ، فإن تعذر فالترجيح
(1)
.
بينما العمل في مشكل الحديث يكون بالتأمل والنظر في المعاني التي يحتملها اللفظ وضبطها، ثم الاجتهاد في البحث عن القرائن التي يمكن بواسطتها معرفة المراد.
(1)
انظر: اختلاف الحديث للشافعي (39 - 40)، والاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار للحازمي الهمداني (9)، وروضة الناظر وجنة المناظر لابن قدامة (2/ 457)، ومقدمة ابن الصلاح في علوم الحديث (172 - 173)، والتقريب للنووي مع شرحه تدريب الراوي للسيوطي (2/ 181 - 182)، واختصار علوم الحديث لابن كثير مع شرحه الباعث الحثيث لأحمد شاكر (170)، ونزهة النظر بشرح نخبة الفكر لابن حجر (33 - 35)، وفتح المغيث للسخاوي (3/ 71 - 73)، والمدخل إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل لابن بدران (396)، وإمتاع العقول بروضة الأصول لعبد القادر بن شيبة الحمد (206)، ومنهج التوفيق والترجيح بين مختلف الحديث لعبد المجيد السوسوة (113 - 115)، ومنهج الاستدلال على مسائل الاعتقاد لعثمان بن علي حسن (1/ 322 - 325).
- من خلال هذا التفريق بين مشكل الحديث ومختلف الحديث يتبين لنا أن مشكل الحديث أعم من مختلف الحديث، فكل مختلف مشكل، وليس كل مشكل مختلفًا، فبينهما عموم وخصوص مطلق
(1)
.
وهذا التفريق هو ما رجحه بعض الباحثين المعاصرين الذين تناولوا هذا النوع من علوم الحديث -على وجه الخصوص- بالبحث والدراسة
(2)
، وهو ظاهر صنيع الإمام الشافعي
(3)
في كتابه (اختلاف الحديث)، حيث اقتصر فيه على الأحاديث التي يوهم ظاهرها التعارض، ولم يدخل فيه شيئًا من حالات الحديث المشكل الأخرى.
وذهب آخرون إلى عدم التفريق، وأنهما شيء واحد
(4)
، وهو ظاهر صنيع ابن قتيبة في كتابه (تأويل مختلف الحديث)، حيث لم يقتصر فيه على المختلف كما هو عنوان الكتاب، بل تعدى ذلك ليتناول المشكل.
(1)
انظر: مختلف الحديث لأسامة الخياط (37)، ومختلف الحديث بين الفقهاء والمحدثين للدكتور نافذ حسين حماد (15 - 16)، ومنهج التوفيق والترجيح بين مختلف الحديث للدكتور عبد المجيد السوسوة (56).
(2)
انظر: مختلف الحديث للدكتور أسامة الخياط (37 - 44)، ومختلف الحديث للدكتور نافذ حسين حماد (15 - 17)، ومنهج التوفيق والترجيح بين مختلف الحديث (56 - 58).
(3)
هو الإمام العلم حبر الأمة أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان الشافعي القرشي المطلبي كان حافظًا للحديث بصيرًا بعلله، عالمًا بالفقه وأصوله، ذا معرفة بكلام العرب واللغة والعربية والشعر، تتلمذ على الإمام مالك، وكان أول من تكلم في أصول الفقه، توفي رحمه الله بمصر سنة (204 هـ)، وله عدة مصنفات منها: الأم في الفقه، والرسالة، واختلاف الحديث. [انظر: تاريخ بغداد (2/ 54)، ووفيات الأعيان (4/ 21)، وتذكرة الحفاظ (1/ 361)، وشذرات الذهب (2/ 9)].
(4)
انظر: الرسالة المستطرفة للكتاني (123)، وأصول الحديث للدكتور محمد عجاج الخطيب (295)، ومختلف الحديث للدكتور أسامة الخياط (44)، ومختلف الحديث للدكتور نافذ حسين حماد (16 - 17).