المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال - أحاديث العقيدة المتوهم إشكالها في الصحيحين جمعا ودراسة

[سليمان بن محمد الدبيخي]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌خطة البحث:

- ‌منهج البحث:

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: تعريف المشكل وبيان الفرق بينه وبين المختلف

- ‌أولًا: تعريف المشكل في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ -المشكل في اللغة:

- ‌ب - مشكل الحديث في اصطلاح المحدثين

- ‌ثانيًا: تعريف مختلف الحديث في اللغة والاصطلاح:

- ‌أ- فالمختلف في اللغة:

- ‌ب - مختلف الحديث اصطلاحًا:

- ‌ثالثًا: الفرق بين مشكل الحديث ومختلف الحديث:

- ‌المبحث الثاني: التعريف بأشهر المؤلفات في مشكل الحديث

- ‌1 - كتاب (اختلاف الحديث) للإمام الشافعي رحمه الله تعالى:

- ‌2 - كتاب (تأويل مختلف الحديث) لابن قتيبة رحمه الله تعالى:

- ‌3 - كتاب (مشكل الآثار)(5)للطحاوي رحمه الله تعالى:

- ‌4 - تأويل الأحاديث المشكلة(3)لأبي الحسن الطبري

- ‌5).5 -كتاب (مشكل الحديث وبيانه) لابن فورك(6)رحمه الله تعالى:

- ‌6 - كشف المشكل من حديث الصحيحين لابن الجوزي

- ‌المبحث الثالث: ظواهر الكتاب والسنة كلها حق

- ‌المبحث الرابع: العمل بالمحكم والإيمان بالمتشابه

- ‌فأولًا: معنى المحكم والمتشابه في اللغة وفي الاصطلاح:

- ‌المحكم في اللغة:

- ‌وأما المتشابه في اللغة:

- ‌ثانيًا: علاقة المشكل بالمتشابه:

- ‌ثالثًا: عمل السلف بهذه القاعدة:

- ‌رابعًا: الوضوح والإشكال في النصوص من الأمور النسبية:

- ‌خامسًا: هل صفات الله تعالى من قبيل المتشابه

- ‌سادسًا: أسباب استشكال النصوص، أو الاشتباه فيها:

- ‌المبحث الخامس: ترجمة موجزة للبخاري ومسلم عليهما رحمة الله

- ‌أولًا: الإمام البخاري رحمه الله تعالى:

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌ثانيًا: الإمام مسلم رحمه الله تعالى

- ‌ثناء العلماء عليه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌المبحث السادس: مكانة الصحيحين عند الأمة

- ‌مآخذ بعض أهل العلم على هذين الكتابين:

- ‌الباب الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب الإيمان بالله تعالى

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في الأسماء والصفات

- ‌التمهيدبيان عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات

- ‌المبحث الأول: (خلق الله آدم على صورته)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌وبيان فساده من وجوه:

- ‌المطلب الرابع: في بيان معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (فيأتيهم الله في صورة غير صورته التي يعرفون)

- ‌المبحث الثاني: (وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: (إن لله تسعة وتسعين اسمًا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المسألة الأولي: في معنى الإحصاء الوارد في الحديث:

- ‌المسألة الثانية: هل يمكن معرفة الأسماء الحسنى، التسعة والتسعين علي وجه التعيين

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الرابع: (فإن الله لا يمل حتى تملوا)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: (مرضت فلم تعدني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث السادس: (ما أحد أصبر على أذى سمعه من الله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌والفرق بين الصبر والحلم:

- ‌المبحث السابع: (ما ترددت عن شيء أنا فاعله

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مسألة: في بيان معنى قوله في الحديث السابق: (فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها)

- ‌المبحث الثامن: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث التاسع: (يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث العاشر: (الرحم شجنة من الرحمن)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الحادي عشر: (فإذا مت فأحرقوني ثم اسحقوني)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌الفصل الثانى: الأحاديث المتوهم إشكالها في القدر

- ‌المبحث الأول: (حج آدم موسى)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: (خلق الله التربة يوم السبت)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث الثالث: (لا يُدخِل أحدًا الجنةَ عملُه)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثاني: الأحاديث المتوهم إشكالها في باب النبوة

- ‌المبحث الأول: (نحن أحق بالشك من إبراهيم)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثاني: ما جاء في سحر النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌ومن أدلة السنة على حقيقة السحر وأثره:

- ‌مناقشة أدلة النافين لحقيقة السحر، وتأثر النبي صلى الله عليه وسلم به:

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في إرسال الشهب على الشياطين

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الرابع: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل) مع قول أبي هريرة: (أوصاني خليلي بثلاث)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: حديث شريك في الإسراء

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌الخلاصة:

- ‌المبحث السادس: لطم موسى عليه السلام لملك الموت

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث السابع: (اسمعوا وأطيعوا، وإن استُعمل عليكم عبد حبشي) مع قوله: (لا يزال هذا الأمر في قريش

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم فى هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الباب الثالث: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة والمعاد

- ‌الفصل الأول: الأحاديث المتوهم إشكالها في أشراط الساعة

- ‌المبحث الأول: (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين. . .)، مع قوله: (لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثاني: (إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الثالث: ما جاء في طواف الدجال بالبيت، مع ما ورد من أنه لا يدخل مكة ولا المدينة

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (لا تقوم الساعة حتى. . . يتقارب الزمان)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المبحث الخامس: (إذا ولدت الأمة ربها)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الفصل الثاني: الأحايث المتوهم إشكالها في المعاد

- ‌المبحث الأول: أحاديث الميزان، في ما الذي يوزن

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الاشكال

- ‌بيان وجه الاشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌إشكال وجوابه:

- ‌المبحث الثاني: (إن أشد الناس عذابًا عند الله يوم القيامة المصوَّرون)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌مناقشة الأقوال المرجوحة:

- ‌المبحث الثالث: (طوبى له عصفور من عصافير الجنة)

- ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌واستدل الجمهور على هذا القول بأدلة كثيرة، منها:

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الرابع: (وإن ناسًا من أصحابي يؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول: أصحابي أصحابي، فيقول: إنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم)

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث الخامس: شفاعته صلى الله عليه وسلم لعمه أبي طالب

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها و‌‌بيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثاني: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌المبحث السادس: ما جاء في سماع الأموات

- ‌المطلب الأول: سياق الأحاديث المتوهم إشكالها وبيان وجه الإشكال

- ‌بيان وجه الإشكال

- ‌المطلب الثانى: أقوال أهل العلم في هذا الإشكال

- ‌المطلب الثالث: الترجيح

- ‌الخاتمة

- ‌فهرس‌‌ المصادر والمراجع

- ‌ ا

- ‌ب

- ‌ت

- ‌ج

- ‌ث

- ‌ ح

- ‌ د

- ‌ر

- ‌ ذ

- ‌س

- ‌ز

- ‌ش

- ‌ ص

- ‌ ض

- ‌ع

- ‌ط

- ‌ظ

- ‌غ

- ‌ف

- ‌ق

- ‌ك

- ‌ل

- ‌م

- ‌ن

- ‌هـ

- ‌ؤ

الفصل: ‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

‌المطلب الأول: سياق الحديث المتوهم إشكاله وبيان وجه الإشكال

جاء حديث الإسراء من عدة طرق عن أنس رضي الله عنه، فجاء من طريق ثابت البناني والزهري وقتادة وشريك، وقد تفرد شريك بأشياء لم يذكرها غيره ممن روى الحديث عن أنس رضي الله عنه، وفيما يلي أسوق هذه الطرق، مؤخرًا طريق شريك، حتى يظهر الفرق بينه وبين باقي الطرق:

أولًا: طريق قتادة: حدث قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به: (بينما أنا في الحطيم

(1)

، وربما قال: في الحِجْر

(2)

(3)

مضطجعًا، إذ أتاني

(1)

قال ابن حجر في الفتح (7/ 204): "المراد بالحطيم هنا: الحجر"، وانظر: أعلام الحديث (3/ 1679).

(2)

الشك من قتادة، كما بينته رواية أحمد في المسند (29/ 374) ح (17835)، ولفظها: (بينما أنا في الحطيم، وربما قال: قتادة في الحجر

)، وانظر: الفتح (7/ 204).

(3)

وفي رواية له في الصحيحن: (بينا أنا عند البيت)، وفي رواية شريك -ستأتي قريبًا-:(أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة)، ولا تعارض بين هذه الروايات لأن الحجر جزء من مسجد الكعبة، الذي هو البيت، فتحمل الرواية العامة -البيت- على الرواية الخاصة، وهو كونه في الحجر.

وفي رواية الزهري -ستأتي قريبًا- أن الإسراء كان من بيته، حيث جاء فيها:(فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل صلى الله عليه وسلم)، والجمع بينها وبين ما تقدم: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيته بمكة، فأُخذ من هناك إلى الحجر، ومنه أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويؤيد هذا الجمع ما وقع في مرسل الحسن عند ابن إسحاق:"أن جبريل أتاه فأخرجه إلى المسجد فأركبه البراق".

وما قيل -غير ما تقدم- في تحديد المكان الذي أُسري بالنبي صلى الله عليه وسلم منه -كالقول =

ص: 482

آتٍ

(1)

فَقَدَّ

(2)

- قال: وسمعته يقول

(3)

: فشق -ما بين هذه إلى هذه- فقلت للجارود وهو إلى جنبي: ما يعني به؟ قال: من ثُغْرة نحره إلى شعرته

(4)

، وسمعته يقول: من قَصِّهِ

(5)

إلى شِعْرَته -فاستخرج قلبي، ثم أُتيت بطست

(6)

من ذهب مملوءة إيمانًا، فغُسِل قلبي، ثم حُشِي، ثم أُعِيد، ثم أُتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض- فقال له الجارود: هو البراق يا أبا حمزة؟ قال أنس: نعم -يضع خَطْوَهُ عند أقصى طرْفه

(7)

، فحُمِلت عليه، فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال محمد، قيل: وقد أرسل إليه

(8)

؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به

= بأنه أُسري به من بيت أم هانئ - فهو مبني على روايات ضعيفة، لا تقوم بها حجة، والله أعلم. [انظر: الحجة في بيان المحجة (1/ 535، 539)، والفتح (7/ 204)، والإسراء والمعراج ومسائل العقيدة فيهما (1/ 148 - 151) رسالة ماجستير -غير مطبوعة- لعمر القرموشي، وقد استفدت منها في هذه المسألة].

(1)

هو جبريل عليه السلام، وقد صرحت به رواية شريك الآتية قريبًا، وانظر: الفتح (7/ 204).

(2)

أي: قطع، من القد، وهو: القطع [انظر: أعلام الحديث (3/ 1679)، وشرح السنة للبغوي (13/ 342)].

(3)

القائل: قتادة، والمقول عنه أنس، كما صرحت به رواية أحمد (29/ 374)، وانظر: الفتح (7/ 204).

(4)

من ثغرة، بضم المثلثة وسكون المعجمة، وهي: الموضع المنخفض الذي بين الترقوتين، وقوله:(شعرته) أي: شعر العانة، وفي رواية مسلم:(إلى أسفل بطنه). [انظر: الفتح (7/ 204)، وتفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي (138)].

(5)

"بفتح القاف وتشديد المهملة، أي: رأس صدره" الفتح (7/ 204)، وانظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي (138)، وشرح السنة (13/ 342)، والمجموع المغيث (3/ 714).

(6)

"إناء معروف، وخص بذلك لأنه آلة الغسل عرفًا" الفتح (1/ 460).

(7)

"أي: يضع رجله عند منتهى ما يرى بصره" الفتح (7/ 206).

(8)

أي: للعروج، وليس المراد: أصل البعث والرسالة، لأن أمر بعثه رسولًا مشتهر =

ص: 483

فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خَلَصْت فإذا فيها آدم

(1)

، فقال: هذا أبوك آدم فسلِّمْ عليه، فسلمت عليه، فرد السلام ثم قال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت إذا يحيى وعيسى، وهما ابنا الخالة، قال: هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، فسلمت، فردا ثم قالا: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت إذا يوسف، قال: هذا يوسف فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل، ومن معك؟ قال محمد، قيل، أَوَ قد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، ففتح، فلما خلصت إلى إدريس قال: هذا إدريس فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة

= لا يخفى، ويدل على هذا: قوله: (إليه)[انظر: أعلام الحديث (1/ 347)، و (3/ 1679)، وشرح النووي على مسلم (2/ 571)، وفتح الباري (1/ 461)، و (7/ 209)].

(1)

قال ابن تيمية في الفتاوى (4/ 328 - 329): "وأما رؤيته الأنبياء ليلة المعراج في السماء

فهذا رأى أرواحهم مصورة في صور أبدانهم، وقد قال بعض الناس: لعله رأى نفس الأجساد المدفونة في القبور، وهذا ليس بشيء، لكن عيسى صعد إلى السماء بروحه وجسده، وكذلك قد قيل في إدرس، وأما إبراهيم وموسى وغيرهما فهم مدفونون في الأرض".

وقال ابن رجب في الفتح (2/ 317): "والذي رآه في السماء من الأنبياء عليهم السلام إنما هو أرواحهم، إلا عيسى عليه السلام، فإنه رفع بجسده إلى السماء"[وانظر: المحلى (1/ 44)، وإبطال التأويلات (1/ 123)، وزاد المعاد (3/ 40 - 41)، والروح (66) كلاهما لابن القيم، والفتح (7/ 110، 212)].

ص: 484

فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت فإذا هارون، قال: هذا هارون فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح، ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: من معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قال: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت فإذا موسى، قال: هذا موسى فسلم عليه، فسلمت عليه، فرد ثم قال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح، فلما تجاوزت بكى، قيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي لأن غلامًا بعث بعدي يدخل الجنةَ من أمته أكثرُ ممن يدخلها من أمتي، ثم صعد بي إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، قال: مرحبًا به فنعم المجيء جاء، فلما خلصت فإذا إبراهيم، قال: هذا أبوك فسلم عليه، قال: فسلمت عليه، فرد السلام قال: مرحبًا بالابن الصالح والنبي الصالح، ثم رُفِعَت لي سدرة المنتهى

(1)

، فإذا نَبِقُها

(2)

مثل قِلَال هَجَر

(3)

، وإذا ورقها مثل آذان الفِيَلة، قال: هذه سدرة المنتهى، وإذا أربعة أنهار: نهران

(1)

جاء في سبب تسميتها بالمنتهى ما أورده مسلم في صحيحه (3/ 5) ح (173) من حديث عبد الله بن مسعود أنه قال: (إليها ينتهي ما يُعرج به من الأرض فيقبض منها، وإليها ينتهي ما يُهبط به من فوقها فيقبض منها)، وانظر: فتح الباري (7/ 212 - 213).

(2)

"هو ثمر السدر" الفتح (7/ 213).

(3)

القلال: الجرار، يريد أن ثمرها في الوفور والكِبَر مثل القلال. [انظر: أعلام الحديث (3/ 1680)، والفتح (7/ 213)]. وهجر: المشهور عند الإطلاق: هجر البحرين، فقيل إن هذه القلال كانت تجلب منها إلى المدينة، وقيل: بل عُملت هذه القلال بالمدينة على مثل قلال هجر، وقيل: هجر: قرية قرب المدينة، تُعمل فيها القلال، وليست هجر البحرين، [انظر: معجم البلدان (5/ 393)، والنهاية في غريب الحديث (4/ 104)، والمعالم الأثيرة في السنة والسيرة، لمحمد محمد شراب (293)].

ص: 485

باطنان ونهران ظاهران، فقلت: ما هذان يا جبريل؟ قال: أما الباطنان فنهران في الجنة، وأما الظاهران فالنيل والفرات

(1)

، ثم رفع لي البيت المعمور، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل، فأخذت اللبن، فقال: هي الفطرة التي أنت عليها وأمتك، ثم فرضت علي الصلوات: خمسين صلاةً كل يوم، فرجعت فمررت على موسى، فقال: بمَ أمرت؟ قال: أمرت بخمسين صلاةً كل يوم، قال: إن أمتك لا

(1)

قال القاضي عياض في الإكمال (1/ 503): يشعر هذا أن أصل سدرة المنتهى في الأرض، لخروج النيل والفرات من أصلها. وتعقبه النووي في شرحه على مسلم (2/ 580) فقال:"قلت: هذا الذي قاله ليس بلازم، بل معناه: أن الأنهار تخرج من أصلها، ثم تسير حيث أراد الله تعالى حتى تخرج من الأرض وتسير فيها، وهذا لا يمنعه عقل ولا شرع، وهو ظاهر الحديث، فوجب المصير إليه، والله أعلم"، وقال في موضع آخر:"الأصح أنها على ظاهرها، وأن لها مادة من الجنة، والجنة مخلوقة موجودة اليوم عند أهل السنة"[شرح النووي على مسلم (17/ 183)، وانظر: إكمال المعلم (8/ 372)، والمفهم (7/ 186)].

وبمثل هذا القول قال ابن حزم وابن حجر [انظر: الفصل (1/ 143)، والفتح (7/ 214)].

- وقيل: إن هذا ضرب مثل. [انظر شرح كتاب التوحيد للغنيمان (2/ 450 - 451)].

- وقيل: بل هو تشبيه لها بأنهار الجنة لما فيها من العذوبة والبركة. [انظر: المفهم (1/ 391)، و (7/ 186)].

- وقيل: إنهما أُنزلا من الجنة إلى الأرض، وسيُرفعان عند رفع القرآن، واستشهدوا بقوله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ (18)} [انظر: الروض الأنف (2/ 150)، وإكمال إكمال المعلم (1/ 524)].

- والمتعين حمل الحديث على ظاهره، والإيمان به كما جاء، دون التعرض لكيفية ذلك، وقد ثبت في صحيح مسلم (17/ 183) ح (2839) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(سيحان وجيحان والفرات والنيل كلٌ من أنهار الجنة)، وما ذكره النووي غير ممتنع في قدرة الله تعالى، والله أعلم.

ص: 486

تستطيع خمسين صلاةً كل يوم، وإني والله قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فرجعت فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فوضع عني عشرًا، فرجعت إلى موسى فقال مثله، فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم، فرجعت فقال مثله، فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم، فرجعت إلى موسى فقال: بمَ أمرت؟ قلت: أمرت بخمس صلوات كل يوم، قال: إن أمتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم، وإني قد جربت الناس قبلك، وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال: سألت ربي حتى استحييت، ولكن أرضى وأسلِّم، قال: فلما جاوزت نادى منادٍ: أمضيتُ فريضتي وخففت عن عبادي)، متفق عليه

(1)

.

ثانيًا: طريق ثابت البناني: حدث ثابت البناني عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل، فوق الحمار ودون البغل، يضع حافره عند منتهى طرْفه، قال: فركبته حتى أتيت بيت المقدس، قال: فربطته بالحلقة التي يربط به الأنبياء، قال: ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين، ثم خرجت، فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن، فاخترت اللبن، فقال جبريل عليه السلام: اخترت الفطرة، ثم عرج بنا إلى السماء

(2)

،

(1)

البخاري في مواضع: في كتاب: فضائل الصحابة، باب: المعراج (3/ 1410) ح (3674)، وفي كتاب بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة (3/ 1173) ح (3035)، وأخرجه مختصرًا: في كتاب: الأنبياء، باب: قول الله عز وجل: {وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (9)} (3/ 1243) ح (3213)، وباب: قول الله تعالى: {ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2)} (3/ 1263) ح (3247)، وفي كتاب: الأشربة، باب: شرب اللبن (5/ 2128) ح (5278) لكنه ساقه عن أنسٍ مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فلم يذكر مالك بن صعصعة.

ومسلم: كتاب: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم (2/ 581) ح (164).

(2)

قال البيهقي في دلائل النبوة (2/ 385): "في رواية ثابت عن أنس دليل على أن =

ص: 487

فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بآدم فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الثانية، فاستفتح جبريل عليه السلام، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه: ففتح لنا، فإذا أنا بابني الخالة: عيسى ابن مريم ويحيى بن زكرياء صلوات الله عليهما، فرحبا ودعوا لي بخير، ثم عرج بي إلى السماء الثالثة، فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بيوسف عليه السلام إذا هو قد أعطي شطر الحسن، فرحب ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة، فاستفتح جبريل عليه السلام، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال محمد، قال: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بإدريس فرحب ودعا لي بخير، قال الله عز وجل:{وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)} [مريم: 57]، ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة، فاستفتح جبريل، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بهارون عليه السلام فرحب ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة، فاستفتح جبريل عليه السلام، قيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال محمد، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بموسى عليه السلام فرحب ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء السابعة، فاستفتح جبريل، فقيل: من هذا؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال محمد صلى الله عليه وسلم، قيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام مسندًا ظهره إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك لا يعودون إليه، ثم ذهب بي إلى السدرة المنتهى، وإذا ورقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كالقلال، قال: فلما غشيها من أمر الله ما غشي:

= المعراج كان ليلة أُسري به من مكة إلى بيت المقدس" قال ابن كثير في التفسير (3/ 9): "وهذا الذي قاله هو الحق الذي لا شك فيه ولا مرية".

ص: 488

تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن ينعتها من حسنها، فأوحى الله إليَّ ما أوحى، ففرض علي خمسين صلاة في كل يوم وليلة، فنزلت إلى موسى عليه السلام فقال: ما فرض ربك على أمتك؟ قلت: خمسين صلاة، قال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فإن أمتك لا يطيقون ذلك، فإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم، قال: فرجعت إلى ربي فقلت: يا رب خفف على أمتي، فحط عني خمسًا، فرجعت إلى موسى فقلت: حط عني خمسًا، قال: إن أمتك لا يطيقون ذلك، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، قال: فلم أزل أرجع بين ربي تبارك وتعالى وبين موسى عليه السلام حتى قال: يا محمد إنهن خمس صلوات كل يوم وليلة، لكل صلاة عشر، فذلك خمسون صلاة، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت له عشرًا، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئًا، فإن عملها كتبت سيئة واحدة، قال: فنزلت حتى انتهيت إلى موسى عليه السلام فأخبرته، فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فقلت: قد رجعت إلى ربي حتى استحييت منه)، رواه مسلم

(1)

.

ثالثًا: طريق ابن شهاب الزهري: عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال: كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (فُرِجَ

(2)

عن سقف بيتي وأنا بمكة، فنزل جبريل عليه السلام فَفَرَجَ صدري، ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمةً وإيمانًا، فأفرغه في صدري، ثم أطبقه، ثم أخذ بيدي فعرج بي إلى السماء الدنيا، فلما جئت إلى السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء: افتح، قال: من هذا؟ قال: هذا جبريل، قال: هل معك أحد؟ قال: نعم معي محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: أرسل إليه؟ قال: نعم، فلما فتح علونا السماء الدنيا، فإذا رجل قاعد على يمينه أسودةٌ

(3)

وعلى يساره أسودةٌ،

(1)

صحيح مسلم: كتاب: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم (2/ 567) ح (162).

(2)

أي شُقَّ وفتح. [انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (72)، وفتح الباري (1/ 460)].

(3)

أي: شخوص، وكل شخص سواد: من متاع أو إنسان أو غيره، وجمع السواد: =

ص: 489

إذا نظر قِبَلَ يمينه ضحك، وإذا نظر قِبَلَ يساره بكى، فقال: مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح، قلت لجبريل: من هذا؟ قال: هذا آدم، وهذه الأسودة عن يمينه وشماله: نسم

(1)

بنيه، فأهل اليمين منهم أهل الجنة، والأسودة التي عن شماله أهل النار، فإذا نظر عن يمينه ضحك وإذا نظر قبل شماله بكى، حتى عرج بي إلى السماء الثانية فقال لخازنها: افتح، فقال له خازنها مثل ما قال الأول، ففتح) قال أنس: فذكر أنه وجد في السموات آدم وإدريس وموسى وعيسى وإبراهيم صلوات الله عليهم، ولم يثبت كيف منازلهم، غير أنه ذكر أنه وجد آدم في السماء الدنيا، وإبراهيم في السماء السادسة، قال أنس: فلما مرَّ جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم بإدريس قال: مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح، (فقلت: من هذا؟ قال: هذا إدريس، ثم مررت بموسى فقال: مرحبًا بالنبي الصالح والأخ الصالح، قلت: من هذا؟ قال: هذا موسى، ثم مررت بعيسى فقال: مرحبًا بالأخ الصالح والنبي الصالح، قلت: من هذا؟ قال: هذا عيسى، ثم مررت بإبراهيم فقال: مرحبًا بالنبي الصالح والابن الصالح، قلت: من هذا؟ قال: هذا إبراهيم عليه السلام).

قال ابن شهاب: فأخبرني ابن حزم

(2)

: أن ابن عباس وأبا حبَّة الأنصاري كانا يقولان: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى

(3)

أسمع فيه صريف الأقلام)

(4)

، قال ابن حزم وأنس بن مالك: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

= أسودة، وجمع الجمع: أساود. [انظر: أعلام الحديث (1/ 347)، وتفسير غريب ما في الصحيحين (73، 459، 552)، وفتح الباري لابن رجب (2/ 314)].

(1)

جمع نسمة، وهي النفس، والمراد بذلك: أرواح بني آدم. [انظر: أعلام الحديث (1/ 347)، وفتح الباري لابن رجب (2/ 314)، وفتح الباري لابن حجر (1/ 461)].

(2)

هو أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم. [انظر: فتح الباري لابن رجب (2/ 318)، وفتح الباري لابن حجر (1/ 462)].

(3)

أي: صعدت لمصعد، وارتقيت لمرتقى. [انظر: أعلام الحديث (1/ 347)، وفتح الباري لابن رجب (2/ 318)، والفتح لابن حجر (1/ 462)].

(4)

أي: أصواتها حال الكتابة، والمراد: ما تكتبه الملائكة بأقلامها من أقضية الله =

ص: 490

(ففرض الله عز وجل على أمتي خمسين صلاة، فرجعت بذلك حتى مررت على موسى، فقال: ما فرض الله لك على أمتك؟ قلت: فرض خمسين صلاة، قال: فارجع إلى ربك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعني

(1)

فوضع شطرها

(2)

، فرجعت إلى موسى قلت: وضع شطرها، فقال: راجع ربك فإن أمتك لا تطيق، فراجعت فوضع شطرها، فرجعت إليه فقال: ارجع إلى ربك فإن أمتك لا تطيق ذلك، فراجعته فقال: هي خمس وهي خمسون، لا يبدل القول لدي، فرجعت إلى موسى فقال: راجع ربك، فقلت: استحييت من ربي، ثم انطلق بي حتى انتهى بي إلى سدرة المنتهى وغشيها ألوان لا أدري ما هي، ثم أدخلت الجنة، فإذا فيها حبايل

(3)

اللؤلؤ، وإذا ترابها المسك)،

= تعالى ووحيه. [انظر: أعلام الحديث (1/ 348)، والفتح لابن رجب (2/ 318)، والفتح لابن حجر (1/ 462)].

(1)

كذا في المطبوع، قال ابن حجر في الفتح (1/ 462):"وللكشميهني -أحد رواة البخاري- (فراجعت)، والمعنى واحد".

(2)

قال القاضي عياض في الإكمال (1/ 504): "الشطر في الحديث بمعنى: الجزء، لا بمعنى: النصف، وإن كان أصله النصف، فقد يُعبر به عن غير النصف، كما قالوا: أشطار الناقة، وهي أربع، وأشطار الدهر وهي كثيرة".

وقال النووي في شرحه على مسلم (2/ 578): "المراد بحط الشطر هنا: أنه حُط في مرات بمراجعات، وهذا هو الظاهر" ثم قال معقبًا على كلام القاضي: "هذا الذي قاله محتمل، ولكن لا ضرورة إليه، فإن هذا الحديث مختصر، لم يذكر فيه كرات المراجعة، والله أعلم"[وانظر: الفتح (1/ 462)].

(3)

هكذا جاءت هذه اللفظة في هذا الموضع من صحيح البخاري، وفي رواية له في كتاب الأنبياء:(جنابذ)، وهي كذلك عند مسلم.

قال الخطابي عن لفظة (حبائل)(1/ 348): "ليس بشيء، إنما هو جنابذ اللؤلؤ، يريد: قباب اللؤلؤ".

وقال القرطبي في المفهم (1/ 392): "وقع في كتاب البخاري في كتاب الصلاة: (حبائل اللؤلؤ)، وهو تصحيف".

وقال ابن رجب في الفتح (2/ 326): "والصحيح: جنابذ"[وانظر: الفتح لابن حجر (1/ 463)].

ص: 491

متفق عليه

(1)

.

رابعًا: طريق شريك بن عبد الله بن أبي نمر: حدَّث فقال: سمعت أنس بن مالك يقول: ليلة أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجد الكعبة، أنه جاءه ثلاثة نفر

(2)

قبل أن يوحى إليه، وهو نائم في المسجد الحرام، فقال أولهم: أيهم هو؟

(3)

فقال أوسطهم: هو خيرهم، فقال آخرهم: خذوا خيرهم، فكانت تلك الليلة، فلم يرهم حتى أتوه ليلة أخرى، فيما يرى قلبه وتنام عينه، ولا ينام قلبه، وكذلك الأنبياء تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم، فلم يكلموه حتى احتملوه، فوضعوه عند بئر زمزم، فتولاه منهم جبريل، فشق جبريل ما بين نحره إلى لَبَّته

(4)

، حتى فرغ من صدره وجوفه، فغسله من ماء زمزم بيده حتى أنقى جوفه، ثم أتي بطست من ذهب، فيه تور

(5)

من ذهب،

(1)

البخاري في مواضع: في كتاب: الصلاة، باب: كيف فرضت الصلوات في الإسراء (1/ 135) ح (342)، وفي كتاب: الأنبياء، باب: ذكر إدريس عليه السلام (3/ 1217) ح (3164)، وأخرجه مختصرًا في كتاب الحج، باب: ما جاء في زمزم (2/ 589) ح (1555).

ومسلم: كتاب: الإيمان، باب: الإسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم (2/ 576) ح (163).

(2)

هم من الملائكة، وجاء تسمية اثنين منهما، وهما: جبريل وميكائيل. [انظر: الفتح (13/ 480)].

(3)

قال الحافظ في الفتح (13/ 480): "فيه إشعار بأنه كان نائمًا بين جماعة أقلهم اثنان، وقد جاء أنه كان نائمًا معه حينئذٍ: حمزة بن عبد المطلب: عمه، وجعفر بن أبي طالب: ابن عمه".

(4)

قال في الفتح (13/ 481): "بفتح اللام وتشديد الموحدة، وهي: موضع القلادة من الصدر، ومن هناك تنحر الإبل"[وانظر: النهاية في غريب الحديث (4/ 223)].

(5)

التور: قيل: هو آنية كالقدح يكون من الحجارة، وقيل: إناء يُشرب منه، وقيل: هو الطست، وقيل: يشبه الطست، وقيل: هو مثل القدر يكون من صفر أو حجارة، وقد يُتوضأ منه. [انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين (118، 136)، والنهاية في غريب الحديث (1/ 199)، والفتح (1/ 291)].

قال ابن حجر في الفتح (1/ 303) عن قوله في هذا الحديث: (ثم أتي بطست من =

ص: 492

محشوًا إيمانًا وحكمةً، فحشا به صدره ولَغَادِيْدُه -يعني: عروق حلقه- ثم أطبقه، ثم عرج به إلى السماء الدنيا، فضرب بابًا من أبوابها فناداه أهل السماء: من هذا؟ فقال: جبريل، قالوا: ومن معك؟ قال: معي محمد، قال: وقد بعث؟ قال: نعم، قالوا: فمرحبًا به وأهلًا، فيستبشر به أهل السماء، لا يعلم أهل السماء بما يريد الله به في الأرض حتى يعلمهم، فوجد في السماء الدنيا آدم، فقال له جبريل: هذا أبوك فسلم عليه، فسلم عليه، ورد عليه آدم وقال: مرحبًا وأهلًا بابني، نِعْم الابن أنت، فإذا هو في السماء الدنيا بنهرين يَطَّرِدان، فقال:(ما هذان النهران يا جبريل؟ ) قال: هذا النيل والفرات عُنْصُرُهُمَا

(1)

، ثم مضى به في السماء، فإذا هو بنهر آخر عليه قصر من لؤلؤ وزَبَرْجَد، فضرب يده فإذا هو

(2)

مسك أَذْفَر، قال:(ما هذا يا جبريل؟ ) قال: هذا الكوثر الذي خبأ لك ربك، ثم عرج به إلى السماء الثانية، فقالت الملائكة له مثل ما قالت له الأولى: من هذا؟ قال: جبريل، قالوا: ومن معك؟ قال: محمد صلى الله عليه وسلم، قالوا: وقد بعث إليه؟ قال: نعم، قالوا: مرحبًا به وأهلًا، ثم عرج به إلى السماء الثالثة، وقالوا له مثل ما قالت الأولى والثانية، ثم عرج به إلى الرابعة فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به إلى السماء الخامسة فقالوا مثل ذلك، ثم عرج به إلى السماء السادسة فقالوا له مثل ذلك، ثم عرج به إلى السماء السابعة فقالوا له مثل ذلك، كل سماء فيها أنبياء قد سمَّاهم، فَوَعَيْت منهم إدريس في الثانية، وهارون في الرابعة، وآخر في الخامسة لم أحفظ اسمه، وإبراهيم في السادسة، وموسى في السابعة بتفضيل كلام الله، فقال موسى: رب لم أظن أن ترفع علي

= ذهب، فيه تور من ذهب):"ظاهره المغايرة بينهما، ويحتمل الترادف، وكأن الطست أكبر من التور"، وانظر ص (510) من هذا البحث.

(1)

العنصر هو: الأصل. [انظر: المجموع المغيث (2/ 511)، والنهاية في غريب الحديث (3/ 309)، والفتح (13/ 482)].

(2)

قال في الفتح (13/ 482): " (فضرب يده) أي: في النهر (فإذا هو) أي: طينه".

ص: 493

أحدًا، ثم علا به فوق ذلك بما لا يعلمه إلا الله، حتى جاء سدرة المنتهى، ودنا الجبار رب العزة فتدلى

(1)

، حتى كان منه قاب قوسين أو أدنى، فأوحى الله فيما أوحى إليه: خمسين صلاة على أمتك كل يوم وليلة، ثم هبط حتى بلغ موسى، فاحتبسه موسى فقال: يا محمد، ماذا عهد إليك ربك؟ قال:(عهد إلي خمسين صلاة كل يوم وليلة)، قال: إن أمتك لا تستطيع ذلك، فارجع فليخفف عنك ربك وعنهم، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل كأنه يستشيره في ذلك، فأشار إليه جبريل أن نعم إن شئت، فعلا به إلى الجبار فقال، وهو مكانه:(يا رب، خفف عنا فإن أمتي لا تستطيع هذا)، فوضع عنه عشر صلوات، ثم رجع إلى موسى فاحتبسه، فلم يزل يردده موسى إلى ربه حتى صارت إلى خمس صلوات، ثم احتبسه موسى عند الخمس فقال: يا محمد والله لقد راودت بني إسرائيل -قومي- على أدنى من هذا فضعفوا فتركوه، فأمتك أضعف أجسادًا وقلوبًا وأبدانًا وأبصارًا وأسماعًا، فارجع فليخفف عنك ربك، كل ذلك يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم إلى جبريل ليشير عليه، ولا يكره ذلك جبريل، فرفعه عند الخامسة فقال:(يا رب، إن أمتي ضعفاء أجسادهم وقلوبهم وأسماعهم وأبصارهم وأبدانهم فخفف عنا)، فقال الجبار: يا محمد، قال:(لبيك وسعديك)، قال: إنه لا يبدل القول لدي، كما فرضت عليك في أم الكتاب، قال: فكل حسنة بعشر أمثالها، فهي خمسون في أم الكتاب وهي خمس عليك، فرجع إلى موسى فقال: كيف فعلت؟ فقال: (خفف عنا أعطانا بكل حسنة عشر أمثالها)، قال

(1)

التدلي معناه: الدنو والزيادة في القرب، قال ابن فارس في المعجم (2/ 293) مادة (دلى):"الدال واللام والحرف المعتل: أصل يدل على مقاربة الشيء ومداناته بسهولة ورفق".

وقال الزجاج في معاني القرآن (5/ 70): "معنى دنا وتدلى: واحد، لأن المعنى: أنه قرب، وتدلى أي: زاد في القرب"[وانظر: تهذيب اللغة (14/ 122) مادة (دلا)، والمفردات للراغب (317)، والفتح (13/ 484)].

ص: 494